تحتفل إدارة متاحف الشارقة بالمسيرة الحافلة التي شهدها واحد من أبرز الفنانين المرموقين بإقامة معرض جديد لتكريمه في متحف الشارقة للفنون خلال هذا الشهر.
وكان الفنان الراحل الدكتور عبد الكريم السيد (1945 - 2015) قد أدى دورًا بارزًا في تطوير المشهد الفني في دولة الإمارات منذ عام 1970 من خلال دوره كفنان مبدع ومؤلف وناقد فني.
ويستمر الحدث الذي يقام تحت عنوان: "علامات فارقة: عبد الكريم السيد" من 30 أكتوبر إلى 17 ديسمبر، 2016، كما يستعرض المراحل المتعددة التي مر بها الفنان الفلسطيني خلال مسيرته الفنية الطويلة والحافلة بالإنجازات.
وفي تصريح لها، قالت سعادة منال عطايا، مدير عام إدارة متاحف الشارقة: "شهدت سلسلة علامات فارقة على مدار السنوات السبع الماضية نجاحاً هائلًا وساهمت في تعريف المجتمع بأهم الأسماء في مجال الفنون في العالم العربي".
وأضافت: " كما حظي الدكتور عبد الكريم باحترام هائل كفنان ومؤلف إضافة إلى دوره المؤثر في الأجيال الشابة من الفنانين في الإمارات. ونحن بلا شك فخورون بالاحتفال بأعماله الفنية".
وينقسم المعرض إلى عدة أقسام، يركز كل منها على مرحلة مختلفة من المسيرة الفنية التي مر بها الفنان الدكتور عبد الكريم السيد. ويتضمن القسم الأول مجموعة من المخطوطات، معظمها على أوراق الوصفات الطبية، والتي تعكس الارتباط بين عمله كطبيب والأعمال الفنية والرسومات التي نفذها خلال مسيرته الفنية من مستهل سبعينيات القرن الماضي.
ومع بداية الثمانينيات، انتقل التركيز إلى رؤيته للانتفاضة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في وطنه فلسطين، إلى جانب القضايا السياسية والاجتماعية الأخرى على نطاق أوسع في فلسطين. وقد شهدت هذه المرحلة تطور أسلوبه باستخدام السكين في الرسم لمزج الألوان وإحداث درجات لونية وظلال متضادة على خلفية داكنة. وخلال هذه الفترة استكشف المواضيع المتأصلة في النفس الإنسانية.
وإلى جانب استمرار التزامه بالقضية الفلسطينية، فضّل الدكتور السيد في تسعينيات القرن الماضي الاعتماد على ألوان أكثر إشراقًا. ومن خلال استلهام مواضيع من الطبيعة المحيطة به في إمارة الشارقة والتي كان يسميها بيته الثاني، قدم الفنان مجموعة "رسالة حب إلى الشارقة" والتي تضمنت لوحات بالألوان المائية لمناظر لها مكانة تاريخية وتراثية وجمالية. وقد ركز آنذاك على عناصر ورموز مثل شجرة النخيل، وهو ما أبرز تأثره بالبيئة المحيطة به أثناء إقامته في الشارقة، أو الفترة التي أمضاها في العراق عندما كان يتابع دراسته في كلية الطب، في جامعة بغداد، خلال سبعينيات القرن الماضي.
وفي المرحلة التالية من مسيرته الفنية، عمل الدكتور عبد الكريم السيد لعدة سنوات على مجموعة "مدينة الحلم" والتي غلبت عليها نظرة صوفية لا تخلو من بعد فكري وواقعي أملته الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة العربية بشكل عام، وفلسطين على وجه الخصوص.
كما يتضمن المعرض أيضًا عددًا من اللوحات التي صور فيها زوجته الفنانة رحاب صيدم، إضافة إلى عدد من الأعمال التجريدية من سلسلة "تحولات الطبيعة". كما تتضمن الأعمال الأخرى رسومات يصور فيها المدن الفلسطينية مثل غزة وأريحا وعكا وطبرية، إضافة على عدد من الأعمال المختارة من مجموعة تحمل اسم "ربيع وطني"، والتي تمثل استمرارًا لمجموعة "مدينة الحلم"، ولكنها تمثل تصورًا أكثر أملًا لفلسطين.
وأضافت عطايا بقولها: "رغم أن عبد الكريم السيد قد تأثر بالعديد من الحركات الفنية المختلفة، فقد قدم لنا أسلوبًا فريداً خاصًا به. ونحن على ثقة من أن محبي الفنون سيحتفون بأعماله ويمنحونها التقدير الذي تستحقه".
ينظم معرض علامات فارقة: عبد الكريم السيد" بالتعاون ما بين إدارة متاحف الشارقة، ودائرة الشارقة للثقافة والإعلام، وبدعم من جمعية الإمارات للفنون الجميلة.
وكانت النسخة السابقة من سلسلة علامات فارقة قد سلطت الضوء على الفنان المصري المتميز جورج بهجوري، وأقيمت ما بين نوفمبر وديسمبر من العام الماضي، وتضمنت أكثر من 90 عملًا يعود تاريخ بعضها إلى خمسينيات القرن الماضي عندما كان بهجوري طالبًا.