لقاء خاص مع نايلة تويني الصحفية المتميّزة والأم المتفانية

تتعرّف Elle Arabia إلى شخصية الرئيسة التنفيذيّة المتميّزة لصحيفة النهار اللبنانية، نايلة تويني. تتحدّث الصحفيّة من الجيل الرابع، والعضو السابق في البرلمان، والأم المتفانية عن مسؤولية الحفاظ على مؤسسة وطنيّة في طليعة التكنولوجيا، والتحدّيات التي تواجه الصناعة، وقيمة التعلّم من الأخطاء، وغير ذلك الكثير...

 

ELLE Arabia: حدّثينا عن نفسك، وعن الصعوبات التي واجهتكِ على الصعيد الشخصي؟

نايلة تويني: وُلدت وعشت في منزل صحافي وسياسي ومنخرط جداً بالثقافة والديبلوماسيّة. كلّ هذه الجوانب تدفع بالإنسان نحو التعلّق بمهنة الصحافة، وكنت أحبّ هذا العمل عند متابعتي لعمل جدّي ووالدي ومرافقتي لهما إلى الصحيفة. وُلد الشغف عندي، وتخصّصت بالصحافة في الجامعة اللبنانية قبل أن أكمل دراساتي العليا في استراتيجيات التفاوض الديبلوماسي في جامعة باريس. خضعت لتدريب في جريدة "النهار" كأيّ صحافي يدخل هذه المؤسّسة. ومع اغتيال والدي جبران عام ٢٠٠٥، تغيّر كلّ شيء وكان عليّ تحمّل مسؤولية مؤسّسة كبيرة كـ"النهار" وجعلها تصمد في مواجهة الاغتيال. حينها، عملت على تطوير مهارات أخرى لديّ كإدارة الأعمال للتمكّن من تطوير المؤسسة ومتابعة أيّ مشكلة قد تواجهها، ولاسيّما الأزمات الاقتصادية المتتالية ومحاولة إيجاد الحلول الملائمة.

 

بات عليّ الاهتمام بمصير صحيفة هي الأعرق في لبنان، وتملك حضوراً عربياً وازناً، وتضمّ أهمّ الصحافيين من دول مختلفة. ليس بالسهل على شابّة عمرها ٢٢ سنة أن تترأس العمل وتتعامل مع أشخاص من مختلف الأجيال. وقد واجهت "النهار" ثلاث أزمات اقتصادية، وهنا كانت المسؤولية كبيرة على عاتقي لإنقاذ المؤسّسة في ظلّ الأزمات. إنقاذ "النهار" وجعلها تستمرّ وتتطوّر كانا الهدف الأول الذي واجهت التّحديات والعراقيل من أجل تحقيقه.

 

واجهنا أزمة كورونا، في وقتٍ كان علينا تغطية الأزمات ونحن محجورون في منازلنا. واجهنا تداعيات انفجار مرفأ بيروت الذي أصاب زملاء لنا بجروح ودمّر مكاتبنا في يوم إطلاق مشروع "النهار العربي". والآن، لا نزال نواجه تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرُّ بها لبنان وهذا يمثّل تحدّياً كبيراً لي.كل هذه الأمور مثّلت تحدّياً جدّياً لادارة مؤسسة تضمّ أكثر من ٢٢٥ موظّفاً وشبكة مراسلين منتشرين في العالم.

 

ELLE Arabia: ما الذي تمكّنتِ من تحقيقه رغم هذه الصعوبات؟

نايلة تويني: خلال ١٧ عاماً لي في الجريدة، أصبح "للنهار" موقع إلكتروني ومنصّات متعدّدة على مواقع التواصل الاجتماعي، من دون الاكتفاء بالجريدة الورقية فقط. لم يكن هذا التحوّل سهلاً، خصوصاً مع الجيل القديم لإقناعهم بأهميّة هذه الخطوة، بعدما اعتادوا طيلة حياتهم على الإصدار الورقي فقط. عملت على تغيير تصميم الصحيفة مع ماريو غارسيا، أحد أهمّ مصمّمي الصحف العالميّة، وكان تحدّياً كبيراً أيضاً. وحرصت على مواكبة التحوّل الرقمي، من خلال موقع يعمل ٢٤ ساعة في اليوم، يتناول مختلف المواضيع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والصحيّة وغيرها، إضافة الى الرياضة والطبخ وإدارة الأعمال لجذب فئات كالنساء والشباب والأجيال الجديدة التي تواكب التكنولوجيا. أدخلنا الفيديو وتلفزيون الويب وأنشأنا الاستديوهات، وحرصنا على تطوير المحتوى البنّاء المتفاعل مع مواقع التواصل.

 

وعام ٢٠٢٠، عملت أيضاً على تطوير موقع "النهار العربي" الذي يضمّ أهم الكتّاب العرب، والهدف منه مخاطبة كافة الأجيال والمجتمعات العربية. ونعمل مع مختلف الهيئات والجمعيات التي تتابع قضايا هامة وهادفة كالأطفال والمرأة وذوي الحاجات وغيرها من المواضيع الخاصّة. الجوائز التي حصلنا عليها من خلال مشاريع عملنا عليها لغايات إيجابية، مثّلت نمطاً جديداً لكيفية تعامل المؤسسات الإعلامية. أذكر منها إصدار الصحيفة "الصفحة البيضاء" وإصدار النشيد والإصدار الانتخابي وغيرها، وكلّها إصدارات تحاكي التزامنا بقضايا ورسائل، وشكّلت الجوائز العالمية اعترافاً لنا بهذا الدور.

 

مشروع "النهار" الأخير "Redress Lebanon" مع مصمّم الأزياء العالمي زهير مراد كان بمثابة إنجاز، فدخلنا كمؤسّسة إعلامية عربية عالم الـ"NFT". "النهار العربي" ستعمل أيضاً على مشاريع "NFT" هادفة مع مختلف الطاقات الشبابية والفنّية العربية. هذا دليل على تطوّر المؤسسة ومواكبتها زمن Web.03 وإيمانها بضرورة دور العرب والشباب تحديداً في هذا السياق، وحالياً نحضّر لبرامج "بودكاست" و"Road show" وغيرها وهدفنا مواكبة التطوّرات والمساهمة في التفاعل أكثر مع العالم العربي.

 

ELLE Arabia: كيف يمكنك التنسيق بين حياتك العائلية والعملية والاجتماعية؟

نايلة تويني: يشكّل التنسيق بين الحياة الخاصّة والحياة المهنية تحدّياً كبيراً للمرأة، فأنا، على سبيل المثال، أحبّ اصطحاب أولادي يوميّاً إلى المدرسة، والطبخ والاهتمام بشؤون المنزل ونشاطات الأولاد كافة. التوفيق بين مسؤوليات وصعوبات العمل والمنزل أمر صعب، إلى جانب اهتمام الإنسان بنفسه وبالمناسبات الاجتماعية التي تُعدّ جزءاً أساسياً من عملي. لكنّي اعتدت الموازنة بين الأمور، وجزء من النجاح هو القيام بكل الأمور التي نحبّ أن نقوم بها، والتي يجب أن نقوم بها.

 

ELLE Arabia: ما التحدّيات التي تواجه المرأة العربية؟

نايلة تويني: هناك العديد من الصعوبات التي تواجه المرأة العربية العاملة، لكنّها أثبتت حضورها من خلال تولّيها أهمّ المناصب في السياسة والإدارات وريادة الأعمال وغيرها. على الصعيد الشخصي، واجهت العديد من الصعوبات، خصوصاً في البداية. فقد عمد كثر إلى تشبيهي بوالدي الذي أهتدي بسيرته ومبادئه، رغم إيماني بأنّ لكل شخص نمطه الخاصّ.

واجهت ضغوطاً كبيرة من خلال مواجهة أزمات مؤسستي، واليوم أصبح لزملائي ثقة تامة بي بعدما أدركوا أن كل ما أقوم به هو بمثابة مواكبة للتطوّر الكبير الذي يشهده العالم. وبالتالي على المرأة أن تؤمن بدورها وتواظب على العمل لتحقيق أحلامها وأهدافها.

 

ELLE Arabia: ما هو العامل الأهم الذي ساعدك على النجاح؟

نايلة تويني: العامل الأكبر الذي يساعد على النجاح هو الاستماع إلى الآخرين والتعلّم من تجاربهم. الثقة بالنفس ضروريّة، لكن ضمن حدود معيّنة، وللتصحيح بعد الوقوع في الأخطاء أهمّية قصوى. الحلول حاضرة دائماً رغم التحدّيات الكبيرة التي واجهتها، استمررت رغم لحظات الضعف. أؤمن بعملي وبالدور الذي وُلدت لأجله، وأقول لكل إنسان: لا حياة من دون طموح ودور، وهنا يكمن سرّ النجاح.

 

ELLE Arabia: ما نصيحتك للجيل القادم من الشابات رائدات الأعمال؟

نايلة تويني: نصيحتي للشابات الناشطات في ريادة الأعمال أن يعملن بجدٍّ على أنفسهنّ من دون تقليد الآخرين. لا ينبغي الانجرار خلف موجات "التراند" والحياة ليست ورديّة كما يصوّرها البعض، ففيها أيام جميلة وأخرى مليئة بالصعاب. قمة الفشل هي العمل على تكسير وتدمير الآخرين، والنجاح يأتي من خلال العمل على تحقيق الحلم رغم كل الصعاب والتحدّيات.

 

ELLE Arabia: مع كونكِ مشغولة باستمرار، كيف تعتنين بنفسك؟

نايلة تويني: يصل إنسان إلى مرحلة عدم القدرة على إعطاء المزيد في حال الانشغال باستمرار من دون الاهتمام بطعامه الجيّد وصحّته الجسدية والنفسية. اعتناء المرأة بنفسها وبمظهرها الخارجي ليس ليراها الناس فقط، بل لها. فهذا يساعدها على حبّ نفسها وإعطائها الطاقة الإيجابية اللازمة للاستمرار. لليوغا والسفر والقراءة والخروج مع الأصدقاء دور كبير في تطوير الإنسان وتخطّي التحدّيات المحيطة بكل واحد منّا. انطلاقاً من هنا، أعطي وقتاً لنفسي لأكون في المقابل قادرة على الاهتمام بمسؤولياتي الخاصّة والمهنيّة.

 

ELLE Arabia: كيف يمكن للنساء دعم بعضهن بعضاً في المجالات كافة؟

نايلة تويني: الدور الأساسي الذي تضطلع به المرأة هو دعمها للأخريات، من خلال تكاتف العاملات ورائدات الأعمال وربّات المنزل والمصمّمات على تعلّم أيّ مهنة جديدة. نصيحتي للمرأة هي عدم البقاء في المنزل والاعتماد كلّياً على الزوج، بل يجب أن تعمل وتشعر بدورها في البناء والإنتاج. للعائلة والأولاد أهمّية أساسية، لكنّ للمرأة دوراً كبيراً في العطاء لا يقتصر على الاهتمام بالمنزل فقط.

 

كصحافية ناجحة ورائدة، أؤمن بدوري الكبير في هذا المجال، لذلك أعمل على برنامج "بودكاست" قريباً ومشاريع عدّة لموقع "النهار العربي" من خلال جمع قضايا اجتماعية عدّة على صفحات الموقع. وأعمل على برنامج "Road show" أتواجد فيه أنا وفريق "النهار العربي" من خلال مؤتمرات وقضايا إنسانية نعمل عليها. للمرأة العربية حصّة كبيرة من محتوى الموقع في هذا العام، إلى جانب قضايا التنمية والشباب والثقافة، وكلّها بأساليب وقوالب جديدة تحاكي كل الفئات والاهتمامات.

 

 

تصوير: Mohamad Seif

تنسيق: Jony Matta

تصفيف الشعر: Wassim Morcos لدى Pace Luce

ماكياج: Hala Ajam

المزيد
back to top button