عندما يجتمع الشغف والتراث والإنسانية والتعطّش للمعرفة، فإنّ الأعمال الناتجة عنها هي من قوى الطبيعة. مع بكالوريوس وماجستير في الفنون الجميلة في جعبتها، كانت الفنانة البحرينيّة من بين النساء الرائدات في المنطقة لتشقّ طريقاً لنفسها وللآخرين في مجال الفنون. بالإضافة إلى تدريس الفن في مؤسسات مختلفة وجامعة البحرين، شغلت خلال مسيرتها المهنية أيضاً مناصب مختلفة في أقسام الفنون في المؤسسات الثقافيّة التي تحمّلت فيها مسؤوليّات تتعلّق بالنهوض بالمشهد الفني، فضلاً عن المشاركة في المعارض الفنيّة المحلية والإقليمية والدولية كمنظِّمة ومشارِكة. نفذّت مشروع Artist Residency Project في الدوحة عام ٢٠١٥، وحصلت مؤخّراً على لقب مرموق ومؤثر كمديرة عامّة لمديريّة الثقافة والفنون في هيئة البحرين للثقافة والآثار. تمّ اقتناء أعمالها من قبل العديد من المؤسسات بما في ذلك المتحف المعروف بإسم Mathaf في الدوحة، والمتحف الوطني في البحرين، والمجلس السعودي للفنون، والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة.

 

هنا، تتحدّث مع ELLE Arabia عن شغفها بالفن البصري والثقافة والتعليم والمتاحف.

 

Elle Arabia: حدّثينا عن مسيرتك المهنية ودورك كمديرة عامّة لمديرية الثقافة والفنون بهيئة البحرين للثقافة والآثار؟

الشيخة هالة آل خليفة: الشعور الأكثر إرضاءً هو أن أكون جزءاً من مؤسسة ثقافيّة ديناميكيّة، تعتني بالمشاريع والموضوعات العزيزة على قلبي. أنا محظوظة للغاية لأنّ دوري المهني يتماشى تماماً مع دوري كفنّانة، بحيث لطالما أردت المساهمة في تقدّم الفن والثقافة، وقد تمكّنت من القيام بذلك على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية. من المثير التقاط المشاريع القادمة، ورؤيتها تصبح حقيقة واقعة. تحتاج مجتمعات الفنانين، بالنسبة للفنانين القدامى والقادمين، إلى دعم المتحف والمؤسسات الثقافيّة. هذا ما يخلق دورة للحوار الإبداعي تسمح للفنانين بأن يعرضوا أعمالهم كما بالتطوّر والتقدير. أنا أيضاً متحمّسة جداً لإرساء وتعليم دور وأهميّة المتاحف، وإنّ بناء علاقة قوية مع الشباب والفن والثقافة هي أداة رائعة يمكن أن تسمح بالنمو الإبداعي لجيلنا الطالع. يتفرّع الكثير عن هذه الموضوعات، وتلك هي الثروة الحقيقيّة لمثل هذه المعرفة.

 

Elle Arabia: عن دورك في الحفاظ على التراث والتاريخ؟

الشيخة هالة آل خليفة: غالباً ما أستخدم كلمة "سبارك" شرارة المعرفة، شرارة الإبداع، وشرارة الإلهام. وفهم كثرة وتنوّع الموضوعات المتعلّقة بالتراث والتاريخ والفن القديم والمعاصر. أعتقد أنّ أي متحف قادر على جمع الناس وجعلهم يلتقون ـ والمفتاح هو إنشاء برامج محفّزة تستقطب جماهير متنوّعة. مع تدفّق هذه البرامج المختلفة، مثل المعارض، وجلسات النقاش، والحفلات الموسيقية، والجولات مع المرشدين، سيكتسب المكان الحياة وأجواء ديناميكية إيجابية.

 

Elle Arabia: عن أهمية تعزيز الشعور بالفخر والشغف بالفنون في البحرين والمنطقة؟

الشيخة هالة آل خليفة: ​​​​​​​إنّه لمن الأهمية بمكان أن نحافظ على جوهر هويّتنا، فإنّ تراثنا الملموس وغير الملموس يروي قصة فرديّتنا وتفرّدنا. أشعر أنّ كل مجتمع وبلد لديه العديد من العناصر الفريدة التي تخصّه وحده، وهذه العناصر هي التي تشكّلنا، ويمكننا إعادة النظر في هذه الموضوعات بالعديد من الطرق الإبداعيّة. أنا شخصيّاً معجبة بأي شخص مبدع، سواء كان شاعراً أو فنّاناً أو معماريّاً أو مصمّم أزياء يبحث في تراثه ويختار العناصر التي تتحدّث إليه وتخاطبه ـ وعندما تتدفّق موجات الإبداع لديه، يمكن تحويل هذه الميزات الفريدة، واتّخاذ مسار معاصر، والتحدّث إلى جمهور معاصر، وفي النهاية اكتساب الفرديّة في العمل الذي تمّ ابتداعه.

 

Elle Arabia: عمّا تتمنّين نقله للفنانين الشباب؟

الشيخة هالة آل خليفة: ​​​​​​​أعتقد أنّ أفضل ممارسة للفنان الشاب هي الاستمرار في العمل والرسم والقراءة والبحث والمراقبة. وتخصيص الوقت للتواصل مع الأشخاص داخل المجال الذي يمكنه فيه توسيع نطاق تفكيره. أيضاً، من المهم للغاية أن تكوني منفتحة على النقد، وألاّ تشعري بالإرتباط بالعمل المنتج. ففي بعض الحالات، يمكن أن يؤدّي تفكيك لوحة وإعادة رسمها إلى نتائج ممتازة. لقد اختبرت هذا بنفسي، عندما دخل صديق وفنان عزيز عليّ إلى الاستوديو الخاص بي قبل بضع سنوات، وتساءل عن اللوحة التي كنت أعمل عليها. فقد دفعني إلى تعدّي حدودي، في الطريقة التي كنت أفكّر بها في الأشكال، في الطريقة التي كنت أعمل فيها مع اللون. حتى يومنا هذا، ما زالت تعليقاته ونصائحه حيّة في ذاكرتي، وأدركت أنّ هذا النوع من الحوار مفيد للغاية. أعتقد أيضاً أنّ كتابة الأفكار ووضعها في رسومات ونصوص يمكن أن تكون أيضاً مفيدة للغاية. فيمكن أن يكون الـ "جرنال" أو المنشور نقطة انطلاق لأي شخص مبدع، ومكاناً يمكن أن يعزّز بداية أعمال جديدة.

 

Elle Arabia: عن رحلتك الشخصية كفنانة؟

الشيخة هالة آل خليفة: ​​​​​​​يكمن التحدّي في إنشاء مجموعة من الأعمال ذات صلة بحالتي الذهنيّة، أعمال لها بطريقة أو بأخرى، بيان شخصي يعبّر عنّي ويكون جزءاً مني. هناك مواضيع لازمتني لسنوات، مثل الوجوه والشخصيّات على سبيل المثال؛ أشعر أنّنا نتعلم الكثير من تعبيرات الوجوه البشرية، فأنا أستمتع بالعودة إلى الأعمال التصويرية لاستكشاف الأشكال التي لها أساس ومرجع عاطفي. أميل أيضاً إلى العمل على الأجنحة؛ بينما شغل موضوع الكراسي حيّزاً كبيراً لديّ، استكشفته في الرسم وفي أعمال الفيديو. على مرّ السنين، طوّرت أيضاً علاقة بالموضوعات التي تعتبر البحر كنقطة انطلاق ـ قباب الصيد على سبيل المثال، شيء رائع يتكرّر ظهوره على شواطئ البحرين. في موضوع أكثر إنسانية، تميل صور اللاجئين في القوارب إلى العودة إلى الأعمال التي أستكشفها، وهذه الأزمة مستمرة وكل صورة يتمّ نشرها في القنوات الإعلامية تجلب إحساساً كبيراً بالحزن، وبصفتي فنانة أجد هذه المشاهد المرعبة عندما تُترجم إلى فن يمكنه إرسال رسالة إلى المجتمعات وزيادة الوعي بهذه الأزمة الإنسانية.

 

Elle Arabia: عن أحدث أعمالك، The Hood؟

الشيخة هالة آل خليفة: ​​​​​​​مجموعة الأعمال هذه هي نتيجة فورية للأوقات الاستثنائية التي واجهناها خلال أزمة كوفيد. لقد عملت على الربط بين تقليد الصقارة بالتركيز على أغطية الرأس، وهي شيء جميل مصنوع يدويّاً يمنح الطائر إحساساً بالهدوء والحماية، وبين الكمّامات من ناحية أخرى: فقد ارتدينا أقنعة الوجه لتحقيق نفس النتيجة من أجل حماية أنفسنا من فيروس غير مرئي. أنا أؤمن بدور الفنون البصريّة التي تعكس ما تمرّ به البشرية، وقد أدّى هذا الاستكشاف إلى تفسيرات مختلفة، باستخدام غطاء الرأس كمصدر رئيسي للإلهام يعكس ما يحدث من حولنا.

 

أجوبة سريعة:

كان معرضي الأول... هو أول معرض منفرد لي في سن ١٨، لكنّ مشاركاتي الجماعيّة بدأت في سن ١٢.

أجد الإلهام... في الحياة التي أعيشها، وفي كل شيء من حولي.

الجزء المفضّل لدي من العملية الإبداعية... هو مرحلة المثاليّة Idealization Phase لمجموعة أعمالي الجديدة.

عندما لا أرسم، تجدينني... أعيش وأختبر الحياة، وأتواصل مع أحبائي، وأستمع إلى الموسيقى، وأقرأ، وأعيد ترتيب الاستوديو الخاص بي وأسافر. أعتقد أنّ الوقت الذي أمضيه بعيداً عن الرسم هو وقت لاحتضان الأفكار الجديدة. وبالنسبة لي، فإنّ هذا مهم ومثير بنفس القدر.

أغلى ممتلكاتي... هي الهدايا أو الكلمات العاطفيّة البسيطة التي أتلقّاها من الأشخاص الذين أحبّهم. الشيء الوحيد الذي لا يمكنني مقاومته... هو القهوة!

أفضل ٣ معارض او متاحف في العالم... الأكاديميّة الملكيّة للفنون Royal Academy of Arts في لندن، تيت مودرن Tate Modern في لندن ومتحف البحرين الوطني Bahrain National Museum.

بعد خمس سنوات... أتمنى أن أتمكّن من استكشاف فنّي بشكل أكبر، ومن اكتشاف مدن جديدة، وإحداث فرق في حياة شخص ما.

المزيد
back to top button