تطور القدر

مقال خفيف، هكذا تماماً على طريقة Calvino. الممثلة، وهي الوجه البارز لصناعة الأفلام الفرنسية وهي كذلك ابنة اثنين من أساطير التمثيل، تلعب اليوم دورها الأخير: وجه Maison Loewe، دار الأزياء الفاخرة، بروح دعابة كبيرة وشيء من السريالية الرقيقة. هذا ما تقوله لنا في هذا الحديث الحصري في جميع أنحاء العالم.

 

"مساء الخير، كان من المفترض أن أتصل في هذا الوقت، أليس كذلك؟ لأن رأسي دائماً في الغيوم...". هكذا تقدّم نفسها، بصوت بارع ولحظات من التردد مثل أولئك المشتّتي الذّهن. لهجتها الفرنسية قوية، وبالايطالية نادراً ما تتعثر، وتتخللها المصطلحات الرومانية التي تضفي على المحادثة روح الدعابة. تجعلك كيارا ماستروياني تبتسمين على الفور. هي بالتأكيد ليست جاثمة في برجها العاجي. وبعد العبارات الأولية التقليدية، تستفسر على الفور عن وضع الكوفيد في إيطاليا. تستمع بانتباه. ثم تبدأ بالكلام عما يحدث في فرنسا، لكنها تنقطع. أولاً، ابنها ميلو يسألها شيئاً باللغة الفرنسية، ثم ينجذب القط المتواجد في الغرفة إلى قطعة من الورق على الأرض. يمرّ بلحظة جنون نموذجية عند القطط التي تعيش في شقة. ويبدأ في الدّوران في جميع أنحاء المكان كالمجنون. "أنا آسفة"، وتبرر نفسها: "ولكن أنا في المنزل وهناك شيء من الارتباك هنا. عادةً، عندما تقومين بأيّ عمل يحتاج إلى صمت، بسحر ساحر، يحصل كلّ ما يعكّر عليك الجوّ. على أي حال، إذا كان القط يزعجك، أستطيع أن أضعه خارجاً". ليس هناك حاجة لذلك. نحن على الهاتف (أفضل من مقابلة حية في الوقت الحاضر) بسبب ارتباطها مع Loewe. كيارا، في الواقع، ليست فقط ممثلة عملت من سن السابعة مع نخبة من صانعي السينما الفرنسية وغير الفرنسية. من ليلوش إلى تيشينيه، ومن ألتمان إلى دي أوليفيرا، ومن فيغيس إلى كلير دينيس، وقبل كل شيء إلى كريستوف هو نوريه، الذي هي مصدر إلهامه. ولا داعي للتّذكير بأنّها ابنة اثنين من أعظم نجوم السينما وهما كاترين دينوف ومارسيلو ماستروياني. عبر السنوات، كانت أيضاً نموذج ووجه لعلامات تجارية شهيرة. الآن هي الفرصة لـLoewe، دار الأزياء التي تتخذ من مدريد مقراً لها، التي اختارتها لتكون الوجه الإعلامي لإصدارها لخريف وشتاء ٢٠٢٠ ـ ٢٠٢١. المصورة هي اليابانية فوميكو إيمانو، تشتهر بالصور الذاتية التي تكرر نفسها، وهي صاحبة حملة في أجواء من الغرابة، التي تتشارك فيها الممثلة مع ELLE Italia حصريّاً عبر العالم.

 

لماذا قلت نعم لـLoewe؟

لقد استمتعت بالفكرة. فوميكو إيمانو تخلق دائماً عوالم خاصة وأنا أحب صورها الساخرة والسريالية. وطلب منّي أن ألعب دور شخصية غامضة بعض الشّيء ليس واضحاً من أين أتت، أمن الماضي أو من المستقبل، شخص غامض بعض الشيء. أنا أحب عندما تجرّب الموضة نفسها، عندما تقلب الوضع الراهن.

 

كيف شعرت وأنت في موقع التّصوير؟

جيد جداً. كنا في مقر اليونسكو حيث كان سيتمّ عرض الأزياء في اليوم التالي. كان هناك أيضاً جوناثان [أندرسون، المدير الإبداعي، ملاحظة المحرر] الذي كان يضع اللمسات الأخيرة على الملابس. كانت جلسة مبهجة جداً.

 

مناخ مثالي...

وغير عادي قطّ فيما يخصّ الأزياء. أجد أن هناك القليل جدّاً من المصممين الذين يتحلّون بروح الدعابة. حصل مرة وقال لي جان بول غوتييه الذي يتحلّى بالكثير من روح الدعابة: "دعونا لا ننسى أنّنا مجرد صانعو ملابس". سيتطلب الأمر مسافة معيّنة تجعل الأمور أكثر واقعية. روح الدعابة هي كل شيء.

 

أليس هو نفسه في صناعة السينما؟

الوضع ليس جدّياً إلى هذا الحدّ. هناك ضغط أقل. صناعة الأفلام هي أكثر استرخاء، وأكثر إنسانية، وتتضمّن مخاوف أقلّ بالنّسبة لي على ما أعتقد. الموضة هي "سيرك"، فيها الكثير من المال، والكثير من الغرور، وجحافل من المؤثرين المجانين. يا إلهي، ربما أبالغ... (تضحك).

 

ولكن ما هي علاقتك بالموضة؟

إنها تهمني، لكنها سريعة جداً. أنا بطيئة ومخلصة. فما أن تصدر مجموعة حتى تـليها مجموعة جديدة من نفس العلامة التجارية. لدي أشياء وملابس لطالما ارتديتها لسنوات، وقطع أساسيّة جداً، بنطلون "جينز"، وجزمة قصيرة تصل إلى الكاحل، الأزرق الداكن، بلوزات "جيرسي" سوداء أو عسكرية، وكلها متشابهة ومن النّمط نفسه. أمّا أثناء جلسات الـصوير، أترك لنفسي العنان وأكون أكثر جرأة في خياراتي إذ أشعر بأنني أمثّل . ولكن لم يكن الأمر هكذا دائماً. عندما كنت صغيرة، كنت أشعر بالقلق عندما كان علي أن أخضع لجلسة التقاط الصور. كنت مهووسة، ربما لم يكن القياس بمعيار واحد...

 

هل أنت أكثر ثقة وشعور بالأمان الآن؟

حسناً، لحسن الحظ، العمر يجلب أشياء إيجابية أيضاً! لا أستطع أن أقول إنني مرتاحة تماماً، ولكن هذا أفضل بكثير الآن. قبل سنوات، قمت بجلسات تصوير مع مصورين مثل ليندبرغ، تيستينو، روفرزي. كنت دائماً متوتّرة، وبالتالي لم أتمتع بتلك التجارب المهمّة.

 

أعلم أنك تحبين ارتداء الملابس الرجالية...

نعم بالفعل، كثيرا جداً. أنا غالباً ما أرتدي البدلة الرسمية لأنها عندما تكون ذات قصّة جميلة يمكن أن تكون جدّ أنثوية وتعطيني شعوراً كبيراً بالأمان. لطالما أحببت النساء اللواتي يرتدين زي الرجال. عندما كنت فتاتاً، كنت مجنونة بـكاثرين هيبورن فشياكتها كانت مذهلة.

 

في مجال الأزياء، المظهر مهم. هل هو كذلك بالنسبة لك؟

من المؤكد أنه كذلك ويشكّل عبئاً كبيراً. في صور الأزياء، كل شيء يجب أن يكون مثالياً. أمّا بالنسبة إلينا كممثلات يختلف ذلك قليلاً، وقد يجوز للمرء أيضاً أن يظهر بعيب ما. شخصياً، أنا أهتم بجاذبية الشخص أكثر منه بجماله.

 

متى قررت أنك تريدين أن تصبحي ممثلة؟

عندما كنت طفلة. ولكن والدتي لم تكن تريد مني أن أتحدث حتّى عن ذلك وكان من المحرمات. ثمّ، بفضل صديق لي، بدأت أحاول. أول الأمر، لم تَجر الأمور على ما يرام، وكنت أبكي في كثير من الأحيان، ثمّ تحسّن الحال من أفضلَ إلى أفضل. كما تعرفون، أنا بطيئة.

 

أي فيلم تحبّينه أكثر؟

ربما الأخير. "في ليلة سحرية" (Chambre 212) لكريستوف أونوريه. وهو يتحدث عن امرأة ليست شابة تتمتّع بشهية جنسية قوية، تعبّر عنها دون وازع. شخصيّة ليست منحرفة على الإطلاق، ولكنها في الواقع شخصية صادقة.

 

هل تشعرين بهذه الحرية أيضاً؟

لا، بالتأكيد لا! فبطلة فيلم "أونوريه" لديها حرية غير عاديّة. ليس لديها أي رادع وتسمح لنفسها بكل شيء. وتذهب مع التّيار.

 

ماذا تفعلين لإزالة التوتر؟

لا شيء. للأسف، لا أعرف كيف أتخلص من لحظات الإحباط.

 

ومع ذلك أنت ساخرة جداً...

لا بدّ أن نكون هكذا، ألا تعتقدين؟ وإلا كيف يمكننا الإستمرار في هذه الحياة؟ والدي كان هكذا يسخر من نفسه. لقد تربيت في هذه الأجواء الخفيفة والحمد لله. وإلا، وخلاف ذلك، في عمل مثل عملي، هناك خطر أن أصبح مثل "غلوريا سوانسون" في فيلم "شارع الغروب" Sunset Boulevard.

 

فيلم رائع...

بالتأكيد، ولكنه أيضاً كابوس كل ممثل، وإنعكاس لمستقبل أسود. بعد سن معينة، "سوف ينتهي بي الأمر كما هو الحال في شارع الغروب" هو متلازمة تنتظرنا عند مفترق الطريق...

 

بماذا تفكّرين في المساء عندما لا يكون لديك شيء محدد تفعلينه؟

سؤال جيد. أنا أقرأ عادة. في هذه الفترة أقرأ "مصير وغضب" Fate and Furies للورين غروف وأنا أحاول ألا أفكّر كثيراً، وإلا فسيبدأ رأسي بالغليان، ومن هو الذي سيستطيع النوم بعد ذلك؟

 

نص أدريانا دي ليللو    

المزيد
back to top button