ياسمين حمدان لن تبقى على "حالها"

صوتها رخيم. تنطق كلامها بنوتات منخفضة. شعرها الأسود متفلت من أية تسريحة منتظمة، خصلها مبعثرة حول وجهها، على جبينها وعلى ظهرها. لا أذكر انني رأيت عينيها غير مكحّلتين بالقلم الأسودمنذ أن عرفتها. سيماؤها وكأنها عابسة ومتذمّرة تذمّر الأولاد الغنجين الذين يعبسون دون سبب مباشر إلا لكي ينالوا الرضى ممن قبالتهم. تلبس الأسود. تماماً ككحل عينيها. كلماتها متسارعة، لا تولي التفكير الكثير من الوقت، بل تجيب بعفوية تامة فيتزامن كلامها مع أفكارها المتسارعة والمتشعّبة. هي ياسمين حمدان، المغنيّة اللبنانية التي لا رأي وسطيّ بشأنها. فإما أن تحبّها وموسيقاها. وإمّا لا. نحن أحببناها، وزادت موّدتنا بعد أن رأيناها في فيلم جيم جارموش الساحر "العشاق وحدهم يبقون أحياء"، تغنّي بصفتها الحقيقية.

"كيف حططت في فيلم جيم جارموش؟" كان هذا السؤال الأول - والبديهي - الذي تبادر إلى الذهن فطرحناه. "حصل ذلك في حفل موسيقي في مراكش (المغرب) كان يجمع ما بين الموسيقيين والأدباء والمخرجين وأصحاب الفكر. أديت ثلاث أغنيات وقتها، الأمر الذي جذب انتباه جيم جارموش الذي كان يحضر الحفل"، تجيب ياسمين. "فما كان منه إلا أن اقترب مني، تعرّف عليّ وأعلن فوراً رغبته بأن اشارك في فيلمه القادم. كان ذلك في 2010. بعد سنتين اتصل بي وطلب مني أن أؤلف أغنية أؤدّيها في الفيلم. وهكذا كان!"

هكذا كان أن ألّفت المغنيّة اللبنانية أغنية "حال" للفيلم الذي يحكي قصّة مصّاصي دماء يعيشون الدهر مراراً وتكراراً، مع ما يختلج في أنفسهم من عشق وحبّ وكآبة فصراع مع منطق الخلود تجاه عالم فانٍ، تحوّل فيه الناس، نظريّاً، إلى "زومبي" أي أحياء أموات لما يعيثون في الطبيعة وفي أنفسهم خراباً وتلوّثاً. 

 وكما أن لكلّ مبدع وفنان ملهمته وحاميه، ترى ياسمين حمدان أن جيم جارموش، الممثّل الأمريكي غير الهوليوودي الصرفّ، هو "ملاكها الحارس"، الذي سقط عليها فجأة كالوحي وأعطاها فرصة ذهبية يتمناها كلّ فنان، عبر فيلمه، لكي تضع اسمها على الساحة العالمية، على أن ترتقي بعد ذلك بفنّها عالمياً.

"إنها هديةّ"، تقول حمدان عن الفرصة التي أعطيت لها. "هكذا أصف مشاركتي في الفيلم. أنا لا أظهر إلا في آخر الفيلم لا أكثر من 3 دقائق. ولكنها كانت تجربة أشركت فيها أحاسيسي كاملة. فأنا لم أؤدي دوراً هنا. بل كنت أنا نفسي، ياسمين المغنية."

وشعرنا نحن أيضاً بهذه "الهدية" المقدّمة من جارموش إلى حمدان، إذ استغربنا الأسلوب المباشر الذي كاد أن يكون ترويجاً بصريح العبارة، في بادىء الأمر، في حوار البطلين في الفيلم "آدم وإيف"، لدى سماعهما لياسمين تغنّي. "هي ياسمين، لبنانية/ إنها رائعة... أنا متأكدة بأنها ستصبح مشهورة." تقول إيف ذلك لحبيبها آدم الذي رأى وأحس لدى سماعه الأغنية ذات الإيقاع العربي المتموّج الممزوج بالموسيقى الإلكترونية، بالأمل من جديد، وكأن الحياة كتبت له ولحبيبته عبر هذه الموسيقى العربية الغريبة على مسمعهما كما على مسمع أي مستمع أجنبي. 

صوت ياسمين اعطى الأمل لمصاصي الدماء الحائرين في الوقت الأزلي، الذين انقرضوا بفعل دماء البشر الملوّث. وجيم جارموش كتب لموسيقاها أوّل الطريق نحو الخلود. فيا ناس، لا تفوّتوا فرصة حضور حفل غناء ياسمين حمدان يوم الأحد 8 يونيو/ حزيران 2014 في MusicHall , Beirut Waterfront في لبنان عند الساعة الثامنة مساء. 

قابلتها دلال حرب.

 

ياسمين حمدان في أسطر

عرفت ياسمين حمدان (38 عاما) الشهرة في لبنان في أوساط الموسيقى البديلة في أواسط التسعينات مع فريق ال"سوب كيلز" Soap Kills مع زيد حمدان، الذي كان السباق في الشرق الأوسط في إنتاج موسيقى الإيندي إلكترونيك. انتقلت بعدها ياسمين للعيش في باريس، وأصدرت ألبوم "أرابولوجي" Arabology (2009 ومن بعدها ألبومها السولو "يا ناس" Ya Nass، الذي أطلقته في أوروبا في مايو 2013، ومن ثمّ في اليابان والولايات المتحدة في أبريل الماضي. 

للمزيد من المعلومات www.yasminehamdan.com

المزيد
back to top button