أداء صالح

ما بين جولاتها العربية والأوروبية وإصدار ألبومها الجديد مع زيد حمدان، تتنقّل المغنّية مريم صالح ببراعة وهي تقود الساحة الفنّية البديلة الجديدة في مصر.

بعدما حصلت من النادل الذي يخدمها على ما يوازي أربعة إكسبريسو في فنجان واحد، تحدّثت مريم صالح للمرة الأولى باللغة الفرنسية. سياسة، ثقافة، موسيقى: نتعرّف، خلافاً لارتياحها على المسرح، إلى مثقّفة لا يخيفها الشكّ.

من دوستويفسكي إلى الشيخ إمام

في عائلة صالح، يفكّرون بالروسية ويغنّون بالعربية. ومن بين من هدهد لها على سريرها وهي صغيرة الثنائي الشيخ إمام/ أحمد فؤاد نجم، المغنّي الأعمى وكاتب أغنياته اللّذان أمضيا حوالى 12 سنة في السجن بسبب نصوصهما الرافضة للنظام. بدأت باسترجاع تلك النصوص الخاصة بهما وهي مستمرّة في ذلك بالرغم من أنّ والدتها، وهي مغنّية بدورها، فعلت ما بوسعها لإبعادها عن تلك المهنة. "كانت تجد تلك البيئة سيئة وفيها الكثير من الخبث. وقد اختبرت تجارب تعيسة في المهنة وأرادت أن تجنّبني إيّاها... بيد أنّني غنّيت بدون علمها. وحده والدي عرف بالأمر ولم يكن يحبّذه حقاً. أراد أن أصير مخرجة أو أستاذة في التمثيل. وأظنّ أنّ منع والدتي لي زاد من رغبتي وشغفي حيال الغناء". فقال لي والدي "حسناً لا بأس إن كان هذا ما تريدين فعله...".

في المقابل، وفي ما يتعلّق بالأسس الثقافية، لم يترك لها والدها، الناقد والكاتب المسرحي الذي تابع إعداده في روسيا، الخيار. "كان هناك الكثير من الكتب مكتوب عليها اسمي ووجبت عليّ قراءتها. هكذا، لمدة ست سنوات تغذّيت من الأدب الروسي مع دوستويفسكي وتولستوي وبوشكين. قرأت كلّ شيء". وقد أسهمت تلك القراءات في تعزيز حبّها لعلم النفس. "حتّى اليوم تترك فيّ القراءات بصمة. إنّ العلاقات الإنسانية والوضع النفسي تؤثّر كلّها على عملي وليس العكس. العمل ليس محرّكي في الحياة. وإن كنت أطرح على نفسي أسئلة مرتبطة بالوجود أو أسئلة نفسية يجب عليّ حلّها قبل التمكّن من العمل".

بدائل تحدث ضجّة

إنّ تقديم شيء يسير عكس التيّار، هو البديل. وهذا ما هي عليه مريم وزميلها تامر أبو غزالة، المدير الموسيقي ورئيس شركة "إيقاع". "فيما يحاول الآخرون الذهاب إلى التجاري، يفضّل هو أن يبقى الفنّان مخبّأً".

تصيبها ثقافة اليوم بخيبة أمل. "إنّ الكلمة سطحية وساذجة مثل أحبك وأشتاق إليك... بعيداً عن انشغالات الناس الحقيقية وإشكاليّات المجتمع. هناك نوع من الانحطاط على المستوى الثقافي. تُبدّل وسائل الإعلام ذوق الناس فيصعب عليهم أن يتطوّروا وأظنّ أنّ هذا الأمر مقصود".

"كانت أفضل حقبة في العشرينيات. كنت أعيش فيها ثمّ متّ واليوم أستفيق من جديد. كان الفكر في أعلى مستوياته. كان هناك الملك ولكنّ الناس كانوا أكثر انفتاحاً، وكانت هناك حرية كبيرة على صعيد الإنتاج الثقافي". ومن أبرز الأشخاص الذين ما زالوا يلهمونها منيرة المهدية ونعيمة المصرية ومايكل جاكسون. وأخيراً، تعرّفت إلى psyché rock وخاصة Pink Floyd وMuse أيضاً. وهذا ما يمكن سماعه في "أنا مش بغنّي" ألبومها السابق. أمّا الألبوم الذي تقدّمه مع زيد حمدان فسيكون على الأرجح مطبوعاً أكثر بأسلوب الإلكترو. تعمل مريم صالح على أساس الإلهام لا التقليد لصنع الفرق بين سنوات الجنون وسنواتنا هذه.

المزيد
back to top button