في شهر مارس من العام 2013، حدثت ظاهرة غريبة في قريتيْن تقعان شمال كازاخستان، وهما كالاتشي وكراسنوغورسك اللتيْن يبلغ عدد سكّانهما 810 أشخاص. فقد عانى سكّانهما من مرض نوم غريب، حيث كانوا ينامون فجأة، حتى أثناء المشي، ويستيقظون مصابين بفقدان الذاكرة والنعاس والضعف والصداع. وأثناء ذلك، يبدو المريض مستيقظًا وقادرًا على المشي، لكنّه مع ذلك يغط في نوم عميق ويشخر، وعندما يستيقظ، لا يتذكر شيئًا على الإطلاق. وما جعل هذه الحال أكثر غموضًا، أنّها تكررت لدى البعض أكثر من ست مرات، حيث ينام المصابون لمدة تصل إلى ستة أيام متواصلة. وأصاب هذا المرض الكبار والصغار على حد سواء، وأفاد البعض برؤيتهم هلاوس كابوسية، وحتّى الحيوانات الأليفة لم تكن بمنأى عن هذا المرض.
مرض تحوّل إلى لغز!
أجرى الأطباء فحوصات على المرضى، لكنّ المرض الغامض تحدى كل تفسير. في البداية، ظنوا أن المرضى يعانون من آثار جانبية لمشروب كحوليّ، ولكن مع تفاقم الوباء، بدأوا في تشخيص المصابين بـ«اعتلال دماغي مجهول السبب»، وهو مصطلح عام لأمراض الدماغ، حسبما ذكرت وكالة إنترفاكس. اشتبه الكثيرون في مناجم اليورانيوم القريبة التي أُغلقت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، مما جعل كراسنوغورسك مدينة أشباح لا يسكنها سوى 130 نسمة من أصل 6500 نسمة كانت تقطنها سابقًا. أجرت وزارة الصحة الكازاخستانية فحوصات على أكثر من 7000 منزل مجاور، لكنها لم تعثر على مستويات عالية جدًا من الإشعاع أو المعادن الثقيلة وأملاحها. كما رصدت الوزارة ارتفاعًا في مستويات الراديوم في بعض المنازل، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتفسير الظاهرة.
حلّ اللغز
حُلّ اللغز أخيرًا، إذ تمّ التوصّل إلى السبب المؤدّي لهذه الحال، حيث أشير إلى أنّ مناجم اليورانيوم هي السبب، وذلك بعد تحليل نتائج الفحوصات الطبيّة لجميع السكان. فقد خلص الباحثون إلى أنّ السبب يعود إلى ارتفاع مستويات أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات في الهواء. فبعدما أُغلقت مناجم اليورانيوم في وقت ما، وفي بعض الأحيان، يرتفع تركيز أول أكسيد الكربون فيها، ونتيجةً لذلك، ينخفض الأكسجين في الهواء، وهو السبب الحقيقي لمرض النوم في هذه القرى. وبسرعة، بدأ إخلاء القريتين، وأصبحتا مهجورتيْن.