إحياء إرث ثقافي

لطالما قُلّص تمثيل الفنّانات العربيات ولم يعطيْنَ حقّهنّ في الفنّ والثقافة، وخاصةً الفنّانات من الستينيات إلى الثمانينيات. لكن فرح أبو شليح، رئيسة وحدة المعارض في إثراء، تُغيّر هذا الواقع. تتحدّث مع مجلة ELLE Arabia عن رؤيتها وعملها، وعن أحدث معارض إثراء الذي يُسلّط الضوء على تقنيات الحرف اليدوية من حقبة منسية.

 

عندما انضمّت فرح أبو شليح إلى إثراء عام ٢٠١٢، واجهت تحدّياً هائلاً يتمثّل في جعل الآخرين ينظرون إلى الثقافة كاستثمار. وإدراكاً منها أنّ بناء الزخم وتحقيق النتائج على المدى الطويل سيستغرق وقتاً، مضت قدماً بشغفٍ وعزيمة. تقول فرح، رئيسة وحدة المعارض في إثراء: "منذ البداية، سعينا إلى تحفيز الفضول، وتعزيز الحوار، وتشجيع رغبة التعلّم مدى الحياة عبر الأجيال". فمن لحظة وضعها الأفكار على الورق، واتباع رؤيتها "لبناء مكان يشبه المنزل؛ منزل لمجتمعنا؛ منزل للأفكار"، لقد قطعت شوطاً طويلاً.

عام ٢٠٢١، أطلق مركز إثراء معرض "تيرا"، أول معرض فنّي غامر في المملكة يتناول موضوع الاستدامة، وجمع فنّانين عالميين. وقد كان المعرض نهجاً تعليمياً يجمع بين الفنّ والتكنولوجيا. وتتذكّر فرح قائلةً: "لم يكن هذا المعرض مهماً للمملكة فحسب، بل للمنطقة ككلّ، إذ وضع الاستدامة في صميم الخطاب الفنّي والثقافي. كما أظهر كيف يمكن للإبداع أن يكون أداة فعّالة للتوعية والتغيير والمسؤولية الجماعية". وقد شكّل تناوله مواضيع مثل الحفاظ على أشجار المانغروف وندرة المياه، وتأثير التلوّث البلاستيكي، وهدر الطعام، نقطة تحوّل في نواحٍ عديدة. وعام ٢٠٢٣، ربط معرض Net Zero الفنّانين السعوديين والمبدعين الدوليين بطريقة فعّالة لتعزيز الجهود الإقليمية من خلال المبادرات العالمية. وقد برز المعرض لتقديمه الاستدامة من منظور فنّي، ودفعه حدود الإبداع والابتكار لإلهام الأجيال. صُمّم معرض "إثراء" ليكون مستداماً من حيث المحتوى والتنفيذ، وقد تعاون مع Acciona Cultura لتطوير حلول تتبع الكربون وتعويضه، بما في ذلك مراحل التصميم والإنتاج والتركيب والتشغيل، كما توضح فرح. لم تكن هذه تجربة ثرية لتعزيز الحوار بين الثقافات والبناء عليه فحسب، بل كانت أيضاً وسيلةً لإلهام التغيير من خلال الاستفادة من المواهب العربية المبدعة من المنطقة.

 

بالتركيز على خطوة مهمة أخرى في مسيرتها، تعمل فرح على معرض يُقام بالتعاون مع مؤسّسة بارجيل للفنون. يقام في وقتٍ لاحق من هذا العام معرض بعنوان "الأفق بين أيديهنّ: فنّانات من العالم العربي (ستينيات وثمانينيات القرن العشرين)" ويضمّ أعمال أكثر من أربعين فنّانة عربية من الستينيات إلى الثمانينيات.

وقد قُلّص تمثيل هؤلاء الفنّانات ومساهماتهنّ تاريخياً، ومن خلال جمع أعمالهنّ في مساحة واحدة، سيوفّر المعرض فرصة جديدة للباحثين، والمعلمين، والطلاب لاستكشاف تاريخ وتقاليد المنطقة، كما توضح فرح. وتشير قائلةً: "تتفاعل أعمالهنّ بعمقٍ مع الحرف، والذاكرة، والمواد، مقدّمةً سرديات متعدّدة الطبقات تعكس كلاً من التجربة الشخصية والتغيير الجماعي. وقد جرّبت العديد من هؤلاء الفنّانات وسائط وأشكالاً لم تُعترف بها تقليدياً في الخطاب الفنّي السائد، متحدّيات بذلك التسلسل الهرمي لماهية الفنّ وما يمكن أن يكون عليه".

يتماشى المعرض مع إعلان وزارة الثقافة السعودية عام ٢٠٢٥ عاماً للحرف اليدوية، لا سيما وأنّ الفنّانين المشاركين يعرضون تقنيات وتقاليد تشمل الخياطة، والصباغة، والنحت، والنسيج، مما يُبرز الأهمية الجوهرية للحرف اليدوية الناشئة في المنطقة العربية. www.ithra.com

المزيد
back to top button