يوميات الأزواج في رمضان

من المفترض أن تغلب صبغة الألفة والمحبة والرحمة على شهر رمضان المبارك، لاسيما على أجواء العائلة المسلمة، وأن يكون الشهر الفضيل هو بلسم يستغله كلا الزوجين في محاولة لتحسين علاقتهما بالتودد والألفة والتسامح، ولكن أضحى شهر رمضان المبارك في بعض المنازل وكأنه موجة عارمة من الغضب والصراع العدائي، لزوج عصبي المزاج، وزوجه مبذرة غير مبالية ترهق زوجها بطلباتها التي لا تنتهي .

 

التقينا بعدد من الأزواج والزوجات، وكانت البداية مع أمل الجاموس، وهي متزوجة من ثلاثة أشهر وتعاني من عصبية زوجها بعد الإفطار، وتقول: " زوجي يتسم بشخصية مرحة ومسلية، وهذا ما كنت أظن، ولكن اكتشفت في رمضان أنه شديد العصبية، حيث يعود عصراً إلى المنزل بمزاج سيء، وربما السبب الرئيسي لعصبيته هو حرارة الطقس التي لا تطاق عدا عن طول النهار، لذلك عند عودته للمنزل أتجنب الحديث معه، حتى لا تتطور عصبيته لمشكلات زوجية، ولكن بعد الإفطار يعود لمزاجه الذي اعتدت عليه". تقول الجاموس، أن زوجها في إجازة نهاية الأسبوع ينهي يوم صيامه بمزاج جيد بعكس أيام العمل، لذلك تتجنب دعوت أهلها و أصدقائها لمائدة الإفطار، أو تلقي العزائم خارج المنزل، تجنباً لأي ردت فعل غير محتسبة من زوجها!  

 

من جانبه يقول سامر البحصي، " في رمضان نوعاً ما أحاول التظاهر بهدوء الأعصاب، ولكن أحياناً أصل إلى درجة الضجر، لاسيما حين تبدأ زوجتي بالحديث معي ومناقشتي ببعض الأمور الخاصة بالمنزل والأولاد، وتشتد عصبيتي عند عودتي من العمل، حيث حرارة الطقس والزحام المروري، وهذا بدوره يؤدي إلى التعب والضجر، وبالنسبة لزوجتي فهي نوعاً ما مبذرة في أمور المنزل، ولكن هذا الأمر لا يثير عصبيتي كثيراً، كونها تعمل وتصرف من راتبها الخاص على التزاماتها، ونحن في النهاية متفقين على ميزانية المنزل".

 

زوجي بركان و زوجتي لا تحسن التصرف!

"زوجي عصبي الطباع وفي رمضان هو بركان"، هكذا تصف إلينا مزاج زوجها في رمضان، وتقول: " زوجي عصبي المزاج في الحياة العادية ولكنه طيب، وفي رمضان تزداد عصبيته منذ الساعات الأولى للصيام، كونه مدخن وهذا بدوره يؤدي إلى " نرفزته" على أقل الأسباب، وأذكر رمضان السنة الماضية، حيث كان أول رمضان تقضيه سوياً، تفاجأت وخفت عليه كثيراً لأنه وصل لدرجة الصراخ لأقل الأسباب، لاسيما حين يعود من عمله، ما أدى إلى تفاقم المشكلات بيننا، لذلك نصحته هذا العام بأخذ إجازة من العمل، ولكن لم يختلف الأمر كثيراً، حيث أنه مازال متمسكاً بالمزاج السيئ وضيق سعة الصدر قبل الإفطار". من جانبه، يقول زوجها حازم إبراهيم، أنه لا يستطيع السيطرة على أعصابة في رمضان، وخاصة في الساعات الأخيرة، لذلك يتجنب الحديث مع زوجته في تلك الأثناء، وخاصة إذا طلبت منه زوجته إحضار شيء للمنزل، فإنه يعتذر عن ذلك، ويقول: " زوجتي ليست مسرفة، ولكن تظهر إسرافها عند دعوة الأهل والأصدقاء، هنا تبدأ بطلباتها التي لا تنتهي، وهذا بدوره يؤدي إلى تعكير مزاجي، وأكثر شيء يضايقني هو طلباتها التي تأتي بوقت متأخر، لذلك نصحتها عدة مرات بضرورة تحديد طلباتها قبل موعد العزومة بأيام".

 

 

حماتي سبب مأساتي!

مهند عوض، عريس جديد، يقول أن زوجته مسرفة في جميع الأحوال، وشهر رمضان زادها إسرافاً كونها لا تطبخ في المنزل، وتعتمد على أكل المطاعم و طبخ والدتها، في المقابل تعمل على شراء الحلويات والهدايا لوالدتها كونها يومياً تجهز لنا طعام الإفطار، وهذا بدوره يشكل له ضغط مادي ونفسي، ويقول: " يومياً مشكلاتنا في رمضان لا تنتهي، بسبب سوء إدارة زوجتي لميزانية المنزل، فمنذ الأيام الأولى لرمضان، وأنا كماكينة السحب الآلي وكسائق التاكسي، أصطحب زوجتي للمطاعم، وأوصلها لأفخم محلات الحلويات والهدايا من أجل إحضار ما طاب لها و لوالدتها، تعويضاً عن طعام الإفطار".

من جانبه، يعاني فادي محمد في فترة صيامه من الصداع الدائم، وهذا الأمر ينعكس على حالته العصبية، يقول: " أنا مصاب بالشقيقة وهو مرض يلازمني يومياً في فترة الصيام، لذلك أعترف بأني أعصب على أقل الأسباب، أما بالنسبة لتبذير زوجتي، فهي فعلا مبذرة لأبعد الحدود، ولكن طلباتها تبدأ بعد الإفطار، كونها متفهمه لطبيعة مزاجي الصعب، ورغم ذلك إلا أن طلباتها تزعجني وتجعلني أصاب بالصداع والعصبية من جديد". يضيف فادي: " طلبات زوجتي لا تنتهي، فهي " تتلكك" كل يوم بطلب جديد، فتارة تريد الذهاب للسوبر ماركت، وتارة أخرى لشراء ملابس العيد، عدا عن سعيها في البحث عن البازارات التي تقام في رمضان، ففي مساء كل يوم تخلق مشوار للتسوق".

 

 

أسباب عصبية الأزواج

يشير دكتور علم الاجتماع يوسف محمد شراب من مركز دعم اتخاذ القرار في القيادة العامة لشرطة دبي، أن رمضان هو شهر الهدى والتقى والإيمان ومكارم الأخلاق، والعصبية ليس لها علاقة برمضان، ولكنها صفه مفتعله ولا يحبذ ربطها بشهر رمضان، ويحدد أسباب عصبية الأزواج في رمضان، في عدة نقاط، وهي:

 

  • قد يتفاجئ بعض الأزواج من طلبات نسائهن خلال الشهر الفضيل، فالبعض إمكانياتهم المادية لا تسمح بالتبذير، وهذا بدوره يؤدي إلى العصبية.
  • عدم التفاهم بين الزوجين على أمور عامة وأخرى أيضاً مرتبطة بالأمور المادية، ما يجعل الزوج شديد العصبية.
  • طبيعة شهر رمضان في فصل الصيف، وما يقابله من حرارة الطقس وطول ساعات النهار.
  • عدم أخذ الوقت الكافي من النوم.
  • ضغوط العمل والزحام المروري.
  • التدخين له دور مؤثر على مزاج الرجل، كون الجسم متعود على كمية من النيكوتين في الدم.

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button