هموم الأمهات العاملات

هن أمهات مع سبق الإصرار والترصد.. أمهات خضن الأمومة والعمل في نفس الوقت، منهن من تخلين عن حقهن المشروع في العمل من أجل إرضاء غريزتهن في الأمومة، وأخريات مازلت يصارعن الحياة متمسكات بالعمل الريادي والأمومة الكاملة، هن بالتأكيد أمهات بكل اقتدار واعتزاز.. فكيف بمقدور الأم العاملة التوفيق بين عملها وواجباتها التربوية؟ ومن يأتي في أولوياتها العمل أم الأمومة؟

 

وهبت مها أسامة المصري، حياتها لطفلتها " فاليا" ذات السنتين والنصف، وجعلت العمل من ضمن خططها المستقبلية، وقالت: " بعد تجربتي للأمومة، أرى أنها مسألة صعبة وتحتاج إلى تفرغ كامل، لذلك وهبت حياتي لطفلتي، لاسيما واني أيضاً أنتظر مولوداً آخر، لكني أفكر بالمستقبل الالتحاق بالعمل، لأرضي طموحي كوني خريجة تغذية، ولكن هذا الطموح لن يكون على حساب أطفالي، لذلك سوف أضع أطفالي مستقبلاً في حضانة، ولابد أن تكون هذه الحضانة مراقبة وتخضع لقوانين ومراقبة والوزارة، لكن ثمة شيء يطمئنني كوني خريجة تغذية، وبالتالي عملي سيكون مقتصراً على المدارس أو المستشفيات، وأتمنى وجود حضانة داخل العمل الذي سوف ألتحق به".

 

تقول مها أنها تخاف على طفلتها كثيراً، لذلك لا تفارقها أبداً، ولا تؤمن أحد عليها سوى والدتها، وتستغرب من الأمهات اللاتي يضعن أطفالهن عند المربيات في منازل خاصة دون وجود تصريح حكومي في ذلك.

 

مأساة يومية و 8 ساعات عصيبة

تعيش عبير عيساوي، مأساة يومية كونها أم لطفل اسمه " آدم" و يبلغ من العمر سنتين ونصف، وهي أيضاً موظفة في مركز اتصال، تقول: " يومياً أعيش القلق والخوف على طفلي كوني أعمل يومياً 8 ساعات، وخلال تلك الفترة يكون في الحضانة، إنها ساعات عصيبة أعيشها يومياً، ، فدائماً ما أكون قلقة وأتصل بالحضانة لأطمئن عليه، هل أكل أم لا؟، و بسبب بعد المسافة بين العمل والحضانة ما يصعب علي مراقبته والاطمئنان عليه عن قرب، كما أني انتهي يومياً من عملي الساعة السابعة مساءً، في المقابل الحضانة تغلق الساعة السادسة، ما يجعلني أدفع مبلغ إضافي للحضانة حتى تبقي طفلي عندهم".

 

تواجه عبير مشكلة الطعام المناسب الذي يتناوله طفلها في الحضانة، فخلال ساعات الحضانة يتناول وجبات متنوعة، من الخضار والفواكه والنشويات والحليب والماء، وهذه الوجبات تحتاج إلى درجة معينة من التسخين، وهذا الأمر يجعلها قلقة كونها تخشى أن يكون تناول الطعام دون تسخينه بالشكل المطلوب، وتقول: " طفلي بدأ يذهب للحضانة منذ حوالي العام ومن تلك الأثناء وهو كثير المرض ربما بسبب الأطفال الذي معه أو بسبب سوء المعاملة". لا تنوي عبير الإنجاب مجدداً كونها وتعلل ذلك بسبب غلاء المعيشة وأن الإنجاب مسؤولية صعبة خاصة على الأم العاملة.

 

أنا أم محظوظة

تعتبر سماء الخالدي، من الأمهات المحظوظات كونها تعمل في كلية دبي للتقنية، حيث توجد حضانة خاصة تعتني وتهتم بأطفال العاملين فيها، تقول سماء وهي أم لثلاثة أولاد وطفلة حديثة الولادة، عمرها 40 يوماً، اسمها (بتيل): " الحمد لله أنا محظوظة في عملية حضانة أولادي، في البداية حين ولدت أولادي الثلاثة كنت أسكن في برج فندقي وكان هناك حضانة خاصة بالأطفال، وضعتهم فيها وكنت أعمل أيضاً، وأراقبهم في كل حين وآخر، أما طفلتي الصغيرة فهي أكثر حظاً كوني أعمل في الكلية حيث تتوفر حضانة ذات مستوى عالي من الرعاية والخدمات الخاصة التي تقدم للطفل، فالكل طفلين مربية خاصة بهما، وهذا بالتأكيد سيمنحني المزيد من الطمأنينة على طفلتي الصغيرة، لاسيما وأني أستطيع إرضاعها بشكل دائم، لأن الكلية تمنحني فرصة مراقبة ابنتي مرتين يومياً، ويوجد ساعات للرضاعة ". على الرغم من وجود خادمة لدى سماء إلا أنها ترفض فكرة تدخل الخادمة في شؤون الأولاد، وتقول: " من واجبات الخادمة فقط تنظيف المنزل، واستغرب من الأمهات اللاتي يسمحن لخدمهن العناية بأطفالهن والاعتماد عليهن فيما يتعلق بإطعامهن أو تجهيز الطعام لهم".

 

المربيات خط أحمر

قررت إيمان حج يوسف ترك العمل، بعد إنجابها طفلتها الثانية "نور" ذات العشرة شهور، تقول: " عندما أنجبت طفلتي الأولى " آية" ذات الثلاث سنوات، كنت منتظمة بالعمل، لأني كنت أضع طفلتي عند والدتي، وبانتقالي إلى إمارة ابوظبي، قررت ترك العمل والاهتمام بشؤون طفلتي إلى أن أنجبت طفلتي الثانية، لكن بعد أن تكمل ابنتي عامها الأول، سوف أحاول مجدداً العمل، ولكن هذا ليس قبل أن أطمئن علي طفلتي، سوف أضع طفلتي الكبيرة في مدرسة والأخرى في حضانة مناسبة، تخضع للرقابة".

 

تفضل إيمان الاهتمام بكامل شؤون طفلتيها بعيداً عن المربيات، اللاتي ترفض وجودهن في منزلها وتعتبرهن خطراً على الأطفال، كما وتفضل أن يكون الطفل في أول مراحل حياته الأولى مع والدته، حيث يتعلم مبادئ الحياة واللغة الصحية من الأم.

 

أطفال المربيات مختلفون!

قررت سهاد الحوامدة، مهندسة معمارية وهي أم لطفلين ترك عملها، من أجل تربية طفليها، تقول: " تنازلي عن حق العمل كان باختياري، لأني منذ أن تزوجت قررت أن أكون أماً ووهبت حياتي لهذه الأمومة، كما أن فكرة أضع طفلاي حضانة أو أن أحضر مربية، فهي مرفوضة تماماً، وبالنسبة لي لن يستطيع أحد تربية طفلاي أفضل مني، لأن شخصية الطفل في الأربع سنوات الأولى تتشكل منها 70% من الخبرات والتجارب التي يعيشها ويشاهدها، لذلك اعتبر أن طفلاي "زيد" عامين ونصف، و "كريم" سنة وأربعة أشهر، هما في حاجة لي، لكن في الفترة القادمة أخطط لوضع ابني البكر في حضانة، حتى يتعلم من أقرانه ويأخذ خبرة من الحياة، أما طفلي الصغير فمازال متعلق بي، وعندما يكمل عامه الثاني، سوف أفكر بالعودة للعمل". ترى سهاد من خلال خبرتها أن الأمهات العاملات اللاتي يعتمدون على المربيات في تربية أطفالهن، يختلف أطفالهن عن الأطفال الذين يخضعون للرعاية والتربية المباشرة من الأم من حيث التطور الحركي والفكري ".

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button