هل نجح الإعلام العربي في التعامل مع الأزمات؟

في ظل ما تشهده المنطقة العربية حالياً من صراعات وأزمات تهدد الأمن القومي للدول العربية، وفي ظل إنتشار وسائل الإعلام التقليدية وسطوة وسائل التواصل الإجتماعي وتأثيرها على الرأي العام من خلال آنية نشر الخبر بالصوت والصورة، بإستخدام كافة الوسائل التكنولوجية المتاحة، أصبح للإعلام دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام ودور فعال في التصدي للأزمات أو خلق وتعصيد الأزمات بسبب غياب الشفافية وافتقار المؤسسات الإعلامية والأجهزة الأمنية للخبرات الكافية في التعامل مع الأزمة.

 

تتحدث السفيرة الدكتور هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والإتصال في جامعة الدول العربية، عن دور الجهاز الإعلامي في جامعة الدول العربية في تعامله مع الأزمات، وتقول: " نحن نعمل من خلال مجلس وزراء الإعلام العرب، ونقدم برامجنا وخططنا للجنة الدائمة للإعلام وبدورها ترفع المقترحات للمجلس التنفيذي، وعادة يتم المصادقة على ما يتم تداولة، ومؤخراً تم المصادقة على استراتيجية اعلامية تطرح لأول مرة في المنطقة وهي الخريطة الإعلامية للتنمية المستدامة 2030، ومنها ربطنا الإعلام بقضايا التنمية الاجتماعية وخاصة ونحن نتحدث عن 17 هدفا تنموياً أقرته الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تناول موضوع الإعلام الإلكتروني الذي يلعب دوراُ مهماً في الأزمات، واخترنا في هذا العام محور " محاربة التطرف والإرهاب".

 

وتضيف أبو غزالة: " قد يخلق الإعلام في بعض الأحيان أزمات، ولا نستطيع القول أن الإعلام جيد ونمتلك اعلاميين متميزين، بسبب دخول أشخاص ليس لديهم علاقة بالإعلام ويفتقرون للخبرات العلمية والعملية وبالتالي يخلقون أزمة، ورغم ذلك شهدنا بعض الأسماء الإعلامية الوطنية اللامعة، التي تستحق كل التقدير والشكر".

 

 

الاعلام المتخصص

ويقول الدكتور عبدالله العساف، رئيس قسم الإعلام المتخصص في كلية الإعلام والإتصال في جامعة الإمام بالرياض، أن وسائل الإعلام ليست ناقل للخبر فحسب بل هي صانع ومشارك للخبر ومكون أساسي للرأي العام، بحيث يستطيع الإعلام أن يخلق أزمة من لاشيء أو يحجم أزمة كبيرة جداً، واليوم بدأت وسائل الإعلام بنقل الأزمة الخليجية من نطاقها الخليجي إلى العالمي، وبدأت تأخذ مسار أكثر من مسارها، من ناحية البحث عن الحلول والتقريب بين وجهات النظر. ويشير العساف إلى أن المنطقة العربية تفتقد إلى إعلام الأزمات، لاسيما وأن المنطقة تعتبر بيئة خصبة مليئة بالأزمات لا نعرف كيف التصرف معها، في المقابل معظم من يدير الوسائل الإعلامية هم أناس غير مهيئين في التعامل مع الأزمة. ويتحدث العساف عن الفبركة الإعلامية التي تشهدها الساحة، ويقول: " اليوم الكلمة والصورة أصبحت تفبرك، ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت عبارة عن منصات تأخذ منها وسائل الإعلام، لذلك علينا أن لا نثق بها بل نبحث عن المصادر الموثوقة للخبر الحقيقي".

 

ويشاركه الرأي، الدكتور علي القحيص مدير صحيفة الرياض الإقليمي في الإمارات، الذي أوضح أن غياب الإعلام المتخصص في الأزمات قد يخلق أزمة وكارثة على الساحة، ويقول: " نحن نعيش أزمة أخلاق في الإعلام، لاسيما في ظل وجود الإعلام المنفلت الذي قد يخلق أزمة، في المقابل نحن نفتقر لوجود إعلامي متخصص في إدارة الأزمات، على سبيل المثال لا يوجد لدينا إعلام إنساني متخصص يدير الكوارث الإنسانية، وبالتالي غياب الإعلامي المتخصص في إدارة الأزمات هو من يخلق أزمة".

 

 

الشفافية والمصارحة

وأوضح الدكتور فهد الشليمي، رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلامة (GSP) وخبير أمني واستراتيجي، من دولة الكويت، أن الإعلام أصبح حديث الساعة، بحيث يتعامل مع الكارثة قبل وقوعها وخلالها وبعدها، فهو المحرك الاساسي فإما ينور أو يحرف المسارات، ومنها قد يحول الإعلام المواطن إلى شخص صالح أو يحرضة على العنف والارهاب. ويقول: " في الكويت تغير وضع الإعلام عن سابقه، ولم يعد المواطن الكويتي يعتمد على الإعلام التقليدي، فالمواطن اليوم أصبح اعلامي بفضل مواقع التواصل الاجتماعي التي ينقل فيها بالصوت والصورة والكلمة كافة الأحداث والمجريات، وهذه الفلسفة الاعلامية الجديدة في نقل الخبر أو المعلومة علينا أن نتعايش معها، ولابد أن تكون الدول سباقة في الإعلام الإلكتروني الذي يتطلب الشفافية من قبل المسؤولين في حال حدوث كارثة ونحوها، لانه لا نستطيع اليوم إخفاء الأزمات أو الحقيقة وإن تم اخفاءها فلابد أن تنكشف، وبالتالي على الحكومات ان تعلم تماماً أن الشفافية والمصراحة واجابة اسئلة المواطنين في المرحلة الاولى هو نجاح لها. ولا مانع من السرية الأمنية في الأمور المتعلقة بأمن الدولة، أما في حال الكوارث والازمات والمخالفات لابد من توضيحها".

استشراف الحقيقة

من جهته، يقيم العميد شرطة الولهاني يونس، ممثل المديرية العامة للأمن الوطني في المملكة المغربية، دور وسائل الإعلام العربية في حل الأزمات، ويقول: "تبقى وسائل الاعلام العربية حبيسه في كل فكرة على حده، إذ أنها لم تصل إلى المستوى المطلوب، والمتمثل في مسألة الحياد التي يجب أن تلتزم بها المؤسسة الإعلامية، ولابد من وجود تفاعل وتزاوج بين وسائل الإعلام العربية والمؤسسات الإعلامية خلال تعاملها مع الأزمات، وذلك من خلال استشراف الحقيقة ومعرفة الحقائق وعدم الحكم المسبق على الواقعة".

 

ويرى الولهاني أن دخول مواقع التواصل الاجتماعي سحبت البساط من تحت وسائل الإعلام التقليدية المعروفة، حيث يمتلك الإعلام الرقمي أدوات نشر الخبر فور وقوعه وغالباً ما يتم تصويره في الشارع العام لمشكلات أمنية وقضايا تمس الرأي العام، لذا لابد من التدخل الفعلي من قبل المؤسسات الحكومية والأمنية، من خلال المتحدث الرسمي الذي يصرح ببيان رسمي قبل وقوع الكارثة وتوضيح الاسباب. كرد عن الخبر الذي نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button