هل مازالت ثقافة "العيب" سائدة في مجتمعنا؟

لكل مجتمع طقوسه وعاداته وتقاليده التي تفرض عليه احترامها وعدم تجاوزها أو حتى المساس بها، وتبرر بدافع "العيب" ونظرة المجتمع التي يصحبها كلام الناس، في حين توجد الكثير من هذه المظاهر لا تمس بالحرام شيء، كالعمل والزواج وممارسة بعض الطقوس الاجتماعية. فهل أصبح العيب أشد علينا من الحرام؟

 

الفتاة الضحية الأكبر

تؤكد سوسن موسى- فلسطينية- أن ثقافة العيب مازالت سائدة في مجتمعنا والخوف من كلام الناس هو الهاجس الأكبر لدى معظم الأسر الممتده، وتقول موضحه: " تعتبر الفتاة هي الضحية الأكبر والأولى لثقافة "العيب" في مجتمعنا الذي مازال يعيش في جلباب العادات والخجل الاجتماعي المفرطه، على سبيل المثال؛ إذا أرادت الفتاة تكوين حياتها المستقلة والسفر بدافع العمل، لا تجد أي تشجيع، على العكس الجميع يقف أمام تحقيق أحلامها وطموحاتها، ليس لشيء إنما بسبب خوفهم من كلام الناس، الناتج عن ثقافة العيب التي لن تخلص منها". وتشير سوسن أن ثقافة العيب تكثر ضمن الأسر الممتدة المكونة من جد وجدة وأحفاد، الذين مازالوا متمسكين بالأفكار والعادات القديمه ولا يراعون تطور المجتمعات وما يتطلبه من تغيير.

 

وتشاركها الرأي، رنيم مسعد- مصرية- حيث ترى أن ثقافة العيب مازالت سائدة في مجتمعاتنا، وارتبط مسمى "العيب" في كل سلوك تقوم به الفتاة، وتقول: " تربينا على ثقافة العيب، فعندما كنت صغيرة وارتكب خطأ ما كانت والدتي توبخني وتقول لي "هذا عيب" وليس "هذا حرام" ومنها تربينا على هذه الثقافة، فأصبحنا نخاف العيب في كل أمور حياتنا، وعندما كبرت والتحقت بالجامعة كان لدي زملاء كثر، وكنت أتواصل معهم بدافع الأخوة والزمالة، ولكن والداي كانا ضد تصرفاتي، خوفاً من كلام الناس".

 

وتتابع: " مهما بلغت الفتاة من العمر والتعليم، ستبقى ثقافة العيب هي المسيطرة عليها، حتى بعد الزواج سيأتي زوجها ويطبق عليها مسلسل العيب الذي لن ينهي".

 

العيب من الحب

أما سامي مراد- لبناني- يرى أن ثقافة "العيب" لا تقتصر على المرأة فحسب ولكن للرجال أيضاً نصيب منها، ويقول: " نحن مجتمعات نخشى كلام الناس أكثر من خوفنا من الله، ولا نهتم بمصالح الأشخاص بقدر خوفنا من البرستيج الاجتماعي، على سبيل المثال؛ قررت الزواج من فتاة فلبينية، بعد أن عشت معها قصة حب طويله، وكنا متفاهمين على كل شيء، ولكن للأسف قوبلت هذه العلاقة برفض اجتماعي كبير، وكان الدافع الخجل الاجتماعي، كون سكان شرق آسيا ملامحهم تختلف عن العرب، وكانوا والداي يخشون أن انجب طفلاً بملامحهم، ونتيجة الضغط الاسري، تهاونت عن فكرة الزواج بمن أحببت". مع مرور السنوات تزوج سامي بإبنة خالته، وهنا كانت الكارثة، يقول: " بعد زواجي رزقنا الله بفتاة جميله، وبعدها انجبنا طفلاً من متلازمة دوان، الذي تشبه ملامحة أهالي شرق آسيا، وكانت سبب إعاقته هو زواج الأقارب!".

 

مهن الخجل الاجتماعي

يرى شادي عبدالوهاب- فلسطيني- أن العادات والتقاليد دمرت حياته كثيراً، ويقول: " لم استطع اكمال دراستي كوني لم تكن لدي الرغبة والقدرة الذهنية على تلقي العلم، لذلك التحقت بسوق العمل مبكراً، وكانت لدي رغبة في العمل بقطاع صيانة السيارات، والتحقت بدورة تدريبية، ولكن للاسف اهلي عارضوا فكرة أن أعمل في كراج سيارات، بدافع الخجل الاجتماعي والخوف من كلام الناس، كون اخوتي جميعهم جامعيين وفي مناصب مرموقة، ما اضطررت لخسارة 7 سنوات من عمري وأنا حبيس المنزل، وقررت السفر إلى دولة الإمارات بحجة البحث عن فرصة عمل، ولله الحمد حققت حلمي وأعمل اليوم في كراج سيارات، ولكن اهلي مازالوا يعتقدون بأني أعمل في إحدى الشركات بوظيفة مكتبية".

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button