من خلف القضبان.. قصص واقعية لمتورطون في قضايا مالية

من خلف الزنازين وأسوارها الشاهقة وأبوابها المغلقة، هناك قصص وحكايات لنزلاء محكوم عليهم بقضايا مالية تنوعت بين قضايا الشيكات والتزوير والاستيلاء، ربما كان تهورهم هو السبب الأول في تورطهم بهذه الجرائم، أو كان رفقاء السوء وخيانة الأمانه هي من جعلتهم مجرمين خلف الزنازين، وأياً كانت الأسباب يبقى السجن هو المصير المؤكد لكل شخص تسول له نفسه بإرتكاب جرماً اياً كان نوعه.

 

أنا أقدم نزيل

يعتبر (م،ي) البالغ من العمر 53 عاماً، هو أقدم نزيل في سجن الجنح والمخالفات، متورط بقضية شيكات حكم عليه بـ 10 سنوات سجن، قضى منها 6 سنوات، يتحدث عن قضيه، ويقول: " كنت من كبار التجار في الإمارة ولدي تجارة خاصة ومكاتب عقارية، وفي فترة الأزمة المالية عام 2008 وكساد السوق اضطررت لتقديم شيكات مقابل عقارات مرهونة بقيمة 245 مليون درهماً، ما تعذر علي تسديدها وتم الإبلاغ والقبض علي بقضية إعطاء شيكات بسوء نية".

 

يقول النزيل أنه اليوم تجاوز مرحلة ما بعد الندم، ويقول: " رغم الندم على ما فات وضياع سنوات عمري في السجن وغيابي عن عائلتي المكونة من أربعة أبناء وحفيد واحد، إلا انني استفدت من تجربتي وتعرفت في السجن على أشخاص لديهم تجارب في التجارة استفدت منها الكثير، عدا عن ذلك اقضي وقتي في قراءة الصحف والمجلات والصلاة في مصلى السجن، وممارسة رياضة التنس والتسامر مع الرفقاء".

 

ويشير (م،ي) إلى أن الشيكات منظومة كاملة ولابد من التعامل معها في أمور الحياة، ولكن الحذر واجب، وعندما يخرج من السجن، سوف يباشر العمل في تجارته، ولكن سيكون حذراً في كل شيك يصدره. ويتوقع أن يتم الإفراج عنه في العام القادم لاسيما وأن شقيقة سدد جزء كبير من المبلغ، ولم يتبقى عليه سوى تسديد 15 مليون درهم.

 

تعلمت البزنس في السجن

"الندم لا يفيد بشيء وأتحسر على ثقتي الزائدة بالبشر" بهذه الكلمات يعبر النزل (ح، ل) 29 سنة، المحكوم عليه بالحبس سنة واحدة في قضية إعطاء شيك بسوء نية، ويقول: " هذه أول مره أدخل بها السجن فأنا رجل أعمال معروف ولاعب تنس مشهور على مستوى الدولة والمنطقة، ولكن ثقتي الزائدة بالبشر كلفني الكثير، فقد وثقت بشريكي في العمل ووقعت شيكاً على بياض الذي باعة بمبلغ 100 ألف درهماً، وحتى هذه اللحظة لم أتوقع منه أن يخون الأمانة بهذه الدرجة، وأن يكون إنسان انتهازي بهذه الطريقة، ولكن لا فائدة للندم الآن".

 

يقول النزيل أنه تعلم الكثير من الأمور خلف القضبان ومنها اكتشاف ذاته واحتكاكه برفقائه في السجن الذين تعلم منهم الكثير من الأمور في عالم الأعمال، ويقول: " أشقائي يتابعون أعمالي في الخارج وقريباً سوف أدفع المبلغ المطلوب وأخرج للحرية، وسوف اتابع أعمالي، وربما المعرفة والخبرات التي اكتسبتها في السجن سوف تؤهلني على تأسيس بزنس كبير وبأرباح مؤكدة". أوضح النزيل أنه منع زوجته وطفلتيه من زيارته في السجن كونه لا يرد أن يرونه وهو حبيس، حيث اخبرت زوجته الطفلتين بأن والدهما في الخدمة العسكرية ولا يستطعن رؤيته.

 

الكتاب رفيق دربي

خسر المواطن (ن،ه) البالغ من العمر 53 سنة، سنوات عمره ومكتب الصرافة الخاص به، بسبب ضعف تقديره للسوق وعدم توفر الخبرة الكافية له في سوق العملات، يتحدث عن قضيته ويقول: " حكم علي بالسجن 25 سنة، وامضيت منها خمسة سنوات ونصف عن قضية مالية تقدر بـ 85 مليون درهم، وكانت عبارة منحي شيكات بدون رصيد لشركات وأفراد، كنت قد قدمتها حينما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حظر التعاملات المصرفية مع البنوك الإيرانية، ومنها تم منع التحويلات لإيران في عام 2011، كنت عندها متوقعاً أن يتحسن وضع السوق ولكن للأسف تم الإبلاغ عني في أكثر من جهة، وفور القبض علي بأول قضية شيك بدون رصيد تقدمت 60 شركة برفع دعوى قضائية عن نفس القضية".

 

ويضيف: " خسرت كل شيء، وفور القبض علي تم إغلاق مكتب الصرافة، ولم يعد لي أي رأس مال في الخارج، عدا عن ذلك حرمت من أسرتي المكونة من 6 أبناء و 5 أحفاد، فوجودي هنا خلف الزنازين لا يفيد بشيء فما زالت الديون متراكمة علي في الخارج، ولم يعد لي شيء سوى الكتب التي امضى بها وقتي الطويل في السجن متحسراً على كل ما فات".

 

رغم عثرات الحياة مازلت اتمتع بطاقة ايجابية

هو مهندس مبتكر لديه اختراعات علمية في مجال البيئة وثلاثة ملكيات فكرية منها اختراع حول الطاقة المتجددة، يقول النزيل (ع،م) 40 سنة- المتورط بقضية مالية تقدر بـ 4 ملايين درهم، ولم يصدر حكم عليه بعد مضي ثلاثة أشهر في الحبس: " كان لدي شركة تجارة حرة، وكنت أخطط لإنشاء مصنع يخدم الطاقة المتجددة في الدولة، ولجأت لتمويل مشروعي الضخم وتثاقلت علي الالتزامات المالية من الموردين وأصحاب الدين، وتم القبض عليه عن تهمة إعطاء شيك بدون رصيد، وبعدها انهالت علي البلاغات التي تقدر بـ 18 شيكاً بدون رصيد من أصل 23 شيك، المتوقع أن يبلغوا عني خلال الآيام القادمة".

 

لم تكن هي المرة الأولى التي يسجن بها (ع،م) فقد سبق وأن سجن في عام 2002 عن قضية قروض وتم الإفراج عنه وفقاً لعفو من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وبعد خروجه من السجن حاول أن يطور من نفسه فكان مجال الإبتكار هو الأنسب له كونه مهندس، يقول: " عندما خرجت من السجن لم يكن لدي شهادة حسن سيرة وسلوك، فبدأت بشق طريقي في التجارة والعمل الحر، إلى أن قررت البدء بمشروعي الذي كلفني الكثير". يقول النزيل أن لديه طاقة ايجابية كبيرة ورغم عثرات الحياة إلى أنه يحلم بالخروج إلى عالم الحرية وإنشاء مشروعة المبتكر في الطاقة النظيفة.

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button