مستقبل مكافحة المخدرات‎

تعتبر ظاهرة إنتاج و مشكلة عالمية، فلا يكاد يخلو مجتمع إنساني من آثارها المباشرة أو غير المباشرة. وعملت معظم الدول والمنظمات العالمية لمكافحة المخدرات على إتخاذ التدابير اللازمة من أجل كبح هذه الظاهرة التي يقودها غالباً منظمات إرهابية يستهدفون بها فئة الشباب بالدرجة الأولى، معتمدين في ذلك على أساليب وطرق متطورة ومتغيره في الترويج وفي نوعية وتركيبات المواد المخدرة.. فما هي آلية استشراف مستقبل قضايا المخدرات وسبل الوقاية منها ومكافحتها؟

 

أكدت الدكتورة ليلى الهياس من دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، ورئيس اللجنة الوقائية في البرنامج الوطني للوقاية من المخدرات (سراج) بمجلس مكافحة المخدرات في الإمارات، أن علم استشراف المستقبل هو علم قائم بذاته ويستخدم فيه أدوات متنوعة، فهناك مستقبل مفضل وأخر محتمل ومستقبل ايجابي، وتقول: "نتمنى أن يكون المستقبل الذي سنصنعه بأيدينا مستقبلاً إيجابياً، إذا تكاتفنا جميعاً كخبراء ومختصين في وضع الدراسات الإستشرافيه، على سبيل المثال؛ وضع سيناريوهات مختلفه تقابلها خطوات استجابه لما سوف يحدث في المستقبل، مع اقتناص الفرص والتحديات التي يعتمد عليها علم استشراف المستقبل". وتشير الهياس إلى أن التحديات في عالم المخدرات كثيرة، وذات أبعاد شائكة منها؛ اجتماعية، صحية، اقتصادية وسياسية وغيرها، وتقول: "من أبرز التحديات يأتي التجدد المستمر في هذا العالم وإدخال أنواع لمخدرات جديدة، وكذلك أنماط التعاطي المتغيره، بالإضافة إلى التكنولوجيا التي تلعب دوراً خطراً في هذا الجانب، من خلال المروجين الذي باتوا يعتمدون على الشبكات العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي في الترويج، ولذلك أدعو المؤسسات والدول والأفراد لاستخدام هذه التكنولوجيا كأداة للوقاية بدل من أن تكون تحدي لنا".

 

 

من جهته، أوضح الدكتور سامي بن خالد الحمود، المدير التنفيذي لمشروع (نبراس) في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات بالسعودية، أن استشراف مستقبل مكافحة المخدرات يبدأ بوضع الخطط الطموحه لمواجهة ظاهرة المخدرات المرتبطة بالمنظمات الإرهابية الخطيرة، التي تستهدف فئة المراهقين وصغار السن، بين 12 إلى 17 سنة، ويقول: " إن مجتمعاتنا العربية شأنها شأن دول العالم تعاني من قضايا المخدرات، وللأسف جزء قليل منها ما يعتمد على استشراف المستقبل، ومعرفة الفرص والتحديات والواقع الذي نعيشه اليوم، وماذا نريد أن نكون في المستقبل، فمن لا يعرف ماضيه ويستشرف مستقبله لا يمكن أن يقدم عملاً بناءً للحد من هذه الآفة، وهنا يأتي المشروع الوطني للوقاية من المخدرات "نبراس" وهو مشروع تتبناه اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وفق ما وجهت به القيادة السياسية في السعودية، ويستهدف تنسيق الجهود للوقاية من المخدرات، وأيضا يستهدف بناء برامج للوقاية تعتمد على المعايير العالمية وتطبيق معايير الجودة، وتحاول أن تلم شتات الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة في الدولة، ونحن لدينا سياسة واستراتيجية طويلة الأمد تمتد مرحلتها الأولى إلى خمس سنوات، وبعدها سيتم تطوير البرنامج وتقويمه بتحكيم محلي ودولي عن طريق الأمم المتحدة، وكذلك دشنا العديد من البرامج الهادفة، ولدينا خطط لبرامج مستدامه ينتظر أن تدشن في مراحلها الحالية".

 

استراتيجية المكافحة

يقول العقيد حسين محمد الشبلي، مدير مكتب شؤون المخدرات في مجلس وزراء الداخلية العرب بالأردن، "إن استشراف المستقبل يعني النظر إلى المستقبل بناءً على بيانات واقعية، لذلك عملنا ومن خلال المكتب العربي لشؤون المخدرات على جمع البيانات من الدول العربية، التي تشير إلى أن جريمة المخدرات في العالم بإزدياد وهناك جهود على المستوى الوطني وعلى مستوى الدول العربية، لمواجهة هذه الظاهرة، ولكن تحتاج لمزيد من التعاون والبناء والمزيد من الاستراتيجيات الضرورية حتى يتمكنوا من مواجهة التحديات الجديدة القادمه من جريمة المخدرات، ومن التحديات التي من المتوقع أن تظهر في المستقبل، كظهور أنواع جديدة من المخدرات، وسهولة وصولها، واستخدام تقنيات جديدة مثل تقنية الانترنت للحصول وتوصيل المواد المخدرة باستخدام اساليب جديدة، لذلك وضعنا جميع هذه البيانات أمام الدول العربية حتى يبنوا عليها استراتيجيتهم الوطنية في إطار متكامل مبنى على المعلومات".

 

من جهته، أوضح الدكتور هشام العربي، من المركز الوطني للتأهيل، أن استشراف مستقبل مكافحة المخدرات، يبدأ من الإكتشاف المبكر، والفحص الكيميائي، والبرامج العلاجية، ويقول: "ثمة تحديات حالية نحتاج أن نتعامل معها بشكل أفضل وبكفاءة، مع تحديد المخرجات التي ممكن تحقيقها وقياسها، وبالتالي فإن الاستشراف يعتمد على مدى قدرة المؤسسات والمنظومة في التصدي للتحديات الحالية".

 

متعاطون... بالأرقام

أوضحت الدكتورة رشا سلامة، من وزارة الصحة ووقاية المجتمع، أن ربع مليون نسمة أي 5% من سكان العالم البالغين قد تعاطوا المواد المخدرة مره واحدة على الأقل في عام واحد، و29.5 مليوناً من متعاطي المخدرات يعانون من اضطرابات ناشئة عن تعاطي المخدرات، مما يعني أن تعاطيهم للمخدرات ضار إلى درجة أنهم بحاجه إلى العلاج. وتقول: " يتسبب تعاطي المخدرات الإصابة بأمراض خطرة، منها الاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، التي تسببت بوفاة أكثر من 60 ألف حالة العام الماضي ممن يتعاطون المواد المخدرة، في حين 6.1 مليون من متعاطي المخدرات مصابين بالتهاب الكبد من نوع C، و 1.3 من متعاطي المخدرات مصابين بالتهاب الكبد من نوع C وفيروس نفس المناعة البشرية معاً".

 

وبحسب المركز الوطني للتأهيل في دولة الإمارات، أشارت سلامة إلى أن المواد المخدرة الأكثر تداولاً في الإمارات، هي؛ الأفيونات، القنب، المهدئات والأقراص المخدرة، الأمفيتامينات والمخدرات المستنشقة. وأن مادة الترامادول أكثر المواد المخدرة استخداماً من قبل الفئة العمرية الأقل من 30 سنة.

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button