لماذا تفضل المرأة الإماراتية العمل في القطاع الحكومي؟

في ظل ارتفاع معدلات الشباب في دولة الإمارات، واعتمادها الواضح على العمالة الوافدة، مما دفع صانعي القرار إلى إيلاء الإهتمام الكبير بتنمية الكوادر البشرية المحلية تزامناً مع المساعي الحثيثة إلى تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، ومن ضمن المساعي تقديم الدكتورة إيميلي روتليدج، الأستاذ المشارك في علم الاقتصاد بجامعة الإمارات في العين، ورقة بحثية بعنوان "تأثير الوالدين على القرارات المهنية للإناث في الخليج العربي".

 

 

شملت الدراسة الاستطلاعية على 335 من النساء الإماراتيات، تراوحت أعمارهن من 15 إلى 21 سنة، من المرحلتين الثانوية والجامعية، 25% منهن من حملة الشهادة الثانوية، 75% من الجامعيات، وشمل البحث جميع إمارات الدولة، واعتمدت الدراسة على قياس ميل النساء بالإمارات للبحث عن عمل في المؤسسات الرسمية تحديداً، و الحواجز الاجتماعية والثقافية، و تفضيل العمل بالقطاع الحكومي والسلوك الأبوي فيما يخص الاختيارات المهنية.

 

 

تقرير رنا إبراهيم

 

حول العوامل الاجتماعية التي تقف أمام دخول المواطنات في بيئة العمل، تقول إيميلي: " توصلنا من خلال البحث إلى وجود ثمة عوامل اجتماعية تقف أمام دخول المواطنات لسوق العمل منها المجتمع الأبوي وتأثيره على اتخاذ القرار، والعوامل الهيكلية الأخرى، كعدم وجود فرص عمل بأوقات مرنه، وعدم القدرة على العمل بسبب الالتزامات الشخصية، كالزواج وعامل الأمومة، عدا عن العوامل الاقتصادية والرواتب، الحاجة إلى إيجاد مهنة تعتمد على نمط التشويق والمتعه، الاهتمام والشغف بالمهنة، العوامل الاجتماعية والثقافية منها الحاجة إلى أقسام خاصة بها مهن بعيداً عن الاختلاط بين الجنسين".

 

 

سوق العمل الأنثوي

تناول البحث تفصيلاً لسوق العمل الإماراتي ووجود المرأة الاماراتية فيه، وكانت النتيجة أن 80% من الإماراتيات يفضلن العمل في القطاع الحكومي، لأسباب توضحها إيميلي، وتقول: " ثمة مزايا خاصة تحصل عليها المرأة في القطاع الحكومي مقارنة مع القطاع الخاص، منها الرواتب والحوافز الوظيفية، عدا عن الأمن الوظيفي، وساعات العمل المرنة، وإجازة الأمومة". في المقابل توصل البحث إلى وجود 28% من المواطنات يوافقن العمل بالقطاع الخاص إذا وجدن فيه المزايا الوظيفية، تناوله البحث تصنيف المهن بين الملائمة والجاذبة للمرأة الإماراتية، وكانت كالتالي، وبحسب إيميلي، تقول: " ثمة تشابه في الإجابات مع بعض الفروقات، وتوصلنا إلى نتيجة أن المرأة الإماراتية، تفضل العمل في مجال التعليم، ومن بعدها مجال الإعلان والتصوير، هذا بالنسبة للقطاع الحكومي، أما بالنسبة للقطاع الخاص، فمعظمهن يفضلن العمل في الصيدلية والمبيعات".

 

تقول إيميلي: "تضاعفت أعداد النساء من خريجات الجامعات بشكل كبير تزامناً مع تنامي معدلات التحاقهن بسوق العمل. لذلك فقد أصبح لزاماً البحث في الخيارات المهنية المفضلة لدى النساء من أجل تكوين فهم شامل لتوجهات سوق العمل في المنطقة وتحديد الإصلاحات والسياسات العامة اللازمة".

 

 

المجتمع الأبوي

التأثير الأبوي له دوراً كبيراً في عملية اتخاذ القرار واختيار العمل والتخصص الجامعي، ومن هذا المنطلق توصلت الدراسة إلى حقيقة إذا كان الأبوين متعلمين فهذا يساعد المواطنات على اتخاذ القرار، والدخول في القطاع الخاص، وأن الفتيات اللاتي لديهن أب متعلم جامعي، زادت أرجحيه دخولهن لسوق العمل الخاص، في المقابل لم تجد الدراسة علاقة بين تعليم الأم واختيار الفتاة للتخصص، أو اتخاذ القرار. تقول إيميلي: " يلعب الأبوين دوراً مهماً في دخول المرأة لسوق العمل، لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار المهن التي تفضلها الفتيات، والمعوقات الاجتماعية وقرارهن بدخولهن سوق القطاع الخاص، ودور الأبوين في التأخير أو التأثير في الدخول لسوق العمل". تقدم إيميلي الحل للفتيات المواطنات اللاتي يعانين من تأثير والديهن على اختياراتهن الأكاديمية والمهنة، وتقول: " لتجاوز تأثير الآباء سواء بالسلب أو الإيجاب، يتحقق ذلك بإشراك الأبوين عن طريق تقديم الاستشارات من خلال المدارس للأبوين، وأيضاً تفعيل دور المدارس في التقريب بين توجهات الأبوين ورغبات الطالبات حول التخصص والمهنة". وبالسؤال عن تدخل الوالدين في قرارات الفتيات دائماً هل يكون بشكل سلبي؟، تقول إيميلي: " من الصعب التفرقة بين التدخل السلبي والايجابي، وبالنظر إلى الواقع، أي بين التدخل ومتغيرات العمل، ومنها عدم توجه المواطنات لسوق العمل في القطاع الخاص، والذي بدوره يمثل عائق أمام المرأة وبالتالي ممكن اعتباره تدخل سلبي واضح".

 

 

توطين خاص

محاذير كثيرة يجب على القطاع الخاص الأخذ بها، من أجل استقطاب أكبر عدد من المواطنات، إذ ترى إيميل أن توطين المهن يجب أن تستهدف مجالات كثيرة منها، الصيدلة والمهن والإعلانات، وتوصلت الدراسة إلى أن الأبوين اللذين يعملان في القطاع الخاص، تفضل ابنتيهما العمل في نفس القطاع الخاص، وأيضاً الأخذ بعين الاعتبار تأمين إجازات الأمومة وفقاً لما يقدمه القطاع الحكومي من امتيازات لتشجيع الإماراتيات على الالتحاق بالقطاع الخاص.

 

ثمرة الاستثمار

حول تطور تعليم المرأة الإماراتية وتأثيره على المعوقات الاجتماعية، تعلق إيميلي: " لا أعتقد أن تعليم المرأة وحصولها على شهادات علمية متقدمه سوف يزيد من المعوقات الاجتماعية عليها، لكن إذا أردنا أن نكون دولة تنافسية، يجب من رفع مستوى تعليم المرأة والمجتمع ككل، وهذا سيحقق المنافسة مع الدول الكبرى التي تعتمد على التعليم بالدرجة الأولى، وبالتالي التطور بالتعليم، سيزيد من المنافع، وبالنظر إلى دولة الإمارات نرى أنها تستثمر أموال طائلة في التعليم، وجني هذا الاستثمار يجب أن يتحقق في عمل المرأة بالقطاعات المختلفة ومنها الاستثمارية، لتعود بالنفع على الدولة".

المزيد
back to top button