كيف يتعايش مجهولي النسب في مجتمع دولة الإمارات؟

مجهولي النسب أو اللقطاء، هم واقع وقضيه كائنه في جميع مجتمعات العالم، وبحسب إحصائيات مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، بلغ عدد الأطفال الذين تم إيوائهم خلال آخر خمس سنوات إلى 168 يتيماً، في المقابل بلغ عدد الأطفال الذين تم احتوائهم نحو 555 يتيماً، فما هي أوضاع مجهولي النسب في الإمارات؟ كيف يعيشون وما هي حقوقهم الدينية والاجتماعية؟

 

تتحدث الدكتورة سعاد محمد المرزوقي، العميد المساعد لشؤون الطلبة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، بجامعة الإمارات، إلى نظرية السلوك وتأثير البيئة والمجتمع، وحددت مراحل النمو النفسية الاجتماعية، للطفل اليتيم، وهي:

 

 

1- مرحلة الثقة مقابل عدم الثقة، وتبدأ من الولادة إلى 18 شهر:

في هذه المرحلة يكون لدى الطفل ثقة عمياء بالآخرين، وإذا تم وضع مجهول النسب في دار الرعاية، ليس من الضروري أن تكون ( الأم البديلة) واحدة وممكن أن تتبدل وهذا يشكل عبء على الطفل، وهنا تتشكل مشكلة عدم الثقة بالنفس والأخر والشعور بالذنب. ويفضل في هذه المرحلة أن يعيش الطفل مع أسرة مكونة من أم وأب.

 

2- مرحلة الاستقلالية، من 18 شهراً إلى 3 سنوات:

يبدأ الطفل الدخول في عالم الحرية والطلاقة المتمثلة بالمشي ويكون لديه استقلالية، ومن هنا يجب منح الطفل الاستقلالية مع المراقبة،وخلاف ذلك ممكن أن يقع الطفل بالشك في الآخرين لأنهم غير مقبولين، وممكن أن يؤدي إلى فشلهم في دارستهم أو في تعاملهم مع الآخرين.

 

3- مرحلة المبادأة، وتمتد من 3 إلى 5 سنوات:

الطفل هنا يكون أكثر جرأة ويكون لديه مبادأة، وإذا حدث لديه مشكلة في هذه المرحلة ممكن أن تؤدي إلى الشعور بالذنب.

 

4- مرحلة الجهد مقابل النقض، من 6 إلى 12 سنة:

وهي من أخطر المراحل التي يمر بها الطفل، حيث يبدأ تعلم المهارات والتحدث عن نفسه، وفي هذه المرحلة يجب على الأسر توضيح الحقيقة للطفل، وعدم إخبار الطفل بالحقيقة في سن مبكر ممكن أن يؤدي إلى اضطراب بالسلوك والإحساس بالنقص والدونية، وعدم الأهلية.

 

5- مرحلة الهوية والمراهقة من 12- 18 سنة:

في مرحلة المراهقة تبدأ المشاكل تظهر فعلياً عند مجهولي النسب إذا لم يتم إخبارهم حقيقتهم من البداية، قد يبدأ الطفل يعاني من مشكلة أزمة الهوية.

 

6- مرحلة الألفة والمودة، من 19 إلى 35 سنة:

بعد سن 18 سنة من المفروض أن يعتمد مجهولي النسب على أنفسهم بعيداً عن مركز الإيواء،لان ذلك ممكن أن يدخلهم في نمط الشخصية الاعتمادية ،والشعور بالعزلة والوحدانية.

 

 

 

أبرز المشاكل النفسية

توضح د. سعاد بعض المشاكل النفسية التي قد يعاني منها اليتيم و مجهول النسب، وتقول: " قد يعاني من انخفاض تقدير الذات، يؤدي إلى الكثير من الاضطرابات النفسية، بالغالب الأم التي تحمل بطريقة غير شرعية تحاول إسقاط وإجهاض الطفل، وبالتالي قد يتعرض إلى مشاكل جسدية كالدماغ والتفكير أو مشاكل جسدية، وبالتالي على مراكز الإيواء حين يأخذون الطفل أن تكون لديه فحوصات جسدية ونفسية وعقلية للطفل، وهذا بدوره قد يؤدي إلى الاكتئاب واكتئاب الأطفال من أخطر الأنواع وغالباً لا يكون مفهوماً أو واضح، حيث يكون أكثر صراخاً ويعاني من ألم بالمفاصل والرأس، أيضاً قد يصاب الطفل بالتبول اللاإرادي والغضب والحقد الاجتماعي، ودائماً ما يعانوا من نوبات الهلع والقلق، الخوف من النوم في أماكن مظلمة، وأيضاً اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع، كالتعاطي وضرب وقتل الآخرين، وممكن أن يتميزوا بنمط الشخصية الاعتمادية حتى في الزواج وعدم تحمل المسؤولية".

 

دراسة حديثة

لدي مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال مسؤوليات مجتمعية بحيث تهتم برعاية النساء والأطفال، أجرت مؤخراً دراسة تحليله تصف وضع مجهولي النسب في الدولة، واستعرضت أهم الانجازات والتحديات التي تواجه هذه الفئة وخرجت الدراسة بمقترحات وتوصيات لعلاج التحديات الموجودة. في البداية، ركزت الدراسة على 3 محاور رئيسية، أولها، محور القوانين والتشريعات، ومحور حصر المؤسسات والجهات المختصة التي تناولت قضية مجهولي النسب، و محور الأسرة، المختص بدراسة بعض الأسرة الحاضنة واستعرضت الدراسة خصائص الأسر الديموغرافية، وأنواع الخدمات التي قدمتها والتدابير التي اتخذتها والتحديات.

 

توضح بدرية الفارسي مدير إدارة البرامج والبحوث بمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، أبرز المؤسسات والجهات المعنية التي تقدم الخدمات ، وهي: وزارة الشؤون الاجتماعية التي صدر منها قانون مجهولي النسب عام 2012، ومجهوداتها تكمن في إعداد مشاريع وقوانين خاصة بالطفولة، ومن بين أبرز القوانين التي تشرف عليها هو قانون الضمان الاجتماعي، الذي يعطي الحق بإعطاء المعونة المالية للأطفال مجهولي النسب، وتشرف على الإمارات التي لا تتوفر لديهم خدمات ومؤسسات رعاية لتقديم الخدمة الفورية لهم. ودائرة الخدمات الاجتماعية وتقدم برنامجين، برنامج الإيواء والاحتضان الأسري، أما مستشفى لطيفة الذي يتولى رعاية الأطفال مجهولي النسب، ويقدم برنامج الاحتضان الأسري، ونيابة الأسرة والأحداث وهيئة تنمية المجتمع تقدما أيضاً برنامج الاحتضان، ومحكمة الأحوال الشخصية مهمتها إصدار إشهاد كفالة ورعاية طفل مجهول النسب، أما إدارة الجنسية تقوم بإصدار جواز السفر والجنسية، ومؤسسة الأوقاف وشؤون القصر تقدم الخدمات الاجتماعية والمعونات.

 

الأسر الحاضنة

عدد الأسر الحاضنة التي اجري عليها الدراسة هم 9 أسر. لديهم خصائص ديموغرافية مختلفة ومتنوعة. توضحها وتقول: " 8 أسر من بين 9 كان هدفهم من الاحتضان، هو نيل الأجر والثواب من الله والحصول على أجر كفالة اليتيم. و من ضمن الأهداف الأخرى أن بعض الأسر تكون محرومة من الأطفال نتيجة عدم الإنجاب، وأسر أخرى احتضنتهم بسبب وجود طفل واحد لديهم، ورغبة الحاضنة في تربية طفل آخر. وغيرهم كانوا يهدفون إلى الإسهام في رفع المعاناة عن الأطفال وتربيتهم تربية نفسية سليمة في وسط أسرة طبيعية، و إدخال الفرح والسرور على حياة الأسرة بوجود طفل يحتاج إلى عناية ورعاية.

 

تحديات شاملة

ثمة تحديات كثيرة تواجه المؤسسات والأسر الحاضنة ومجهولي النسب، توضحها بدرية، وتقول: "توصلت الدراسة إلى أهم التحديات التي تواجه المؤسسات المقدمة للخدمة، منها التأخير في إصدار الأوراق الثبوتية، مع أن القانون أعطى الحق للطفل مجهول النسب الحصول على الأوراق الثبوتية، وعدم وجود الحوافز لجذب الكفاءات الوظيفية المواطنة للعمل كمربيات، وغالباً ما تكون من الجنسيات الآسيوية، في المقابل عدم استقرار المربيات(الأمهات البديلات) في الوظيفة، وصعوبة التزام الأسر بالبرامج التدريبية، وقلة طلبات الاحتضان الأسري، إلزامية تسمية الطفل وتمييزهم بمسميات خاصة، قبل فترة كان هناك مسيات خاصة يطلق على هؤلاء الأطفال كانت تؤثر عليهم، أما التحديات التي تواجه الأطفال في دور الرعاية، تتمثل في معاناتهم من مشاكل نفسية كالقلق والاكتئاب، ومشاكل سلوكية، كالمشاجرات، الألفاظ البذيئة. وأخرى تربوية تعليمية، كالتأخر الدراسي، وضعف التحصيل، واجتماعية، كالعزلة، وعدم الرغبة في التواصل مع الآخرين".

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button