كيف نربي أبناءنا بعيداً عن تقليد الآخرين؟

لا شك ان القدوة الحسنة والتعليم من خلال النموذج أو المثال العلمي هي من اساسيات علم التربية، الذي يطمح إلى تنشئة الاجيال تنشئة صالحة، ويحاول أن يساهم في تعديل السلوك والشخصية مما يتناسب مع قيم المجتمع وظروفه وتوجهاته.

 

ومن طبيعة البشر وفطرتهم أن يتأثروا بالمحاكاة والقدوة أكثر من القراءة والسمع، والطفل في مرحلة الطفولة المبكرة تكون لديه مجموعة من السمات توهله لاستقبال كل سلوك ايجابي والعمل به. وتقول الأخصائية الاجتماعية، إليسار فندي: هنالك ثلاث مستويات اجتماعية لها الدور الكبير في تهذيب سلوك الاجيال وتنمية وعيهم الديني والحضاري، بما يتفق مع القيم السائدة وهي الأسرة، المدرسة ووسائل الإعلام بجميع أنواعها.

 

والحقيقة أن مرحلة المراهقة تتميز بالقلق وعدم الاستقرار والمعاناة الذاتية وتبرز من خلالها محاولات متعددة لإثبات الشخصية وقدراتها وتأكيد الهوية الفردية، والصفات الخاصة التي يمتلكها الفرد.

 

ومن المهم أن تترك المسافة للمراهق يستطيع من خلالها أن يبلور أفكاره وانفعالاته واساليبة الخاصة به في مختلف المواضيع والاهتمامات، وأن تبقى درجة من الحوار المتصل الذي لا ينقطع مما يضمن التعرف على ما يجري والتوجيه المناسب ولو من بعيد، وهنا أهمية القدوة الايجابية بتنظيم عالم المراهق.

 

وممكن أن يأخذ الاتصال مع عالم المراهقة اشكالا متنوعة ويمكن أن يمارس ذلك الرمز أو القدوة الأهل أو الأقرباء أو المدرسين أو غيرهم ـ والمهم أن لا يترك المراهق وحيداً في عالمه المضطرب وانفعالاته الحادة واندفاعاته.

 

وهذا يساعده على الاستفادة من تجارب الكبار نصائحه ويخفف من العزلة صراع الاجيال ويضمن حد أدنى من التفاهم والتعاون والتوجيه، وهناك جانب آخر للمراهق يمكن أن ينجذب إلى شخصيات متطرفة وحادة يحاول أن يتمثل بها ويقلدها محاولاً اثبات ذاته بطريقة لا تتناسب مع المجتمع وقيمه وعاداته، وقد يصبح ذلك سلوكاً مزمناً أو يكون مؤقتاً وعابراً يعود الى التوازن والنضج والرشد.

 

التقليد الأعمى

اضافة لكل ذلك يجب أن نربي أطفالنا على الابتعاد عن التقليد الأعمى والانجراف خلف تيار الصراعات الأتية الينا من وسائل الاعلام، والتي هي غريبة عن مجتمعاتنا، والهدف منها تخريب عقول الأبناء واخراجهم عن الإطار السليم.

وبالطبع فإن كل مجتمع أبطاله وأحلامه وتتنوع الشخصيات المثالية فيه وتأخذ أدواراً وأشكالا متباينة وفقا لأوضاع المجتمع وتنوعه وتغيراته، وتعكس هذه التغيرات الاجتماعية فيما تعكسه قلقا واضطرابا في مفاهيم القدوة وأشكالها، لذلك يجب أن نحدد الدوافع النفسية للاقتداء وتعزز ذاكرة الأبناء من أعمار مبكرة.

 

القدوة الحسنة

إن الإعجاب من أهم نقاط القدوة فالإنسان عندما يعجب بسلوك معين أو شخص ما يجد انجذابا داخليا للاقتداء به، وأيضا التنافس بين الأفراد والمجتمعات من العوامل التي تثير عملية الاقتداء ولابد أن يكون تنافس ايجابي ذو هدف نبيل بعيدا عن أجواء المنافسة السلبية التي تضمن بعمقها الحسد والغيرة وغيرها من الأمراض الاجتماعية، كما وأن الشعور بالنقص في بعض جوانب الشخصية يدفع المرء إلى الاقتداء بالأقوى، حيث أن الضعيف مولع بالاقتداء بالأقوى وهنالك تكمن خطورة الاقتداء السلبي أحيانا حيث يجد المرء مناطق الضعف في ذاته وتقليده بالأخر دون التبصر، فاذا عرف الإنسان هذه الخاصية فعليه أن يحترز من الولع خلف الانقياد الاعمى غير الموجه، فان رأى به خيرا أخذ به وأن رأى به مفسدة تركه.

 

ان غياب القدوة الصالحة من المجتمع عامل رئيسي في انهياره على العكس الاقتداء بالقدوة الصالحة ينشئ التوازن والاعتدال في سلوك الافراد، ومن المعلومات الهامة لذاكرة الطفل نبدأ بان لا نقتدي بشخص بكله وانما بجزيئات أعطي بها شخصي وأن اتنفس ذاتي، أعطر نفسي بالقدوات الايجابية الناجحة، ولكن لا أحطم نفسي بالبعد عن واقعي، فالاقتداء أن لم يكن له مزاجا تطرب له النفس البشرية لم يضع بصمته بالنفس، وهو لا يأتي بالقسر فلو كان الاقتداء واجبا سرعان ما ينسى، ولكنه تجسيد للقيم التي تربى الانسان عليها .

 

يعاني بعض الأفراد من الفراغ العاطفي أو الافتقار الى الاهتمام مما يجعله ينطلق للبحث عن الشخصيات لتقتدي بها، فإما ان يكون خياره موقفاً وهادفاً فيختار القدوة الحسنة او العكس.

 

تحقق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button