كيف نتصدى لظاهرة العنف المدرسي؟

يعتبر العنف المدرسي من الظواهر السلبية التي تشكل مشكلة خطيرة في العقود الأخيرة في الكثير من بلدان العالم، وتعدد أشكال العنف بين اللفظي والجسدي، مع تنوع الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى وقوع العنف المدرسي بين الطلبة وبين الطلبة والمعلمين.

 

يعرف أحمد عيد، موجه أول الرعاية النفسية، العنف المدرسي على أنه سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فردا أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية بهدف إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة.

 

ويقول: "العنف سلوك غير سوي نظرا للقوة المستخدمة فيه والتي تنشر المخاوف والأضرار التي تترك أثرا مؤلما على الأفراد في النواحي الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي يصعب علاجها في وقت قصير ، ومن ثم فإنه يدمر أمن الأفراد وآمان المجتمع .‏أي أن العنف المدرسي هو مجموع السلوك غير المقبول اجتماعياً بحيث يؤثر على النظام العام للمدرسة ‏ويؤدي إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي ، وينقسم إلى :

 

  • عنف مادي ‏كالضرب ، والمشاجرة ، والتخريب داخل المدرسة ، والكتابة على الجدران.
  • عنف ‏معنوي " كالسخرية والاستهزاء ، والشتم والعصيان وإثارة الفوضى .

 

 

أنواع العنف المدرسي

 

العنف بين الطلاب أنفسهم، ويشمل؛ الضرب باليد وبالدفع أو بأداة وبالقدم وعادة ما يكون الطفل المعتدى عليه ضعيف لا يقدر على المواجهة وبالذات لو اجتمع عليه أكثر من طفل .والعنف بالتخويف؛ ويكون عن طريق التهديد بالضرب المباشر نتيجة لأنه أكثر منه قوة أو التهديد بشلة الأصدقاء أو الأقرباء . أما العنف بالتحقير من الشأن؛ لكونه غريبا عن المنطقة أو لأنه أضعف جسما أو لأنه يعاني مرضا أوإعاقة أو السمعة السيئة لأحد أقاربه. وتشمل أشكال العنف، نعته بألقاب معينة لها علاقة بالجسم كالطول أو القصر أو غير ذلك، أولها علاقة بالأصل، فضلاً عن السب والشتم.

 

ويشير موجه الرعاية النفسية إلى العنف من المعلم أو المدير على الطلبة، ويقول: " يشمل العقاب الجماعي لاسيما عندما يقوم المعلم بعقاب جماعي للفصل سواء بالضرب والشتم ، لأن طالب أو مجموعة من الطلبة يثيرون الفوضى، وكذلك الاستهزاء أو السخرية من طالب أو مجموعة من الطلبة ، والاضطهاد والتفرقة في المعاملة ، عدا عن عدم السماح بمخالفته الرأي حتى ولو كان الطلب على صواب ، والتهميش والتجهم والنظرة القاسية ، فضلاً عن التهديد المادي أو التهديد بالرسوب ، وإشعار الطالب بالفشل الدائم".

 

ويضيف: " ثمة عنف ينشأ بين المعلمين والطلاب، كتحطيم أو تخريب متعلقات خاصة بالمعلم أو المدير، والتهديد والوعيد ، عدا عن الاعتداء المباشر، والشتم أو التهديد في غياب المعلم أو المدير . فضلاً عن التخريب المتعمد للممتلكات، ويشمل؛ تكسير الشبابيك والأبواب ومقاعد الدراسة ، والحفر على الجدران ، وتمزيق الكتب وتكسير وتخريب الحمامات ، وتمزيق الصور والوسائل التعليمية والستائر" .


 

أسباب العنف

 

ثمة أسباب عديدة تؤدي إلى العنف المدرسي منها أسباب تعود إلى المؤسسة التربوية نفسها، كطريقة تصميم المؤسسة وازدحام الصفوف ونقص المرافق الضرورية وانعدام ‏الخدمات.‏ و أسباب تعود إلى المدرسيين، كثرة الغياب في أوساط المعلمين، ونظام الاستبدال بالأساتذة المتغيبين، مما يفسح ‏المجال الى الخروج عن النظام في الصف. و‏ أسباب تعود إلى التلاميذ، كطبيعة التنشئة الاجتماعية والتعويض عن الفشل والاختلاط برفاق السوء والتأثر ‏بأفلام ومسلسلات العنف. و‏أسباب أخرى تنظيميه، كغياب القوانين واللوائح التنظيمية والتي تحكم عمل المؤسسات التربوية بالإضافة إلى ‏ضعف التواصل والتعاون بين مجالس أولياء الأمور وإدارة المدرسة.‏

 

 

سيكولوجيا العنف المدرسي

 

ترى نظرية التحليل النفسي أن العنف يرجع إلي الصراعات الداخلية والمشاكل الانفعالية والمشاعر غير الشعورية بالخوف وعدم الأمان وعدم المواءمة والشعور بالنقص . يقول موجه الرعاية النفسية: " إن العنف يتعلم ويكتسب خلال عملية التنشئة الاجتماعية، كما يتشرب المرء مشاعر التمييز العنصري أو الديني، ويتم تعلم العنف داخل الأسرة والمدرسة ومن وسائل الإعلام ، وهناك العديد من الأفعال الأبوية أو التي يقوم بها المعلمون والتي تستخدم العقاب بهدف التربية والتهذيب غالبا ما تعطى نتائج سلبية . كما إن العلاقة المتبادلة بين الآباء والأبناء والخبرات التي يمر بها الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة، تشكل شخصية الفرد عند البلوغ ، لذلك فإن سلوك العنف ينقل عبر الأجيال . ويشار إلى إن إساءة معاملة الطفل في المنزل يؤدي إلي سلوك عدواني تبدأ بذوره في حياته المبكرة ويستمر في علاقته مع أصدقائه وإخوته ، وبعد ذلك مع والديه ومدرسية" .

 

 

كيف يتعامل أولياء الأمور مع الطفل العنيف؟

 

  • ضرورة تحديد السلوك الاجتماعي السيئ الذي يلزم تعديله أولا.
  • أهمية فتح الحوار الهادئ مع الطالب المتصف بالسلوك العدواني، وإحلال نموذج من السلوك البديل الذي يكون معارضا للسلوك الخاطيء ليكون هدفا جذابا للطالب ( من خلال ربطه بنظام للحوافز والمكافأة ).
  • ضرورة توظيف التدعيم النفسي والاجتماعي لإحداث التغيير الايجابي.
  • إذا كان لا بد ان تمارس العقاب، فيجب ان يكون سريعا وفوريا ومصحوبا بوصف السلوك البديل.
  • القيام بتدريب الطفل على التخلص من أوجه القصور التي قد تكون السبب المباشر أو الغير مباشر في حدوث السلوك العدواني، مثل تدريبه على اكتساب ما ينقصه من المهارات الاجتماعية، وعلى استخدام اللغة بدلا من الهجوم
  • الجسماني، وعلى تحمل الإحباط وعلى تأجيل التعبير عن الانفعالات وعلى التفوق في الدراسة.
  • عدم الإسراف في أسلوب العقاب أو التهجم اللفظي، فهذه الأنماط من السلوك ترسم نموذجا عدوانيا يجعل من المستحيل التغلب على مشكلة السلوك العدواني لديه،بل قد تؤدي هذه القدوة الفظة التي يخلفها العقاب إلى نتائج عكسية.

 

تقرير رنا إبراهيم

المزيد
back to top button