كيف تؤدب شاتمك عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

خلقت من أجل التواصل الاجتماعي الايجابي وتبادل الأفكار والمعلومات والتسلية الموزونة، إلا أن بعض من مستخدمي هذه المواقع يلجأون إلى فرض أفكارهم وتوجهاتهم والتنغيص على مستخدمي هذه المواقع عبر استخدام أساليب السب والشتم والابتزاز، ولكنهم لا يدركون بأن المشرع الإماراتي يقف بالمرصاد لقضايا السب والشتم عبر الفضاء الرقمي، ويعتبرها "جريمة" يعاقب عليها القانون بأقسى أنواع العقوبات التي تبدأ بالغرامات المالية والحبس والإبعاد بالنسبة للأجانب.

 

أوضح المحامي والمستشار القانوني يوسف البحر، أن المحكمة الاتحادية العليا شددت على عدم جواز قبول دعوى السب باستخدام وسائل تقنية المعلومات، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليهم بالجريمة ومرتكبها، مشيراً إلى أن تراخيهم في تقديم الشكوى يسقط حقهم وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.

 

ويقول البحر: "في حال قررت النيابة العامة رفع القضية إلى المحكمة الجنائية فإنها ستعرض على مراحل التقاضي المختلفة، ومن حق المجني عليه في حال الحكم لصالحه التوجه للمحكمة المدنية المختصة للحصول على تعويض. والجدير ذكره هنا أن المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات شدد العقوبات في جرائم الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية حفاظاً على حقوق الناس ومنها الجرائم المتعلقة بالسب والقذف والتي تصل العقوبة فيها إلى الحبس والغرامة التي لا تتجاوز نصف مليون درهم".

 

 

وتنص المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات على أنه: مع عدم الإخلال بأحكام جريمة القذف المقررة في الشريعة الإسلامية، يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات..... ."

 

 

سيكولوجية الشاتم

يوضح الموجه التربوي ومستشار منظمة الأسرة العربية الدكتور يوسف شراب، استراتيجية التعامل مع الشاتمين والمبتزين عبر مواقع التواصل، ويقول: " أصبحنا نعيش في قرية صغيرة بفضل التطور التكنولوجي وإنتشار الفضاء الإلكتروني، الذي يستخدمه البعض كأداة لنشر الفتن والقذف والسب والإبتزاز، وهنا على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أن يكونوا على يقين وحذر في التعامل مع الغرباء، والحذر من الإنفعال عند إطلاق الكلمات المكتوبة أو المسجلة حتى لا يقعوا في فخ المحظور والمسائلة القانونية، لذلك عليهم تجنب الرد والإنفعال حتى لا يمنحوا الشاتم فرصة للتمادي وتحقيق غايته العدائية الدفينه".

 

ويحدد شراب سيكولوجية الشخص الشاتم، ويقول: " غالباً ما تتصف هذه الشخصية بأنها شخصية عدائية وتعاني من عقدة النقص، لذلك يطلق بعض الألفاظ النابية التي تخلصه من هذا النقص وتبرزه بدور المنتصر، وقد يكون الشاتم جاهل ومن الطبقات الدنيا الغير متعلمه وغير مطلع على الثقافة القانونية.

 

ويقول شراب: " بعض مستخدمي مواقع التواصل يلجأون إلى استفزاز الغير بغية إيقاعهم بالمحظور وتوريطهم بقضية جنائية، تعرض الشائم لخسائر مالية وعقوبة الحبس، لذلك يجب عدم التسرع في إطلاق الكلمات والتأني والتفكير قبل الرد أو الصمت وهو سيد الموقف".

 

 

وجه بألف قناع

أوضحت الإعلامية عبير عصام كزبورة، أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد من أبرز المواقع التي يتناقل ألاف المشتركين فيها العديد من المواضيع، وعادة ما يستغلها البعض من أجل التشهير وإسناد التهم فضلاً عن انتشار ظاهرة السب والشتم، وتقول: "مع تطور الثورة التكنولوجية وتطور استعمال شبكة الإتصالات الدولية التي أصبح استخدامها متاحاً لجميع فئات المجتمع بكل طبقاته ومستوياته، يلجأ البعض إلى التنفيس عن ضعوطات الحياة التي يمرون بها من خلال استخدام كلمات تتنافى مع الضوابط الاجتماعية التي يعيشون فيها بشكل حقيقي، فكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يرتدون في كل موقع قناع يتماشى مع نفسياتهم المتقلبة، فأحياناً يكون مرشداً اخلاقيا، وتارة أخرى يتحول إلى رأس أفعى ليبث السم من خلال كلماته الجارحة والقذف والشتم التي قد لا يتفوه بها أمام الناس في الحقيقة، وهذا ينم عن أمراض نفسية قد تعود لأسباب طبقية مجتمعية ومادية وربما بيئة المنزل والمدرسة التي ينتمي إليها".

 

وتضيف: "في بعض الأحيان يكون المستخدم ظاهراً باسمه وشخصيته الحقيقة وسرعان ما تثير حماسته وغضبه بعض الموضوعات التي تثار في وسائل التواصل الاجتماعي ويكون هدفها نشر الفتنة بين أفراد المجتمع، ومنها نشر الأكاذيب والشائعات التي تؤثر بفئة وتحفزها على فئة أخرى مستغلين المناسبات العامة على سبيل المثال " مونديال كأس العالم" حيث شهدت ساحات السوشيال ميديا معارك طاحنة من السب والشتيمه بين الشجعين".

 

وترى كزبورة أن على مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أن يتحلى بالحكمة ولا يسمح للآخرين باستفزازه وإثارة غضبه، وأن يتعامل بشكل عقلاني مع كل فئات المجتمع التي يتواصل معها، ويعرض عن صغائر النفوس ويرتقي بأخلاقه وتربيته . كما تنصح بتجنب نشر الشائعات والأخبار المغلوطة إلا بعد التأكد من صحة الخبر. وتقول: " يجب أن نكون أكثر تسامحاً مع الآخرين وخاصة مع من لا نعرفهم إلا عن طريق الشاشة المضيئة، ونختار الحسابات التي لابد أن نتابعها ونتواصل معها بثقة".

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button