جيل يحترم البيئة!

يتحرّك الشباب من حول العالم دفاعاً عن كوكبهم تحت شعار: "حان الوقت لتغيير عاداتنا". من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمسيرات والمظاهرات، يصرّون على عدم التراجع قبل أن تؤقلم الشعوب والسياسات سلوكها. هنا، تغوص مجلة Elle في عمق هذه الظاهرة العالمية وتجري لقاءات مع سبعة روّادٍ متحمّسين من الجيل الشاب، من قمّةٍ للشباب عُقدت من أجل المناخ في الأمم المتّحدة مؤخراً وهدفها الإعلان عن نشأة جيلٍ جاهزٍ للتحرّك.

 

كان صيف غضب الشباب! في آب/ أغسطس 2018، بدأت غريتا ثنبورغ، فتاة في السادسة عشرة من عمرها، تتغيّب بانتظامٍ عن صفوفها أيام الجمعة لتقف أمام البرلمان السويدي حاملةً لافتة مكتوب عليها "إضراب عن المدرسة من أجل المناخ". أنشأت ثنبورغ، صاحبة التعبير الصارم والضفائر التي توحي بفتاة المدرسة تحرّكاً جديداً. لكنّها لم تكن الوحيدة لتُطلق مطالب مشابهة. ففي الولايات المتّحدة الأميركية، نظّمت جيمي مارغولين أول مسيرة للشباب من أجل المناخ في تموز/ يوليو 2018 في واشنطن العاصمة. في البرازيل وفي الصيف نفسه، أسّست كاسيا مورايس شبكة Youth Climate Leaders لتمرين الناشطين على القيام بمهنٍ مرتبطة بمجال التبدّل المناخي. وقد تردّدت في كلّ أنحاء العالم أصداء غضبهم وخوفهم من حدوث كارثة بيئية قد تصل إلينا مباشرةً بدون رقيب.

"تراكمت الأمور مع مرور الوقت"، تقول مارغولين. "فنحن لم نفتح فجأةً الصحف لنتفاجأ بأنّ تبدّل المناخ موجود ثمّ نزلنا بسرعة إلى الشوارع". في الواقع، تقول مارغولين إنّ الأولاد قد تعلّموا طوال حياتهم أنّ تغيّر المناخ موجود وأنّ الأمر سيسوء في حال غياب تحوّلات جذرية في طريقة تصرفاتنا. وضعت مارغولين قاعدةً لعملها في العام 2017 لمسيرة المناخ حين كتبت عبر تويتر معلنةً أنّها تبحث عن المساعدة من أجل هذه الفكرة. وتلقّت "بعض الرسائل المباشرة" بما فيها رسالة من ناديا نازار، وهي غريبة في مدينة بالتيمور. بعد ذلك بوقتٍ قصير أبصرت النور حركة Zero Hour الرقمية التي تضمّ ناشطين من الشباب والمنظّمين أسّستها مارغولين وأشرفت نازار على إدارتها الإبداعية. من أجل هذه المسيرة الأولى، خافت مارغولين من ألاّ يشارك أحد لكنّ "ألف ولد انضمّوا للمشاركة تحت المطر... لقد ساعدنا ومهّدنا لهذه الحركة الحالية الضخمة التي يقودها الشباب وهي ستكون بمثابة الموجة المقبلة".

 

على الرغم من دور وسائل التواصل الاجتماعي في تأسيس Zero Hour، تصف مارغولين ذلك على أنّه وسيلة محدودة. "لا تكتفي بالنشر، بل افعل ما يلزم... فإن كان محو وسائل التواصل الاجتماعي سيمحي نشاطك بالكامل، فأنت إذاً تقع في فخّ نزعة الكبس على الأزرار ليس إلاّ. وهذه النزعة ليست مفيدة لأنّها لا تخدم القضيّة على أرض الواقع. أعني أنّ هناك الكثير من الأمور التي يجب التنبّه لها بالتالي حريّ بنا أن نتحرّك".

 

خلال السنة الفاتئة، أدّت المسيرات العالمية والمشاريع التي قامت بها ثنبورغ وZero Hour وغيرهما إلى الاستمرار بتحفيز ملايين الشبّان على تنظيم مشروع حماية الأرض. قد يكون الحراك الهادف إلى محاربة تبدّل المناخ قد بدأ منذ بضع سنوات وقبل أجيالٍ أيضاً لكنّ ناقوس الخطر قد دقّ بفضل ثنبورغ ومارغولين ومورايس وغيرهنّ من الناشطين من الجيل الشاب. فقد استقطب أحدث مجهود شعبي وهو الأسبوع العالمي للمستقبل أكثر من 7،6 ملايين مشارك من حول العالم، انضمّوا إلى المسيرات والأحداث الأخيرة، وذلك بحسب المنظّمين.

ولم يكن الأسبوع العالمي الذي حُدّد عن قصد بالتزامن مع قمة الأمم المتّحدة للعمل المناخي في نيويورك المؤشّر الوحيد لانتفاضة الشباب التي وصلت إلى حدودٍ حرجة. فلأول مرّة على الإطلاق، تعقد الأمم المتّحدة قمّةً للشباب تُعنى بالمناخ تجمع أكثر من 500 شخص من قادة الحراك من أجل المناخ من حول العالم. وقد منح الحدث الافتتاحي الذي أقيم في 21 أيلول/ سبتمبر فرصةً للروّاد الشباب ليجتمعوا ويتبادلوا الأفكار ويعرضوا محادثاتهم على قادة المجتمع المدني وعالم الأعمال والحكومات في كلّ أنحاء الأرض. أعرب تحالف C40، الذي يضمّ أكثر من 90 مدينة من حول العالم وافقت جميعها على أولوية العمل البيئي، عن استيائه من نتائج قمة العمل من أجل المناخ، وذلك بحسب تصريح جاء على لسان رئيسة المجموعة آن هيدالغو، عمدة باريس. ولكنّ ما تعرفه المجموعتان أنّه لمن الضروري أن يشارك ناشطون من الجيل الشاب في أدوارٍ أساسية تتولّى صنع القرار. تسعى هيدالغو لجعل مدينتها أكثر احتراماً للبيئة من خلال إضافة مزيد من الخطوط للدرّاجات في الشوارع وتحويل طريقٍ واسعٍ وسريع إلى حديقة فضلاً عن العديد من الأمور الأخرى التي تساهم في مزيد من التطوّر. وقد شاركت في مسيرات الشباب أيام الجمعة في باريس وأعلنت عن أكاديمية المناخ الهادفة إلى "تمرين الشباب على هذه القضايا الجوهرية". وكدلالة أخرى على الاعتراف بأنّ قادة تغيّر المناخ هم مصدر حيوي للطاقة والأفكار، ستعلن C40 Cities عن إنشاء مبادرة عالمية للشباب كخطوة للدخول في حقبة عالمية جديدة ترتكز على احترام البيئة. وقد تمّ إطلاق المبادرة بعد تفوّق حراك الشباب قادة المناخ الذي استمرّ ليوم واحد على قمة المدن الأربعين C40 الممتّدة على أربعة أيام في كوبنهاغن سيتي هول في تشرين الأول/ أكتوبر. وتقول هيدالغو: "سترث الأجيال الشابة هذا الكوكب غداً... وهم أكثر من يرحّب بالتغيير لأنّهم لم يعتادوا لفترة طويلة على تطوير عادات سيئة".

 

وتسمح مورايس وبرنامجها Youth Climate Leaders لتلك الأجيال المقبلة بالعمل على ابتكار عادات إيجابية جديدة. وتقول مورايس: "إذا عمل مزيد من الشباب في هذا المجال سنتمكّن بالفعل من تخطّي أزمة المناخ". في السنة الماضية، تلقّى برنامجها الهادف إلى تمرين مبتكرين للمستقبل 500 طلب من 95 دولة – وهذا يشير إلى "حدوث حالة من الصحوة".

الآن، يعمل بعضٌ من الناشطين المتدرّبين لدى Youth Climate Leaders مع ممثّلة الولايات المتّحدة الأميركية ألكسندريا أوكازيو-كورتيز، C40، ويحصلون على شهادات البكالوريوس والشهادات العليا في المواضيع المتعلّقة بتغيّر المناخ.

مع ذلك، وعلى الرغم من كلّ التقدّم الذي أحرزته شخصياً، شعرت مورايس بالهزيمة وهي تشاهد غابة الأمازون تحترق هذا الصيف وتبعث دخاناً كثيفاً نحو مدينة ساو باولو التي "بدت كما وأنّها في فيلم نهاية العالم". هي قلقة جداً لكنّها تقول: "لا يجوز التوقّف عن العمل اليوم بسبب فقدان الأمل... علينا الاستمرار إذ لا يسعنا الانتظار أكثر بعد".

 

هذا الدفع لمواجهة الأزمة هو بالتحديد ما تأمل الأمم المتّحدة تحقيقه مع قمة الشباب الخاصة بالمناخ. بالتحديد مع الفائزين "بالتذكرة الخضراء" وهم مجموعة مختارة مؤلفة من مئة شخص من الجيل الشاب يدافعون عن المناخ بكلّ جرأة وقد حصلوا على الدعم (من خلال السفر عبر وسائل تستثني الكربون) للمشاركة في القمّة. وطوّر الفائزون المختارون من حول العالم حلولاً من شأنها أن تغيّر الواقع في بلدانهم، هذا إن لم يكن في العالم بأسره.

أمّا الفائزون بالتذكرة الخضراء والعاملون في الموضة والطاقة والهندسة والصحافة والسياسة وغيرها من المجالات فتمّ اختيارهم من مجموعة تتخطّى 7000 متقدّم تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة وركّزت مجلة Elle بشكل أساسي على سبعة من هؤلاء القادة فأجابوا عبر البريد الالكتروني عن أسئلةٍ تتناول مستقبل النشاط المتعلّق بتبدّل المناخ. وإليكِ الإجابات المفعمة بالإلهام...

المزيد
back to top button