الطريق في رمضان.. زحمة وعصبية وصراخ‎

"القيادة فن وذوق وأخلاق" هو شعار ارتبط بالسلوك في الشارع في كل بلادنا العربية، ولكن مع حلول شهر رمضان المبارك حيث دوامات الموظفين وطلبة المدارسة في نفس التوقيت، المصحوبة بالنعاس وعدم التركيز وما يقابلها من عصبية وارهاق جميعها عوامل تجعل الشارع العام أشبه بحلبة مصارعة.

 

إعتادت خديجة محمد- موظفة- العمل في شهر رمضان، وتقول: " أحاول أن لا أورط نفسي في زحمة الصباح، لذلك أتجه إلى عملي قبل 3 ساعات من موعد العمل، ليكون عندها الشارع فحسياً وأصل مبكراً إلى دوامي، ولكن أزمة الظهيرة هي قدر لا مفر منه، لذلك أحاول قدر الإمكان التركيز في القيادة بعيداً عن العصبية".

 

 

أما أحمد شاكر- موظف- فيفضل أخذ إجازة سنوية في شهر رمضان، ويقول: " لا أحب الإزدحام، وقيادتي تحت تأثير الصوم تكون انفعالية، لذلك أفضل قضاء نهاري الرمضاني في المنزل، أما في المساء فأتجنب الذهاب إلى الأسواق والأماكن المزدحمة".

وتقول منى عوض- موظفة- " هذا أول رمضان أعمل فيه كوظفة بدوام ثابت، وأعاني كثيراً من الإزدحام المروري، الذي يجعلني منهكة طول اليوم، فلا استطيع قراءة القرآن أو حتى مساعدة والدتي في شؤون المطبخ، لقد أقحمت نفسي بالإزدحام المزعج والقيادة الخطيرة من قبل البعض، لاسيما في الساعة القليلة قبل موعد آذان الإفطار".

 

لاتغضب

الصيام مدرسة نتعلم منها الخلق الحميد، لاسيما آداب التعامل أثناء قيادة المركبة، يوضح رامي كلاوي – باحث في الشؤون الإسلامية، يقول: " في البداية علينا أن نتعلم ما هو رمضان وما هي الحكمة من الصيام؟ قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ومعنى ذلك أن الصيام يُعلمنا التقوى، وهي طاعة الله عز وجل، فرمضان مدرسة نتعلم فيها التمسك بكافة تعاليم الدين من فرائض وسُنن وأخلاق. لذلك يجب أن يتذكر الصائم أنه في عبادة وأن عليه أن يتحلى بآداب الصيام وصفات الصائمين المقبولين حتى لا يضيع ثواب صيامه أو يعطي صورة سيئة عن الصيام والصائمين، فمن ثمرات الصيام التي ينبغي أن ينتبه لها الصائم أن يُحسن خلقه مع الناس وإذا أساء إليه أحد فليقل (إني صائم) ، كما جاء في الحديث النبوي ((إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم)) ،، وهذا يشمل حالات الإساءة جميعها ومن ذلك ما يحصل بين السائقين، فعلى السائق أن يتذكر صيامه وأنه في عبادة وأن من آداب هذه العبادة أن لا يرد على الإساءة بمثلها، ومن باب الأَولى أن لا يكون هو المسيء أصلاً .. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام لمن سأله أن يوصيه (لا تغضب ) ورددها ثلاث مرات ، لا تغضب ، لا تغضب ،، فحريٌّ بالمسلم أن يلتزم بهذه الوصية النبوية وغيرها في حالة الصيام أكثر من غيرها لأنه في عبادة فلا يُفسدها بالسباب والغضب والانفعال ".

 

 

سيطر على انفعالاتك

إن انفعالات الغضب والتوتر أثناء قيادة السيارة، أمر خطير قد يعرض السائق ومن معه على الطريق إلى حوادث وأعقاب وخيمة، يقدم كلاوي مجموعة من النصائح للصائم:

 

  • على الصائم الإهتمام بوجبة السحور وأن يؤخرها قدر الإمكان لتكون عوناً له على الإمساك بقية اليوم من دون أن يتعرض لجوع أو ظمأ شديدين، فذلك قد يؤثر على تركيزه وانتباهه.
  • ينصح بالنوم قدراً كافياً في الليل وعدم إطالة السهر ، وبذلك يكون في نهاره نشيطاً ومنتبهاً وواعياً.
  • تجنب تناول المأكولات المملحة أو الحارة أثناء الليل لأنها تسبب العطش الشديد.
  • ينصح بتناول وجبات متوازنة تشتمل على كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم من نشويات وبروتينات وخضار وفواكه وشرب الماء بشكل كاف بحيث يتم تعويض ما فقده خلال النهار، والإنسان العادي يحتاج لثمانية أكواب من الماء على الأقل.
  • الاعتدال في تناول المنبهات كالشاي والقهوة خلال الليل لأنها مدرات للبول كما قد تمنع من النوم .

 

 

دراسة: 79 % من الحوادث في رمضان سببها النعاس

 

أجرى الدكتور محمد الحوقاني استشاري أمراض التنفس والنوم، دارسة حول خطورة القيادة تحت تأثير النعاس والإرهاق، وتوصلت الدراسة أن 79 % من الحوادث التي وقعت في رمضان، كان سائقيها يقودون سيارتهم بسرعة لم تتجاوز 100 كم في الساعة، وتين أن 85% من الحوادث التي وقعت نتيجة النعاس، أسفرت عن تدهور المركبة، وأن 42% من هذه الحوادث وقعت خلال شهر رمضان، وأن غالبية المصابين هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة. وتوصل الحوقاني إلى أن السهر لساعات متأخرة من الليل، وخاصة في شهر رمضان يعد سبباً رئيسياً لوقوع حوادث المرور، وحذر الحوقاني من خطورة تجاهل السائقين لنداءات وتحذيرات القيادة تحت تأثير الإرهاق والنعاس، ما يعرض حياتهم والآخرين للخطر، لافتاً إلى أن 5% من إجمالي 444 سائقاً من مختلف الجنسيات ممن أصيبوا بحوادث المرور شملتهم الدراسة، أصيبوا نتيجة القيادة على الطرق السريعة صباحاً تحت تأثير النعاس خاصة خلال شهر رمضان.

 

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button