الإدخار في قاموس المرأة الإماراتية!

لم تعد الحياة الاقتصادية التي يعيشها مواطني دولة الإمارات مثل سابقة عهدهم، فمع التقدم الاقتصادي الذي تشهده دولة الإمارات وما يتبعه من استقرار مادي وزيادة في دخل المواطنين، إلا أن الإنفاق الاستهلاكي للفرد في ارتفاع مستمر، حيث أظهرت نتائج لدراسات المركز الوطني للإحصاء، أن متوسط الإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسرة المواطنة في الدولة على السلع والخدمات يبلغ نحو 23 ألف درهم من إجمالي 42.3 ألف درهم، و ان متوسط الإنفاق الاستهلاكي الشهري على السلع والخدمات للأسرة المواطنة في الدولة يمثل أكثر من ضعف إنفاق الأسر غير المواطنة. و تشير الأبحاث ان حجم الإنفاق على مستحضرات التجميل وأدوات الزينة في الإمارات قد ارتفع بمقدار كبير مقارنة بالدول الأوروبية فعلى سبيل المثال زادت نسبة الإنفاق على مستحضرات التجميل في الإمارات عن فرنسا بنسبة 38% وعن المملكة المتحدة بنسبة 6% ، حيث يقدر إنفاق المرأة الإماراتية على مستحضرات التجميل نحو مليار درهم سنوياً. إذاً هل مفهوم الادخار كائن في قاموس المرأة الإماراتية التي تعتبر المرشد الأول والمربية الأساسية للأجيال؟

 

الإماراتية خلود الكندي، موظفة، وتدرس وتربي أطفالها بنفسها، تنتهج أسلوبا فريدا في الادخار، وتقول: "أنا من النساء اللاتي يؤمن بنظرية الادخار وأطبق منهجيته في حياتي، لذلك لدى منهجين في تطبيق الادخار على المستوى الشخصي وعلى النطاق العائلي مع زوجي وأبنائي، فالعائلة لديها برنامج خاص في كل شهر نخصص مبلغ للادخار ، فضلا عن المبلغ المخصص للترفيه عن النفس كالتسويق والذهاب إلى مطعم ومصاريف النزهة في نهاية الأسبوع، أما الادخار فاستخدمه على سبيل المثال لإكمال دراستي العليا او للسفر في نهاية الأسبوع، او لتشييد مسكن للمستقبل، هذه فكره مشتركة مع زوجي تعهدنا بها من قبل الزواج والحمد الله طبقناها في حياتنا ليستفيد منها أبنائنا،و تتحدث الكندي عن مصاريف المنزل الشهرية، وتقول: " أشارك زوجي في جزء من المصاريف والجزء الأخر يذهب للادخار الذي تحدثت عنه سابقا، وابتعد عن نظام الروتين، أي في شهر أتكفل في أجار المنزل وزوجي يتكفل بباقي المصاريف، والعكس يطبق في الشهر التالي، وهذا الأمر يطبق على أطفالي، اشتري لهم العاب واترك جزء من الألعاب في حوزتي، وبعدها أقدم لهم الألعاب الجديدة واحتفظ بالألعاب القديمة لا قدمها لهم فيما بعد ، حتى لا يحسوا بالملل، وبهذا يتعلم الأطفال منذ الصغر على القناعة والادخار!

 

وتشير الكندي ان مصاريف الدراسة فضلا عن مصاريف المسكن تعتبر من المصاريف الأساسية، أما الترفيه والسفر فهي من الأمور الثانوية، كما تخصص هي وزوجها مبلغ يقتطع من راتبها للأبناء، يستطيع أطفالهم الاستفادة منه حين يكبرون وهو مبلغ ثابت، فضلا عن المبلغ الشهري المخصص للجهات الخيرية.

 

من جانبها، توضح هيا خميس أن مفهوم الادخار، يذكرها بأيام الطفولة، حين كانت تستخدم حصالتها وتضع جزء من مصروفها اليومي فيه، ومع مرور الوقت كانت تذهب وتحصد غلتها وتذهب لشراء الألعاب وكل ما يخطر في بالها، ولكن اليوم ، لم يعد هناك حاجة للادخار، لأنها اليوم دخلت ميدان العمل ولها راتبها الذي تحصل عليه في نهاية الشهر والذي يكفيها لشراء متطلباتها دون الحاجة إلى الادخار، وتقول: " لماذا أدخر؟ أنا مازلت عازبه، ولا يوجد لدي أي التزامات مادية، علي أن أعيش حياتي، أما فكرت الادخار سوف تأتي مع الأيام حين أكون مسئولة أو صاحبة مشروع معين، هنا علي أن أدخر، حتى أضمن مستقبلي ومستقبل المحيطين بي".

 

وحول مشاركة هيا مصاريف المنزل مع والدها، تقول: " المشاركة شيء جميل ولكنها ليست إلزامية، بمعني آخر، إذا أردت ان مشاركة والدي مصاريف المنزل سوف أشاركه وأساعده دون تردد ، فشعور التعاون والعطاء وخاصة للوالدين جميل جداً، وأنا دائما أسعى إلى تقديم الهدايا لهم".

 

الوسطية

ترى خديجة محمد، موظفة، أن سلوك الادخار مهم جداً في حياتها، بل هو أحد الدروس التي تعلمتها من المدرسة، وتقول: " أنا لا أقصر على نفسي في شيء وفي نفس الوقت لا أحب الإسراف أبداً ،لأنني مؤمنة بالمثل القديم، الذي علمني إياه والدي { لا تسرف حتى لو من البحر تغرف }، نحن شعب الكرم نعم ولكن هناك حدود ،فيجب ان لا نصل بكرمنا لحد الإسراف".

وتضيف: " واجب علي مشاركة عائلتي مصاريف المنزل، وأشعر بالسعادة حين أشاركهم، لأن المشاركة جزء من الإحساس المسؤولية والشعور بالتلاحم الأسري وخاصة ان باستطاعتي مساعدتهم، لذلك لدي خطة شهرية لمصروفاتي، هناك مصروفات ثابتة و مصروفات احتياطية طارئة ومصروفات للتوفير".

 

الادخار الناجح

يوضح محمد شاكر المحلل الاقتصادي، المعني المقصود من الادخار، ويقول:" الادخار هو أن تصرف أقل مما تكسب أو أن تدير أمورك بأن تكسب أكثر مما تصرف وهما مفهومان مشوهان في مجتمعنا لأنهما مفهومان مستعاران من مجتمعات أخرى وليست لها علاقة بخصوصيات مجتمعاتنا". ويرى ان العائلة المقتصدة والمدخرة، هي العائلة القادرة على مقاومة ظروف الزمن الصعبة وهذا يعطيها الأولوية في التفوق وعدم انقطاع السبل بالعائلة كتدريس الأولاد وخاصة تعزيز فكرة الاستقرار الذي هو أساسي عند الأولاد، ثم إن العيش على حافة الإفلاس لها تأثيرات سلبية كثيرة تؤثر على تفاهم العائلة والضغوط النفسية التي يمكن أن يعاني منها الأولاد مستقبلاً.

 

ويقدم محمد شاكر، عدد من التعليمات والإرشادات لكل شخص يقبل على الادخار، بمراعاة عدد من المعايير، وهي:

  • لا تستطيعِ ادخار نقود أنت بحاجة ماسه إليها، من هنا تأتي صعوبة فكرة الادخار.
  • فكرة الادخار لا تقترن بفلسفة الحياة وصعوباتها لذلك نرى أن المال المدخر يُصرف عند أول امتحان.
  • الكثير من طرق الادخار فاشلة لأن الذي يدخر لا يرى تزايداً في ماله وقد يقنعه أحدهم أيضاً باستثمار خاطئ لا يعرف عنه الكثير كسوق الأسهم مثلاً فيبدد مدخراته.

 

تحقيق رنا إبرايهم

المزيد
back to top button