إبنة الطلاق: غضب وعداء وشعور بالاكتئاب

لاشك أن الأبناء هم أكثر من يدفعون ضريبة طلاق الأباء والأمهات، وتختلف حدة تأثير الطلاق بين الفتيات والذكور، إذ تعتبر هذه المشكلة بالنسبة لهم تجربة نفسية قاسية تؤثر على بناء شخصية الطفل بالإضافة إلى أنها تفسد الطفل، إذا تجعل من مشاعره غير مستقرة، فما تأثير الطلاق على الفتيات؟

 

من إحدى العيادات النفسية في دبي، نستعرض هذه القصة، والتي تسردها المستشارة النفسية مريم حسن، وتقول: "في يوم من الأيام جاءتني حالة تطلب الاستشارة، ولكن ليس لها ولا لأبنائها، إنما لابنة شقيقتها التي تعيش معها نظراً لانفصال الأب عن الأم وزواج كل منهما بآخر، فالأم تعيش في إمارة أخرى والأب كذلك وكل منهما اختار لنفسه حياة أخرى بعيداً عن الطفلة البريئة التي كانت بذرة تجربتها الأولى وهو الزواج الأول. فبدأت حياتها تارة عند الأم وتارة أخرى عند الأب ولكن لم تحظى بأي رعاية وحب كأي طفلة تعيش في كنف والديها، مما جعل الخالة تمد يد العطاء لتستقبل هذه البنت لديها وعاشت وترعرعت في حياة بين صبيان حيث لم يكن لدى الخالة أي بنت لذلك كانت تحرص على الاهتمام بها كسند للحياة لها مستقبلا.

 

كبرت الفتاه وتدعى "هدى" لتصبح في المرحلة الثانوية، وكانت الفتاة بطبعها مشغولة عن الآخرين، لا تحب تكوين صداقات جديدة فهي متكيفة بصداقاتها القديمة ودائما مستاءة وغير راضية بالوضع الذي تعيش فيه، وفوجئت الخالة بان هدى تتعاطى حبوب مخدرة وقامت عندها بضربها وحبسها بالمنزل حتى أن هدى حاولت الانتحار ولكن الله لطف بها.

تقول الخالة، ابنة شقيقتي الآن حبيسة غرفتها ولكن تعيش حالة نفسية صعبة، لا تريد الطعام ولا تريد متابعة دراستها، ماذا أفعل؟

 

بدورها طلبت قامت المستشارة النفسية منها إحضار هدى على الفور في اليوم الثاني، وبالفعل جاءت الفتاة إلى المكتب وهي شاحبة اللون صامتة، طلبت من خالتها الانتظار خارج المكتب إلى أن انتهي من مقابلة الفتاة. وتم السؤال عن حالها، وكانت ترد بكلمات مختصره خالية من أي تعبير، وعندما سألت عن ماذا تريدين لتستعيدين ابتسامتك؟ أجابت بلا شيء... وبعدها أحضرت لها المستشارة النفسية ورقة وقلم وقلت لها ارسمي اقرب شيء لقلبك فرسمت ولداً، وقالت لها يبدو انه الشخص الوحيد الذي يسمعك؟ فبكت بقوة ومسحت دموعها، وقالت أين هو الآن لقد انقطعت أخباره عنا لان الهاتف النقال لم يعد لدي، وتم سؤالها عن صديقها الذي تراه أخاً لها يساندها في حياتها، وقالت انه شخص يرأف لحالها ويوجهها إذا أخطأت ووقوف بجانبها كثيراً، حتى أنه كان السبب في منعها من تعاطي هذه الحبوب التي كانت ضحية فيها، عندما وجدتها إحدى الغريبات تجلس وحيدة في زاوية إحدى المقاهي، فقالت لها خذي حبة لترتاحي و لكن الحمد لله استطاعت بعدها السيطرة على نفسها وبتوجيه صديقها من التوقف عن استخدامها. ولكن تقول أن خالتها لا تترك لها مجالاً للتنفس فهي حادة الطبع وجادة جداً في التعامل معها كونها أم لأولاد وليس لديها بنات.

 

وهنا أدركت المستشارة النفسية أنها تحتاج إلى صدر الأم الحنون الذي تعبر فيه عما يجول في خاطرها دون خوف أو توتر، كما أنها تقول لا أريد أن أتزوج حتى لا أكون قصة فاشلة أخرى، فوضحت لها قصص نجاح المتزوجين، وأن الحياة لازالت وردية تنبض بالأمل لها وتخبئ لها الكثير من المفاجآت الجميلة. وجلست المستشارة الاجتماعية مع الخالة واتفقت معها على تغير معاملتها لهدى و إرجاع هاتفها النقال.

 

ردود أفعال نفسية

غالباً ما تختلف ردود أفعال الأطفال النفسية نتيجة الطلاق، تقول الأخصائية الاجتماعية مريم حسن، تعتمد ردورد أفعال النفسية على ثلاث عوامل، وهي: مدى علاقتهم بكل من لديهم قبل الانفصال، مدى حدة المشكلات والاختلافات واستمرارها بين الوالدين، قدرة الوالدين على التركيز على احتياجات الأطفال بعد الانفصال.

 

وتختلف ردود أفعال الأطفال المختلفة نتيجة الطلاق، وهي كالتالي:

- الشعور بانعدام الجو الأسري

- الشعور بعدم اهتمام إحدى الطرفين

- الشعور بالغضب والعداء نحو الوالدين

- الشعور بالاكتئاب

- عدم النضج

- اللوم والشعور بالذنب

- تكوين مشاعر عدوانية تجاه أحد الوالدين

- تقسيم ولاء الطفل على والديه

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button