أيّ نوع من الأخوات أنتِ؟

أن تكوني أختاً فهذه وظيفة نفسيّة اجتماعيّة بالغة الأهميّة، ولا سيّما في الشرق. فعلاوةً على الإعارة والدعم واللُحمة والارتباط، من المحتمل أن يكون هناك أحياناً منافسة ونضال ومقاومة وتحدٍّ. وهذه أفعال نحتاج إليها كلّنا لكي نجتمع بعيداً عن اختلافات هذا العالم وصعابه. إنّ الأخت هي مرادفٌ لشرف الرجل، فهي إمّا أن تُبجَّل لترفع الرجل أو أن تُهان ليُهان الرجل.

 

هي محميّة من الأخ أو الأب وفي السابق كان يُدافع عنها بكلّ شراسة – واليوم حتّى أحياناً – على حساب حرّيتها وحقّها في إثبات وجودها كشخص قائم بذاته. هي تفيض بالأنوثة والشراكة وتتفاعل بحميميّة مع والدتها وشقيقاتها. فإذا كانت الأخت الكبرى تتحوّل بسرعة إلى أمّ ثانية. وحين يغيب الأهل تكون هي موجودة لتقيم الرابط بين الأشقّاء المتباعدين فتقرّب في ما بينهم. وكما يقول المثل: "امنح حبّك لزوجتك وسرّك لأختك". إنّ الأخت حامية للثقة. "أختي هي مرآتي، أختي هي ذاكرتي". الصورة: لوحة "أختان" للرسّام الفلسطيني سليمان منصور، أكريليك على القماش، 2007.

 

ابحثي عن الصورة التي تناسبك أكثر، فقد تجدين أنّك في خانة واحدة من خانات الأخت على الأرجح أو حتّى في مزيج من شخصيّات عديدة.

 

الأم

حين تطرأ أزمة داخل المنزل كمثل دخول أمّك إلى المستشفى، يقسّم الأب وقته بين العمل وتمضية الوقت بالقرب من والدتك. وبدلاً من أن تتشاطري مخاوفك مع أختك الصغيرة أو أخيك الصغير، تختارين أن تكوني درعاً يحميهم. فجأةً، تتوقّف المنافسة بينكم وتصيرين أختاً تستبدل الأم التي تحمي أولادها وتطمئنهم وتتحلّى بالسلطة والقدرة على التخويف والوعظ بطريقة لطيفة. تشرحين لهم كيف يختارون ملابسهم، تماماً كالأمّ، وتعتنين بأخيكِ الصغير حين يكون على جسمه كدمات، وتراقبين تصرّفات أختك الصغيرة، وتتأكّدين من أنّ أحداً لا يقترف الحماقات، وتُرجعين الأخ والأخت إلى الدرب الصحيح. فتكون كلماتك مسموعة ومستجابة. تقلقين بشأن ما يأكلونه وما يحسّون به كما تقلقين على مصروفهم وعلاماتهم في المدرسة وغيرها. تكونين دوماً إلى جانبهم كأخت شبه مثالية. وأكثر من ذلك تهتمّين بوالدك حين يعود منهكاً إلى المنزل. فتحضّرين له ما يأكل وتحافظين على المنزل نظيفاً ومضيافاً كما كانت الحال بوجود والدتك. أنتِ تؤدّين ببراعة دور الأم الثانية!

 

المنافِسة

يمرّ الجميع بهذه المرحلة، ففي سنّ معيّنة يزداد التنافس بين الأخوات ولكنّ البعض يستمرّ في هذه المنافسة حتّى مع مرور الوقت. إن كنتِ من هذا النوع فأنتِ ترفضين أن تكبري في عين أشقّائك وتظلّين الفتاة الصغيرة التي تحتجّ على الدوام وترغب في الحصول على كلّ شيء وكأنّ الحياة تتوقّف عليكِ فقط. أمّا أشقّاؤك فهم منافسوكِ ويشكّلون لكِ تهديداً إذ قد يأخذون مكانك وحصّتك ويصعب عليكِ تقبّلهم حتّى ولو أنّك تقولين في قرارة ذاتك: "هذا أخي أو أختي قبل كلّ شيء". يبقى الأمر أقوى منكِ! أنتِ من النوع المنافس ولكنّ ذلك ليس سيئاً تماماً فبما أنّك جزء من النساء اللاتي يحببنَ المنافسة في قلب العائلة الصغيرة، تتسلّحين بأجنحة تواجهين بها العالم المليء بالأشخاص الأقوياء المهيمنين.

 

المتضامِنة

أنتِ محبّة ويمكنك تخطّي حقد الأخت الصغيرة. على العكس، تحسّين أنّك متعلّقة بها كثيراً. إنّه التضامن النسائي الشهير! في الحضارات المختلفة، كانت النساء حاضرات حتى لإطعام أولاد الغير من دون أيّ إحساس بالرفض. أنتِ تدعمين أخواتك وإخوانك وتعتبرين الجميع بمثابة عمارة متماسكة لا يمكن أن يهتزّ فيها ولا أيّ حجر. حين تكون أختك أو أخوك بخير تكونين أنتِ بخير.

 

المُهَيمِنة

أنتِ في وسط ميزان القوى مثلك مثل الفتيان وتأخذين كامل المساحة وتسيطرين على مجرى الأمور وتتمسّكين بالسُلطة. تحبّين أختك وأخاك كثيراً لكن، في كلّ مرّة، يكون المكسب الأكبر لك. أنتِ تبادرين وهم يتبعونك! أنتِ تقرّرين وهم يخضعون! ويفعلون ذلك بكلّ رضى لأنّهم يحتاجون في معظم الأحيان لأن تقرّري عنهم.

 

الكُبرى

كنتِ فتاةً وحيدة وجميلة ومركز العالم الصغير المؤلّف منكِ ومن والديك. وفجأةً، يدخل شخص جديد إلى العائلة له جمالك ويحبّه الجميع مثلك. هنا، تكون الصدمة! وبما أنّك صغيرة تكوّنين فكرة سلبيّة عن عالم الكبار لكونهم لامبالين وغير أوفياء. هكذا يسيطر عليكِ القلق من مشاطرة حبّ والديكِ مع شخص جديد دخيل. وتفتقرين إلى الثقة بذاتك وتشعرين بالتردّد وتكونين حسّاسة أكثر من اللزوم... أنت البنت الكبرى وقد تدرّب والداك عليكِ نوعاً ما فكنت لهم بمثابة حقل تعلّم لمهنة الأهل. لذلك يشعر الوالدان بأنّ المهمّة أسهل مع الولد الثاني. ولكنّ هذا الأمر قديم ومرّ عليه الزمن فمحا تلك اللحظات الصعبة من الطفولة. بالتالي تشعرين بأنّك مكلّفة بمهمّة السهر على إخوتك.

 

الصُغرى

أنتِ غالية على القلوب. صغيرة العائلة التي يعشقها الكلّ ويدلّلونها فلا ترغب في أن تكبر. ولمَ تفعل؟ أليس الجميع في خدمتها ويدلّلونها وينجذبون لها؟! بوجه الإجمال، تعلّمتِ مبكراً على التأقلم فحين كنتِ طفلة تربّيتِ على إيقاع حياة البنت الكبرى: مأكولاتها، طريقها للذهاب إلى المدرسة... وفي وقت لاحق، تصبح قدراتك على التأقلم قيّمة وأكثر ليونةً من شقيقتك الكبرى. من ناحية أخرى، وبما أنّك تعرفين جيداً أنّكِ لا تستطيعين التأثير عليها للوصول إلى غاياتك، تحاورينها من أجل التوصّل إلى تسويات، ما يجعلك مشهورة بكونك دبلوماسية من الطراز الرفيع!

 

الغيورة

من المعروف أنّ الغيرة لا تنفصل عن الأخوّة، إذ يدور هذا الشعور في فلك الحبّ الذي يخصّصه الأهل للأولاد ولكن أيضاً حول نجاحات أو فشل الواحد أو الآخر بين الإخوة، ما يسمح للصغار بأن يتميّزوا ويبنوا هويّتهم الخاصّة. في هذا المعنى، قد تكون الغيرة سليمة لا بل ضروريّة. لكن حين يجري الضغط كثيراً قد ينشأ سلوك غريب عن الشخص الذي نعرفه. ويكون منع المنافسة نقيضاً للواقع. ابتكر جاك لاكان مصطلحاً مرتبطاً بذاك "الكره المتأصّل في الحبّ الذي يلي الحاجة إلى رفض الانصهار"، وهو: hainamoration. إن شعرتِ بهذا الإحساس المرّ في كلّ مرّة يحصل فيها أخوك أو أختك على شيء تتمنّينه فأنتِ منخرطة في هذه الحالة ولم تنجحي في تخطّي غيرة الماضي. يكفي أن تعرفي الأمر وتتقبّليه وتحاولي الاستفادة منه من خلال تحويل الغيرة إلى منافسة إيجابية في إطار الفرح والحبّ تجاه أفراد عائلتك.

 

القاضية

لا شيء يفوتك ولا يمرّ مرور الكرام أيّ تصرّف أو خيار أو قرار من أخيك أو أختك. لا بل أكثر من ذلك أنتِ تناقشين المواضيع وتحكمين عليها. هكذا يكون رأيك بما يفعلونه أو ما يخطّطون لفعله أساسياً لهم لاتّخاذ القرارات. من دون أن ترغبي في تأدية دور الزعيمة، يكون لديكِ تأثير طبيعي عليهم. يستمعون إليكِ ويسعون للحصول على موافقتك. فإن اشترى أخوكِ قميصاً تحكمين أنّه لا يليق به يعيده إلى المتجر على الفور. وإن بدأت أختك الصغيرة بعلاقة بسيطة لا تعجبك، يوضع لها حدّ في أسرع وقت. لدرجة أن ينتهي بهم الأمر بطلب رأيك قبل المبادرة إلى أيّ تصرّف.

 

الذكورية

أكان بسبب التربية في العائلة أو التأثير المباشر للثقافة المحيطة أو حتّى الغيرة التي تطغى بين الأخوات، تميلين إلى تفضيل أخيك على أختك بشكل طبيعي. فتجدين أنّ من البديهي ألاّ يرتّب أخوك سريره عند الصباح فيما تُلزمين أختك بترتيبه من دون تذمّر وإلاّ كانت فضيحة! لا توافقين على مساعدته لك في إزالة الأطباق عن المائدة والجلي أو تمرير المكنسة لأنّه بنظرك الأمير المدلّل. لا تطرحين التساؤلات وبالتالي تسير الأمور على أفضل ما يُرام بالنسبة للصبيان السعداء المدلّلين على يديْ أخت تعشقهم.

 

النسويّة

ليس هناك من سبب مقنع لتمييز شقيقك عنكِ فهذا يمسّ بحقوقك كامرأة تبحث عن المساواة. يصعب عليكِ تقبّل فكرة أن تفني والدتك عمرها في ترتيب المنزل وتحضير الطعام والاعتناء بالأولاد والذهاب إلى السوق وغيرها من المهام الأخرى فيما والدك يجلس على الكنبة أمام التلفاز ويمضي وقته بالتحدّث مع أصدقائه عن شؤون السياسة.

 

الثائرة

أنت في المنزل مثل تشي جيفارا تميلين إلى إعادة ترتيب الأمور لا بل تدميرها حتى، وتُزعجك العادات والتقاليد ويدفعك إلى الثورة هذا المجتمع الشبيه بقطيع الغنم المطيع. تحسّين بطاقة كبيرة قادرة على زعزعة الوضع وتغيير العالم. صحيح أنّك تسعين أحياناً إلى تلطيف الأجواء لكنّ ذلك لا يمنعك من انتقاد أهلك وعائلتك ما يثير غضب إخوتك الذين يعتبرونك كقائد ثوريّ!

 

إخت الرجال

إنّها عبارة مستعملة كثيراً في لبنان لوصف امرأة تفلح تماماً في تأدية مهام الرجل في ميادين تكون غالباً حكراً على الذكور. وهو وصفٌ إيجابي! أنتِ تتصرّفين وتحاولين حلّ مشاكل يوميّة من دون الحاجة للرجوع إلى الرجل في كلّ مرة ليقوم بما تحتاجين إليه مثل الزراعة والاعتناء بالحديقة ومناقشة الأعمال وقطع الخشب وقيادة شاحنة أو سيّارة أجرة وغيرها. كثيرةٌ هي المسؤوليّات التي تضعها عاداتنا وتقاليدنا في خانة الأعمال الذكورية فيما تخلو فعلياً من أيّ شيء مخصّص للرجال. وإن نجحتِ في مفاوضة أحد التجّار ومناقشة أمرٍ ما بلطف وتفوّقتِ، وإن عارضتِ بشراسة شخصاً أراد إيذاءك، فاعلمي أنّك "إخت الرجال". في علاقاتك مع أشقّائك وشقيقاتك ومع أهلك أيضاً، أنتِ معروفة بتحلّيكِ بشخصيّة قويّة وتعرفين كيف تدافعين عن نفسك وتحمين أحبّاءك. ويتقرّب منكِ الآخرون ليجدوا الحماية ولتقدّمي لهم النصائح أو لتجدي لهم حلولاً.

 

كيف ما كنتِ، أنتِ الأخت العزيزة. أكنت كالأم أم كنتِ قاضية أم منافسة أم غيورة أم أخت الرجال، أم كنتِ تنتمين لفئة أو لأخرى من الفئات المذكورة، أنتِ بلا أدنى شكّ أخت محبوبة يناديكِ الجميع بعبارة "حبيبتي"، فافرحي!

 

تحقيق أنطوان ضاهر

المزيد
back to top button