أساليب وطرق انتقام الزوجين بعد الطلاق‎

بين أوراق وملفات القضايا، وتحديداً في محكمة الأحوال الشخصية، قضايا لقصص واقعية كثيرة تحمل في طياتها مفردات وعناوين الانتقام والكيد واللوم وتعمد تشويه صورة الآخرين، هي باختصار ملفات لقضايا ما بعد الطلاق، لآباء وأمهات لم يكن الطلاق هو حلهم الآمن لإنهاء مشكلاتهم، ولكنهم دخلوا في دائرة الكيد والانتقام مستخدمين سلاحي النفقة والحضانة.

 

وتتعدد طرق وأساليب انتقام الزوجين بعد الطلاق، يوضحها القاضي محمد جاسم الشامسي، قاضي استئناف أول في محكمة الاستئناف بدبي، ويقول: «عندما تقع الأم تحت ضغوط الحياة بعد تخلي الأب عن واجباته، هنا تبدأ الزوجة باتباع أساليب الكيد والانتقام، فالمشاهد في بعض الحالات قيام الأم بحرمان الأب من رؤية أولاده ، وهذا خطأ فادح، علاوة على كونها صورة من صور قطيعة الرحم التي أمرنا الله بوصلها، إلا أن هذا التصرف يزرع بذرة الشقاق والضغينة في نفوس الأولاد وهذا يفوق ضرره ضرر شح الإنفاق عليهم، وينتقم الأب أيضاً باستمراره في امتناعه عن الإنفاق على أولاده حتى تستمر معاناة الأم متلذذاً بالشماتة والتشفي ومتجاهلاً في الوقت نفسه معاناة أولاده وغير عابئ بآثار ذلك، مثل التهديد بالطرد من المدرسة بسبب عدم سداد الرسوم الدراسية أو حرمانهم من شهاداتهم، أو تبدو عليهم علامات الفقر مقارنة بأقرانهم، والأدهى من ذلك أنه يخبر أولاده عندما يطلبون منه المال أو النفقة بأن أمهم هي السبب في عدم إنفاقه عليهم».

 

وعن إقدام بعض الوالدين على استخدام سلاح الحضانة في الانتقام والكيد من الآخر، يوضح الشامسي: «يفترض أن الحضانة ليست وسيلة للانتقام، ولكن يلاحظ في بعض الممارسات القليلة أن الأم تطلب الحضانة لغايات مادية أو لغايات استمرار إقامتها القانونية في الدولة على سبيل المثال، وكذلك الأب فإنه يتفنن – في بعض الحالات – في البحث عن أية أسباب جدية أو غير جدية لرفع قضية إسقاط حضانة الغاية منها التحرر من الأعباء المادية، وإذا حكم له بها لأي سبب، فإنه من تاريخ تسلمه الأولاد يلقي بأعباء حضانتهم على والدته التي لم يفكر أنها عانت كثيراً في تربيته، ثم يطلب منها أن تربي أولاده أيضا بدلاً منه، وهو موقف مؤسف من كل النواحي».

 

ويشير القاضي محمد جاسم الشامسي، إلى أن القانون الإماراتي راعى حقوق الأولاد بعد الطلاق على أن يكونوا في حضانة أفضل الأبوين عند النزاع وأخذاً في الاعتبار السن القانونية أيضاً، ويلزم الأب بأداء النفقة لهم وتأمين المسكن الشرعي المؤثث أو سداد أجرته ومصاريفه الاستهلاكية والرسوم الدراسية، وإذ كان مقتدراً ألزمته المحكمة بأجرة خادمة وأجرة سائق، مع مراعاة أن يكون تقدير ذلك وفق سعته وحاجة المنفق عليه على ألا تقل في جميع الأحوال عن حد الكفاية.

 

 

الأثر النفسي والاجتماعي

يقول الخبير التربوي الدكتور يوسف شراب، إن الكثير من الأباء يتهربون من النفقة بداعي الاتنقام، بالمقابل نجد بعض الأمهات يكدن لمطلقيهنَّ عبر التهرب من مسؤوليتهن تجاه تربية أطفالهن، بقصد الانتقام من مطلقيهن، وفي النهاية الأبناء هم من يدفع ثمن الطلاق. يشير شراب أيضاً إلى أن الآباء المتهربين موجودون في كل المجتمعات، ولكن في دولة الإمارات التي يحكمها القانون ومنها قانون حماية الطفل والمؤسسات والجمعيات الخاصة بحماية الطفل، يجدون صعوبة من تهربهم حيث يقف لهم القانون بالمرصاد، كما تتولى المؤسسات والجمعيات مسؤولية متابعة حالة الطفل النفسية والاجتماعية والمادية. وبالنسبة للأثر النفسي والاجتماعي لمشكلات ما بعد الطلاق على الأبناء، يوضح شراب قائلاً: «لاشك أن مشكلات ما بعد الطلاق تؤثر على الأبناء بحيث تحدث شرخاً غير مرئي على شخصية وسلوك الأبناء ولا نستطيع التنبوء بأبعادها، فمن الممكن بعد أن يكبر الطفل أن يتحول إلى إنسان قاسٍ في تعاملاته مع المحيط الاجتماعي، وقد يميل الابن إلى الارتباط بامرأة تكبره في العمر، كونه قد حُرمَ من حنان الأم. وفي حال كان الأب مقتراً في إنفاقه على أبنائه فمن الممكن أن يلجأ الطفل إلى الحصول على الأموال بطريقة غير مشروعة تضعه في دائرة المجرمين».

 

 

 

النسيان والعمل هما الحل

يرى دكتور علم النفس، محمد النحاس، أن تجربة الإرتباط السلبية تجعل الإنسان متردداً بالإرتباط بعلاقة جديدة أو تجربة جديدة، وبالتالي ممكن أن تضيع فرصة الارتباط الجيدة، لأن الانسان يكون متشكك بالآخر، ويشعر بالخوف من التورط، وهذا مرتبط بالثقة وعدم الثقة، أي الثقة بالذات وعدم الثقة بالآخرين، وبنفس الوقت تقل الثقة بالذات، المتمثلة في الخوف من تكرار الفشل، وبناءً عليه يشكك في مشاعر الآخرين اتجاهه وبمصداقيتهم.

 

ويشير النحاس، أن أفضل شيء بعد الطلاق أن يعيش الإنسان بشكل طبيعي، والذي بدوره يساعده على الخروج من الفشل هو الانخراط بالعمل، أي بعد الخروج من تجربة فاشلة العمل هو الحل لنسيان مامضى، وعليه أن لايكون حساس ويعلم أن الطلاق يحصل في أفضل العائلات، ولابد ان يؤمن بالقدر وان النصيب كتب له نهاية الحياة مع هذا الشخص، و يجب أن يقدر الانسان حجم الخسائر، أي قبل العوائق والكوارث، وقد يكون الانفصال فرصة للارتباط بالافضل، وعليه ان يترك القدر للمقدر وهو الله سبحانه وتعالى، والامر المقدر هو الزواج أو الطلاق لانهما تابعان للرزق، وعلى الانسان عدم اكترار الاشياء السلبية لانها ستدمر القادم، وبالتالي الافكار السلبية تؤدي إلى الاحباط وتعمل نوع من التوتر والقلق، الذي يرهق الانسان ويمنعه من النوم، وبالتالي يؤدي الى الاكتئاب. ولابد أن يشغل وقته ويتحرر من نظرة الآخرين. ويجب على المطلقين أن لا يبحثوا عن عيب بعض وأن يتذكروا الأمور الايجابية، وأن تستمر علاقتهم كاصدقاء، فلا يعادي انسان ولا موقف، على العكس عليه بتقبلها وتقبل الواقع والاخرين والذات، لأن عدم التقبل يؤدي إلى تشتيت الذات.

المزيد
back to top button