يوم المرأة العالمي 2018: "إضغطي من أجل إحراز التقدم!"

صحيحٌ أنّ الثامن من آذار/ مارس يحتفي بالمرأة، لكنّ الـ364 الباقية ليست على الإطلاق مخصّصة لها. تعيش المرأة في حركة دائمة ومستمرّة، أكان في مكان العمل أم في المنزل، لكنّ جهودها غير مقدّرة على الدوام كما يجب.

 

دور المرأة في المجتمع إنشاء جيلاً طموحاً، فهي المربية الأولى في المجتمع. تساهم في بناء حضارة المجتمع. تساعد المرأة العاملة في الإنفاق على أسرتها. تتولى الكثير من المناصب القيادية، والاجتماعية مما يجعل دورها بارزاً في المجتمع. تعمل المرأة في الكثير من الوظائف التي تساهم في تطوّر المجتمع كالتمريض، والتعليم، والطبّ، والاقتصاد.

 

لكن أين نحن من حقوقها الإنسانية الطبيعية، وإحاطتها بالعناية والرعاية، ورفع مكانتها بين الأمم؟

 

ما هو الشعار الذي يميّز اليوم العالمي للمرأة لعام 2018؟

مع الفضائح الجنسية التي هزّت هوليوود مؤخراً والتقرير العالمي للفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يرجح ألا تسدّ الفجوة بين الجنسين في مكان العمل قبل العام 2186، وفي ظل الحركات التي انطلقت هذا العام مثل حملة "أنا أيضاً"، تقرر أن يكون شعار هذا العام هو: #PressforProgress أيّ إضغطوا من أجل إحراز التقدم!.

 

وفي هذا العام، يأتي اليوم العالمي للمرأة في أعقاب حركة عالمية غير مسبوقة لدعم حقوق المرأة والمساواة والعدالة. وتصدر التحرّش الجنسي والعنف والتمييز ضد النساء عناوين الصحف والنقاشات العامة المدفوعة بعزم متزايد نحو التغيير.

وبرغم أن التكافؤ بين الجنسين لن يحدث بين ليلة وضحاها، إلا أن الخبر السار هو أن النساء يحققن مكاسب إيجابية يوماَ بعد يوم. وبحسب بيان موقع اليوم العالمي للمرأة: "هناك دعوة قوية للعمل على المضي قدماً والضغط من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين. دعوة قوية إلى #PressforProgress لتحفيز وتوحيد الأصدقاء والزملاء والمجتمعات بأكملها للتفكير والتصرف وفق مبدأ الشمولية والمساواة بين الجنسين".

 

هواجس المرأة العربية

إن الهدف الأساسي الذي يقف وراء اليوم العالمي للمرأة هو تحقيق المساواة بين الجنسين، وهو المطلب الذي لم يتحقق حتى يومنا هذا.

فالفجوة بين الجنسين، خاصة في مجال العمل والأجور، لا تزال تنغص حياة النساء وتكبّل قدراتهنّ على التميّز والتقدم نحو الأمام، إضافة إلى الأرقام المخيفة وراء الممارسات العنيفة التي ترتكب بحق المرأة.

 

تعاني المرأة العربية من الظلم والتميّز، إذ يمسك المجتمع الذكوري بزمام الأمور ويتحكم بأدق التفاصيل المتعلقة بالمرأة، فيخنق حرياتها ويمنعها من ممارسة أبسط حقوقها.

 

فتلك المرأة التي تجلس يومياً على حافة الشارع لساعات طويلة تبيع ما تقضي مساءها باعداده لتوفر لقمة العيش لها ولاطفالها لا تعترف بيوم المراة العالمي لان حياتها معاناة يومية.


وتلك المرأة التي تتولى رعاية وتربية أطفالها بمفردها، إما لوجود زوجها بالسجن او لتخليه عن مسؤولياته نحوها ونحو أطفاله ومعركتها التي تخوضها بين اروقة المحاكم للحصول على نفقة لا تكاد تكفيها هي ايضا لا تعترف بيوم المراة العالمي.


والمراة التي تتعرض للظلم والعنف وتختار الصمت حفاظاً على اطفالها هي ايضا لا تعلم عن يوم المراة العالمي ولا تعترف به.
شريحة واسعة من النساء تعايشن مع المعاناة اليومية ولا يقدم لهم يوم المراة العالمي شيئا الا بمحاولات وجهود المؤسسات ووزارة التنمية الاجتماعية التي تحاول ان توفر الرعاية البديلة للنساء المعنفات ان اخترن الافصاح عن العنف الذي يتعرضن اليه.

 

ولكن في المقابل تكثر المبادرات العربية التي تهدف إلى توحيد مطالب النساء وتمكينهنّ من الحصول على دعم مهني، فمثلاً تم مؤخراً إنشاء صفحة على "فيسبوك" تضم مجموعة من النساء الرائدات في الأعمال التجارية من جميع أنحاء العالم العربي.

 

تقول صاحبة الصفحة "فدى الطاهر" إن هناك "جوعاً حقيقياً بالنسبة إلى النساء للتواصل والتعلم بعضهنّ من بعض"، مشيرةً إلى أنه عند إطلاق الصفحة ظنت أن الإقبال عليها سيكون محصوراً بحوالى 100 أو 200 امرأة، غير أن الإقبال بدأ يتزايد مع انضمام حوالى 1000 عضو في كل يوم.

 

وشهدت دول عربية عدة تعديلات متعلقة بالمرأة، كن آخرها الإنجازات القانونية التي حققتها المرأة الفلسطينية، إذ أعلنت السلطات الفلسطينية مؤخراً تعديلات على القوانين المجحفة بحق المرأة الفلسطينية، فأصبح باستطاعتها أن تتقدم بطلب جواز سفر لأطفالها، وأن تفتح لهم حساباً بنكيً، بينما لا تزال دول عربية أخرى تحرمها من هذه الحقوق. لكثير من النساء ليس سوى مجرد شعار، فالكثير منهن لا يعلمن عن هذا اليوم ولا عن الاحتفاليات التي تقام تكريماً للمراة.
 

فيوم المرأة العالمي يوم للنساء اللواتي انخرطن في سوق العمل والقادرات على تحقيق النجاح النوعي بالرغم من ان هذه الفئة من النساء ايضا لا يزلن يشعرن بان حقوقهن منتقصة وتحتاج لاعادة النظر بها ليصبح يوم المراة العالمي اكثر من مجرد يوم وشعار يتكرر سنويا دون تطبيقه على ارض الواقع .

إنه فرصة متاحة للتأمل في التقدم المحرز والدعوة للتغيير وتسريع الجهود الشجاعة التي تبذلها عوام النساء وما يضطلعن به من أدوار استثنائية في صنع تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن.

 

لذلك ولأسباب كثيرة أخرى نمشي بمسيرات اليوم العالمي للمرأة. لأن القانون ما زال يحمي المغتصب في بعض البلدان، لأن القاصر مقدمة للزواج من دون أي رادع قانوني، ولأن المرأة تعاقب على ما لا يعاقب عليه الرجل، قانونياً.

 

نحتفل كعرب باليوم العالمي للمرأة لأنه يمثل تضافر النساء لإجبار العالم على الاعتراف بوجودهنّ، ولأن يجمع من حوله المبادرات التي تهدف إلى إلغاء هذا التفاوت الظالم بحق السيدات.

 

الثامن من مارس ليس محصوراً ببلد معيّن أو بمجموعة أو بمنظمة محددة، على حد قول الموقع الرسمي: "هذا اليوم يخص جميع المجموعات في أي مكان في العالم، لذلك دعونا جميعاً نتمسك بتسريع عملية سد التكافؤ بين الجنسين... لذلك اٍجعلوا اليوم العالمي للمرأة يومكم وافعلوا ما بوسعكم لإحداث فرق إيجابي للمرأة. إضغطوا من أجل إحراز التقدم!"

 

 

(نقلاً عن صحيفة الراي وموقع رصيف22)

المزيد
back to top button