أطول قصة حب في العالم بطلها من طبقة المنبوذين!

لم تكن تشارلوت فون شيدفن الفتاة السويدية الشقراء، ذات العيون الزرقاء، والأصول النبيلة، تعرف بالمصير الذي ينتظرها عندما قدمت لزيارة الهند. 

أما بي. كي. ماهانانديا، فكان طالب فنون هنديًا فقيرًا ينتمي إلى طبقة "المنبوذين"، الذين يحظر لمسهم أو حتى التواصل معهم بحسب النظام الطبقي الهندوسي في الهند.

جمعهماالقدر عندما كانت فون شيدفن في زيارة للهند مع أصدقائها، وطلبت من ماهانانديا، الذي كان يعمل كفنان متجوّل، أن يرسم لوحة لها، ولم يعلما حينها أن هذا اللقاء سيغير حياتهما إلى الأبد.

إذ وقعا في غرام بعضهما، ما قاد ماهانانديا إلى السفر من الهند إلى السويد باستعمال الدراجة الهوائية. 

واستغرقت هذه الرحلة الهائلة أربعة أشهر، قطع فيها 3600 كيلومتر عبر ثمانى دول.

في الرحلة، قضى ماهانانديا الليالي في خيم البدو، والفنادق الصغيرة، أو في العراء بجانب بحر القزوين. وبقي العاشقان على تواصل من خلال الرسائل البريدية.



لم يتجاوز ماهانانديا التاسعة من عمره عندما حدثت معه قصة مؤثرة أسست لقصة الحب التي وقع فيها بعد 17 عامًا. وُولد هذا الرجل الهندي في طبقة "داليت"، التي تعتبر طبقة منبوذة بين الهندوس. وكان يتجنّبه أهالي قريته، ولم يُسمح له بالجلوس في ذات الفصل مع زملائه في المدرسة. ويقول لـ CNN: "كنت في مستوى أدنى من مستوى الكلاب والأبقار".

لكن، سُمِح له مرة بالجلوس في آخر الفصل بشرط أن لا يلمس أحداً، لأن أحد المفتشين البريطانيين كان في زيارة للمدرسة مع زوجته. وعندما دخل الضيفان إلى الفصل، لاحظت الزوجة ماهانانديا ذلك الأمر، وذهبت لآخر الفصل لإعطائه الزهور، وتحدثت معه ولمست شعره.


يومها، عاد ماهانانديا إلى المنزل، وقال لأمه أنه يحب زوجة المفتش. وعندها، تكهّنت له الأم أنه سيتزوج "امرأة بيضاء من أرض بعيدة". كما تنبأت أن برجها الشمسي سيكون الثور، وستحب الموسيقى، كما أنها ستمتلك غابة.

حلّ عام 1975 على ماهانانديا وهو طالب فقير مجبر أحيانًا على النوم في محطات الحافلات. لكن موهبته في الرسم جعلت اسمه مشهوراً بين السياسيين والمشاهير الذين كان يرسمهم، مثل فالينتينا تيريشكوفا، أول امرأة تذهب إلى الفضاء.

في العام ذاته، تقابل ماهانانديا وفون شيدفن، البالغة من العمر 20 عاماً. وكما كان ينظر ماهانانديا إلى الغرب بحثاً عن الحب، لطالما كانت فون شيدفن مبهورة بالثقافة الشرقية في الهند.

طلبت منه رسمها، من حسن حظهما، لم تكن الصورة جيدة، ما اضطرهما إلى اللقاء مرة ثانية. وعندها، شعر ماهانانديا بأنها قد تكون زوجته المستقبلية التي وصفتها أمه له. وعندما وجد أن برجها هو الثور، وأنها تعزف البيانو، وأنها تمتلك جزءًا من غابة ورثتها عائلتها عن أجدادها، لم يصدق نفسه.


صدمت فون شيدفن عندما أخبرها ماهانانديا عن رؤية أمه، ووثقت بشعورها الداخلي، وذهبت معه إلى قريته للحصول على مباركة أبوه وقبيلته. تقول فون شيدفن: "لم أفكر حينها، فقط اتبعت قلبي مائة بالمائة".

"عندما أكون معها"، يقول ماهانانديا، "أشعر بأنني أعلى من السماء، وأتوقف عن كوني "منبوذاً، غيرت من نظرتي تجاه ذاتي".

سافر ماهانانديا إلى السويد على طريق الـ "هيبيز"، الذي اشتهر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وكان يمتد من الهند مروراً بالباكستان وأفغانستان وإيران وتركيا وأراضي يوغسلافيا السابقة إلى أوروبا الغربية، ولم يتطلب السفر حينها تأشيرات دخول.

ورغم أن رحلة ماهانانديا بدأت وبحوزته 80 دولاراً فقط، إلا أنه نجح في جمع 800 دولار خلال الرحلة، جمعها من خلال رسم لوحات في مقابل الحصول على المال أو الطعام.

ورغم أنه قطع غالب الرحلة على متن الدراجة الهوائية، إلا أنه استغل أي فرصة عُرض عليه فيها الركوب مع أحدهم في سيارته، كما أنه حصل على بطاقة كهدية للسفر على متن القطار من اسطنبول إلى العاصمة النمساوية فيينا. 

وفي شهر مايو من العام 1977، وصل ماهانانديا إلى مدينة بوراس السويدية، بعد انطلاقه بأربعة أشهر. 


ورغم أن كثيرين شككوا بقدرة حبهما على الاستمرار، إلا أن هذا الثنائي نجح في العيش لأكثر من 4 عقود، وأثمر حبهما عن ابنة اسمها إيميلي، وابن اسمه سيد.

وعمل الثنائي في الفنون وفي دعم الحركات الفنية المحلية، وإعطاء المنح التعليمية للطلاب المنتمين لطبقة المنبوذين في الهند.

ومنذ عامين، حصل ماهانانديا على درجة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الحكومية في الولاية التي قدم منها في الهند، وترشّح في العام 2005 للفوز بجائزة نوبل.

 

المزيد
back to top button