تُستخدم عبارة "متلازمة الانزلاق" منذ سنوات في عالم طبّ الشيخوخة لوصف تدهور مفاجئ وسريع في صحّة كبار السن بعد صدمة نفسية أو جسدية. لكن هل هي فعلاً تشخيص طبي دقيق؟ ولماذا يعتبرها بعض الأطباء مصطلحاً "عاجزاً" يخفي خلفه تقاعساً طبياً ونظرة تمييزية تجاه المسنين؟
في الأسطر التالية، نكشف أبعاد هذه المتلازمة المثيرة للجدل!
ما هي متلازمة الانزلاق؟
هي تدهور حاد وغير مبرّر في الحالة الجسدية والنفسية لشخص مسنّ، غالباً ما يحدث بعد حادث كالسقوط، فقدان شريك الحياة، دخول مفاجئ إلى المستشفى، أو الانتقال إلى مكان إقامة جديد. في الظاهر، تبدو حالة طبيعية في مسار الشيخوخة، لكن الطب الحديث ينظر إليها اليوم بعين الشك. إذ لا يوجد تعريف طبي دقيق للمتلازمة، ولا تدخل في أي من التصنيفات الطبية العالمية مثل "دليل تشخيص الأمراض النفسية" أو "تصنيف منظمة الصحة العالمية". ما يجعلها وصفاً عاماً أكثر منه تشخيصاً علمياً.
أعراض يجب عدم تجاهلها
رغم عدم وجود تعريف رسمي، هناك مجموعة من الأعراض المتكرّرة التي يجب التنبّه لها، أبرزها:
- فقدان الشهية والامتناع عن الأكل أو الشرب دون شكوى واضحة.
- انسحاب اجتماعي وصمت متزايد وفقدان الاهتمام بالنظافة الشخصية.
- ملازمة السرير والامتناع عن الحركة أو المشاركة في الأنشطة اليومية.
- فقدان سريع للوزن وتراجع في الكتلة العضلية.
- اضطرابات في الوعي، من الارتباك إلى اللامبالاة التامة.
- اضطرابات في النوم وفقدان الإحساس بالزمن والمكان.
- عزلة تامة عن المحيط والعالم الخارجي.
- وفي بعض الحالات، تطوّر نحو العجز التام أو الوفاة خلال أيام أو أسابيع.
أسباب هذه المشكلة
بعيداً عن الاعتقاد السائد بأن تدهور الحالة الصحية لدى كبار السن يحدث فجأة وبلا سبب واضح، تشير الخبرات الطبية إلى أن ما يُعرف بـ"متلازمة الانزلاق" يخفي خلفه سلسلة من العوامل المتشابكة التي يمكن رصدها ومعالجتها. ففي كثير من الحالات، يكون هذا الانهيار الجسدي والنفسي نتيجة لاكتئاب خفي لم يُفصح عنه، أو ألم مزمن لم يستطع المسن التعبير عنه بكلمات. كما قد يكون وراء هذا الانسحاب الحاد بداية اضطرابات معرفية مثل الخرف أو الارتباك الذهني، أو حتى التهابات جسدية لا تظهر بأعراضها المعتادة، كالحُمّى. ولا يمكن إغفال أثر الأدوية المتعدّدة التي يتناولها البعض والتي قد تتفاعل فيما بينها وتؤدي إلى نتائج عكسية. وغالباً ما يُضاف إلى ذلك شعور بالوحدة أو فقدان مفاجئ للمحيط المألوف، ما يعمّق الإحساس بالضياع والانفصال عن الواقع.
طريقة العلاج
يؤكد الخبراء أن الرعاية الفعّالة تبدأ بالإنصات والتشخيص. فبدلاً من قبول الانزلاق كقدر محتوم، يجب طرح الأسئلة الصحيحة: لماذا توقف المريض عن الأكل؟ ماذا فقد؟ ما الذي يعاني منه؟ ويتطلّب الأمر فحصاً دقيقاً وتحليلاً بيولوجياً شاملاً وتقييماً نفسياً واجتماعياً. وهذا لا يتحقّق إلا من خلال فريق رعاية متكامل يضمّ أطباء، ممرضين، أخصائيي تغذية، نفسيين، وأفراد العائلة.