من الطبيعي تقديم التنازلات في أي علاقة، لكن الاعتماد الدائم على الطرف الآخر يمكن أن يؤدي إلى اختلال توازن الشراكة بشكل كبير. الاعتمادية، يكون لدى أحد الشريكين احتياجات شديدة، ويكرس الطرف الآخر وقته وطاقته لتلبية تلك الاحتياجات. يمكن أن تكون هذه الديناميكيات سامة لكلا الشخصين، مما يجعل من الصعب للغاية بناء علاقات صحية.
غالبّا ما ترجع أسباب الاعتمادية إلى العلاقات والتجارب في مرحلة الطفولة المبكرة. يمكن أن يساعد تحديد الأسباب الجذرية للاعتمادية على معالجة مشكلات الاعتماد المتبادل للتمكن من أن تكوني أكثر استقلالية وإنشاء علاقات صحية وإيجابية ومجزية في حياتك.
ما هي أسباب الاعتمادية؟
1- التجارب السابقة
تتشكل توقعاتنا وأنماط سلوكنا في علاقاتنا إلى حد كبير من خلال التجارب التي مررنا بها في وقت مبكر من الحياة. في مرحلة الطفولة، تشكل التفاعلات التي نعيشها أهلنا الطريقة التي نعتقد أنه يجب أن يعاملنا بها الآخرون طوال الحياة. يمكن أن تؤدي هذه السلوكيات المكتسبة وأساليب التربية إلى الاعتماد على الآخرين.
2- الإهمال في مرحلة الطفولة
إذا فشل أحد الوالدين في تقديم الدعم والتوجيه لطفله خلال السنوات التكوينية الحرجة، فقد يؤدي ذلك إلى اعتقاد الأطفال بأن احتياجاتهم ليست مهمة. في وقت لاحق من الحياة، قد يستمر البالغون الذين تم إهمالهم في تجاهل الأشياء التي قد يحتاجون إليها ويتجنبون طلب المساعدة من الآخرين، مما يتسبب في صداقة أو علاقة اعتمادية.
3- حماية الأهل المفرطة
الإهمال ليس دائمًا السبب وراء الاعتمادية . على العكس، يمكن أن تسبب حماية الأهل المفرطة الاعتمادية في العلاقات المستقبلية. يمنع تحكم الأهل بشكل مفرط في أطفالهم أو يحمونهم من أي تحديات أو صراعات، الطفل من تطوير مهارات مهمة وآليات التكيف والاستقلالية التي يحتاجونها لاحقًا في العلاقات في الحياة العملية، العاطفية وحتى الاجتماعية، مما يؤدي إلى اعتمادهم بشكل مفرط على الآخرين.
4- الإيذاء العاطفي والجسدي
أفاد العديد من الأشخاص الذين يعانون من الاعتمادية كبالغين أنهم تعرضوا للإيذاء العاطفي أو الجسدي أثناء الطفولة.
إن إساءة معاملة الأطفال تضر بشدة بتنميتنا وغالباً ما تؤدي إلى سلوكيات غير صحية خلال مرحلة البلوغ. قد يعاني ضحايا سوء المعاملة من صدمة الهجر أو لديهم رغبة قوية في أن يحتاجهم الآخرون.
5- التربية المتساهلة
التساهل والتسامح في التربية هو أيضّا سببًا آخر للإعتمادية إذ يؤدي إلى فشل في وضع القواعد والمبادئ التوجيهية. إن النمو في هذا النوع من البيئة يمكن أن يمنع الأطفال من تعلم الانضباط الذاتي. يواجه العديد من الأشخاص الذين نشأوا مع أهل متسامحين صعوبة في احترام حدود الآخرين والاعتراف بها، وهو ما غالبًا ما يكون عاملاً في العلاقات الاعتمادية.
لمعرفة أسباب الاعتمادية، من الضروري الرجوع إلى السنوات الأولى من حياتك. يمكن للأطفال الذين ينشأون في بيئة غير صحية أن يصابوا بمشاكل يحملونها معهم إلى مرحلة البلوغ. عندما لا يتم التعامل مع تجارب الطفولة هذه بشكل صحيح، فمن المحتمل أن تؤدي إلى سلوكيات اعتمادية وعلاقات غير صحية.