على مدى العقود القليلة الماضية، عند منعطف القرنين العشرين والواحد والعشرين، تمكَّن Azzedine Alaïa بهدوء وحتميّة من إثبات جدارته في عالم الموضة كالمُبتكر المِثال بامتياز. مُعلِناً الجمال كحالة مُطلقة، أصبح Alaïa بالنسبة لنا ممثِّل المرأة العصريّة، فتصاميمه الجريئة والخالدة أعادت رسم جسد المرأة على صورة التماثيل القديمة ذات التقسيمات القريبة من الكمال، فأظهرت قوّة الشكل، ومنحت المرأة وضعاً جديداً، وضع إلآهة العصر الحديث.
بعدما قمنا بربط أسلوبه بالجمال المطلق: اكتشفنا أن صور عارضات الأزياء اللواتي عَمِلن معه بَقيت راسخة في الذاكرة. فمن منّا لا يتذكّر Naomi Campbell، Stephanie Seymour، Linda Evangelista أو Iman وغيرهنّ ذوات الأجساد المنحوتة. من خلال تلك العارضات الجميلات، استطعنا تكوين صورة عن المرأة المثالية بالنسبة لـ Alaïa: النشيطة، العصريَّة، الأنثويّة والواثقة من نفسها...
يتمتَّع Alaïa بشخصيَّة غامضة وثائرة ميَّزت مسيرته الطويلة وكانت سرّاً من أسرار نجاحه. شخصيَّة مكَّنته من التحرّر من أيّ إطار محدَّد أو قالب معيَّن وجعلته يَسلك مساراً خاصّاً، لم يُقدِّم فيه أيّ تنازلات.
لكن إن كان Alaïa شخص غير عادي، فهذا بسبب طريقة إدارته لعمله وعلاقاته. فداخل المكان الذي اختاره وهو مستودع ضخم يعود الى القرن التاسع عشر، يعمل فيه ليلاً نهاراً، كالحِرفيّ المهووس بعمله، ويستضيف فيه، منذ أعوام، عروض أزياء وضيوف، وهو بالوقت نفسه المُحتَرف والمنزل الخاص والبوتيك والمعرض الفنّي.
غير أننا لن نستطيع فهم المعنى الجوهري لهذا المكان الفريد، إلا إذا أدركنا أهميّة قاعته الأساسيّة، المطبخ، القلب النابض لهذه الجماعة، حيث يجتمع، كلّ يوم، وبشكلٍ طقوسي، عند وقت الغداء، فريق عمل Alaïa حول طاولة طعام زجاجية كبيرة ومستطيلة. يجلس Alaïa على رأس المائدة، وضيف الشرف على يمينه. تكون عادة فترة تناول الغداء هذه وجيزة، خلاف وجبة العشاء، التي يُحبّ Alaïa التواصل والتفاعل فيها مع عدد أكبر من الناس، فهو معجب شديد الإعجاب بالمبدعين المعاصرين: من كتّاب، مصمّمين، رسّامين، موسيقيّين، راقصين، مخرجين، جامعيّين وعلميّين، يستلهم منهم، يستمدّ الطاقة، ويزجّ نفسه في عالمهم، فيجمعهم حول مائدة مطبخه الذي أصبح تدريجياً، مكاناً للقاءات الإبداعيَّة، وتحوَّل الى ما يُسمّى "صالون" في التقاليد الفرنسيّة.