عند الحديث عن شيخوخة البشرة، غالباً ما يتصدر الكولاجين المشهد كأحد أهم المكوّنات المدعومة علمياً للحفاظ على مرونة الجلد وشبابه. فهذا البروتين الطبيعي موجود أصلاً في أنسجة الجسم، ويُعد المسؤول الأول عن تماسك البشرة وامتلائها. لكن خلف هذا الاسم الشائع، يبرز عنصر أقل شهرة وأكثر دقة في دوره الجمالي، وهو الببتيدات، التي تُعد المفتاح الحقيقي لتحفيز الكولاجين ودعم صحة الجلد من الداخل.

ما هي الببتيدات ولماذا تحتاجها بشرتك
الببتيدات هي سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية، وهي اللبنات الأساسية التي يتكوّن منها البروتين. وعندما ترتبط هذه السلاسل معاً، تتشكّل بروتينات حيوية يستخدمها الجسم في بناء العظام والعضلات والغضاريف، إضافة إلى الجلد والشعر. ويُعد الكولاجين أحد أهم هذه البروتينات، إذ يشكّل النسبة الأكبر من طبقة الأدمة، وهي الطبقة المسؤولة عن بنية البشرة وقوتها.
مع التقدّم في العمر، يبدأ إنتاج الكولاجين بالتباطؤ، بينما تتسارع عملية تكسّره. وهنا يأتي دور الببتيدات، التي تعمل كرسائل ذكية تُرسل إلى خلايا الجلد لتُحفّزها على إعادة إنتاج الكولاجين، مما يساعد في الحفاظ على تماسك البشرة ومظهرها المشدود.
هل الببتيدات آمنة للاستخدام؟
الببتيدات ليست مكوناً غريباً عن الجسم، بل هي جزء طبيعي من آليات البناء والتجديد فيه. بعد سن الثلاثين، يفقد الجسم نحو 1% من مخزون الكولاجين سنوياً، نتيجة تباطؤ الإنتاج وتسارع التكسّر. لذلك، فإن دعم البشرة بالببتيدات، سواء عبر مستحضرات العناية أو من خلال التغذية، يُعد خياراً آمناً وفعّالاً للمساعدة في استعادة التوازن الطبيعي للبشرة.

الببتيدات ودورها في مكافحة الشيخوخة
تتعرّض ألياف الكولاجين في البشرة للتلف بفعل عوامل متعدّدة، مثل التقدّم في العمر، التلوث، التوتر، التدخين، وأشعة الشمس. هذه العوامل تؤدي إلى إنتاج الجذور الحرة، التي تهاجم الكولاجين وتُضعف بنيته. وهنا تلعب الببتيدات دوراً مزدوجاً، فهي تساعد على ترميم الخلايا المتضرّرة، وفي الوقت نفسه تحفّز إنتاج كولاجين جديد، مما ينعكس على البشرة بمظهر أكثر امتلاءً ونعومة وإشراقاً.
إضافة إلى ذلك، تتمتع بعض أنواع الببتيدات بخصائص مضادة للأكسدة، تساعد في حماية البشرة من التلف اليومي غير المرئي، ما يجعلها مناسبة لجميع أنواع البشرة، بما في ذلك الحساسة والجافة والمعرّضة لظهور الشوائب.
الببتيدات والكولاجين الغذائي
رغم الانتشار الواسع لمكمّلات الكولاجين، لا يزال الجدل قائماً حول مدى وصولها المباشر إلى البشرة. تشير بعض الدراسات الأولية إلى أن الببتيدات المأخوذة عن طريق الفم قد تكون أكثر قابلية للامتصاص، وقد تساهم في دعم إنتاج الكولاجين في الطبقات العميقة من الجلد. في المقابل، يرى بعض المختصين أن الجهاز الهضمي يقوم بتفكيك الكولاجين إلى أحماض أمينية قبل أن يستفيد منه الجلد. حتى الآن، لا تزال الأبحاث مستمرة، لكن من المؤكد أن هذه الأحماض الأمينية تساهم في تحسين صحة الشعر والأظافر، وقد تشكّل دعماً غير مباشر لصحة البشرة.

الببتيدات في روتين العناية بالبشرة
عند اختيار مستحضرات تحتوي على الببتيدات، من المهم التركيز على التركيبات المدروسة التي تسمح لها بالعمل بفعالية داخل البشرة. غالباً ما تأتي الببتيدات ضمن سيرومات أو كريمات مصمّمة لدعم مرونة الجلد وتعزيز إشراقه الطبيعي. وعند استخدامها بانتظام، تساعد هذه المكوّنات على تحسين ملمس البشرة، تقليل مظهر الخطوط الدقيقة، ومنح الجلد مظهراً أكثر نعومة وتماسكاً.