تتلطّخ بشرة الإنسان تماماً كما يتسّخ قميصه، لكنّ الفرق أنّ البشرة تأخذ سنوات عديدة. أمّا السبب فيعود إلى الشمس طبعاً!
تُفسد البقع البشرة وتصبح يوماً بعد يوم محفّزاً واضحاً لزيارة طبيب الجلد، ولا سيما بالنسبة للنساء. فهذه المشكلة في أوروبا تأتي في المرتبة الثالثة في لائحة الانشغالات الجمالية (بعد التجاعيد وارتخاء البشرة). لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه الظاهرة ليست مرادفة للشيخوخة، فقد تظهر معالمها عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عاماً.
حرب البقع الداكنة
تذكير بسيط: إن مادة الميلانين هي المسؤولة عن تلوين البشرة الذي تحدّده العوامل الوراثية. لكن هذا اللون قد يتبدّل بفعل تأثّر هرمون الأوستروجين جرّاء الأشعة فوق البنفسجية UVA وUVB التي تبعثها الشمس لكن أيضاً الأشعة فوق البنفسجية المصطنعة.
حين تشيخ البشرة تظهر بعض الآثار على الوجه والجسم وهي عبارة عن بقع داكنة اللّون تتفاوت نوع الجلد. تكثر البقع الداكنة ويكثر النمش والكلف في المناطق المكشوفة لدى الأشخاص الشقر ذوي العيون الزرقاء. إذ يكون لونهم فاتحاً في الأساس ثمّ يغمق مع العمر ومع التعرّض للشمس.
تظهر هذه الأشكال الهندسية الصغيرة في كلّ مكان يكون عرضةً لأشعة الشمس ولا سيّما عند الذراع واليد والكتف والعنق والصدر والوجه... فتتلوّن البشرة بتدرّجات مختلفة قد تصل إلى حدّ الألوان الداكنة.
قناعٌ من البقع!
كما يشير اسمه، يظهر قناع الحمل (ميلازما Mélasma أو كلواسما Chloasma) لدى المرأة عامةً ولدى الحامل خاصة وهو عبارة عن بقع مبعثرة داكنة اللّون تتشكّل على الجبين والوجنتين ومحيط الفم وهي ناتجة عن عاملين أساسييّن هما: زيادة في إفرازات هرمون الأوستروجين (بالتزامن مع الحمل أو مع تناول الحبوب المانعة للحمل) فضلاً عن التعرّض لأشعة الشمس.
بعد العقد الخامس من العمر، تبدأ البقع الجلدية بالظهور على اليدين والكفّين والصدر والوجه وعلى الرأس لدى الرجل الأصلع. ولا تزول هذه الآثار من تلقاء نفسها من دون علاج بل قد تتطوّر إلى كتل سرطانية خطرة لا يمكن معاينتها سوى لدى الطبيب. احترسوا إذاً!
العلاجات الممكنة
التخلص من البقع الداكنة أو لمحوها كلياً أصبح ممكناً، ويقترح الأطباء نوعَين من العلاج:
أ ـ وصفة لوضع الكريمات المزيلة للاصطباغ (Dépigmentation) أو المخفّفة له (Hypopigmentation) (انظري إلى المربّع).
ب ـ القضاء عليها من خلال التقشّر (Exfoliation) أو إزالة الاصطباغ وذلك بواسطة المعالجة بالتبريد Cryotherapy، الحمض المقشّ Peeling، اللايزر أو النبض الضوئي المكثّف (IPL). (انظري إلى المربّعات).
تُتابع هذه العلاجات في فصل الشتاء وقد تترك بعض الآثار كالتقشّرات أو الاحمرار أو الانزعاج لمدة أسبوع تقريباً، وفي هذه الفترة لا بدّ من الحماية الكاملة من الشمس. في موازاة ذلك، يجب استعمال الكريمات الدهنية التي تساعد على التئام الجروح.
أفضل أنواع الكريمات
يصف الطبيب هذه الكريمات المضادة للبقع والتي من شأنها أن:
- تخفي التلوينات الموجودة من خلال كريمات مزيلة للاصطباغ. من المستحسن عدم وضعها طويلاً والابتعاد عن الأماكن السليمة في البشرة التي قد تصبح فاتحة. كما هناك بعض أنواع "السيروم" المرطّب Sérum Hydrate الغنّي بمستخلصات مانعة للاصطباغ وبحمضيات الفاكهة الطبيعية التي تجعل البشرة أقوى وأفتح وخالية من البقع. يمكن استعمال هذا "السيروم" على البقع مباشرةً عدة مرات في اليوم أو مزجه مع مستحضرات أخرى تحارب البقع لتعزيز مفعوله.
- تقلّص من تكوين الميلانين بمساعدة كريمات مخفّفة للاصطباغ لا تعرّض البشرة السليمة لتغيير لونها.
المعالجة بالتبريد Cryotherapy
- إنّها طريقة ممتازة لمن لا يظهر عنده سوى بقعة أو اثنتين. من الأفضل اتّباعها في الشتاء حين تكون أشعة الشمس خفيفة.
- يوضع النيتروجين السائل أو الثلج الكربوني لتبريد المنطقة التي يجب معالجتها. عندئذٍ تتفكّك خلايا الميلانين الحسّاسة للبرد وتتقشّر البشرة.
- تختفي آثار هذه الطريقة تلقائياً بعد عشرة أيام تقريباً.
اللاّيزر
- طريقة فعّالة للبقع الكثيرة.
- يقضي اللايزر على الميلانين لكنّ هذا العلاج يتطلّب عدم اسمرار البشرة لأنّ ذلك قد يؤدّي على العكس إلى منطقة فاتحة جداً.
- تبقى آثار اللايزر أسبوعاً واحداً ثمّ تزول لكن يجب تجنّب الشمس طيلة 6 أسابيع!
- تكفي جلسة واحدة للحصول على أفضل النتائج.
- يصلح اللايزر لمعالجة أنواع أخرى من المشاكل الجلدية لكن قد لا تكون النتيجة مضمونة. كذلك يجب الخضوع لتجربة على منطقة صغيرة قبل البدء بالعلاج الكامل.
التقشّر Peeling
تقنية تستعمل لمحاربة البقع والتجاعيد وتقضي بوضع مادة حمضية على البشرة فتتقشّر الطبقة السطحية وتتنشّط خلايا الأرومات اللّيفية "فيبروبلاست" ويتعزّز إنتاج الكولاجين الجديد "Néocollagénogénèse".
لا تختفي البقع وحسب بل تصبح البشرة أملس ومطاطية أكثر من العادة. لكن يبقى السؤال: "هل هي الطريقة الأفضل للتخلّص من البقع الجلدية؟" حسب! نعم حسب نوع البشرة... لأنّ التقشّر قد يكون في بعض الأحيان غير فعّال لا بل مضرّ جداً! وحدهم أطباء الجلد يستطيعون التمييز وإعطاء أفضل النصائح. ملاحظة هامة: لا يقوم أحدٌ بالتقشّر أفضل من طبيب الجلد وذلك إمّا في العيادة أو في المستشفى.
IPL
تعمل هذه التقنية على إخفاء ملامح الشيخوخة (الطبيعية والناتجة عن أشعة الشمس) من خلال لمبة توفّر نبضاً ضوئياً مكثّفاً (IPL: Intense Pulsed Light) يحمّي البشرة فيخفي البقع وينشّط خلايا "الفيبروبلاست" ويعزّز من إنتاج الكولاجين الجديد.
تماماً كتأثير التقشّر (الوارد سابقاً)، تصبح البشرة أملس ومطّاطية أكثر من العادة كما تخفّ التجاعيد عليها. يتطلّب الأمر عدّة جلسات (بمعدل 5 تقريباً) يفصل بين الواحدة والأخرى شهر تقريباً بهدف تعزيز إفراز الكولاجين الطبيعي بشكل مستمرّ.
بعد الجلسة لا تترك البشرة آثاراً بل يمكن مزاولة النشاط العادي فوراً من دون الحاجة لأخذ الحيطة. حسنة أخرى: بما أنّ سطح البشرة يبقى معافىً لا حاجة لاستعمال الضمادات ولا تظهر أية آثار سلبية كما هي الحال بعد جلسة اللايزر أو التقشّر. يمكن ملاحظة النتائج بين شهر وثلاثة أشهر يتداخل فيها اللايزر والأضواء الأخرى حسب الجلسة ووفقاً لنوعية البشرة وعمق البقع الجلدية. تخترق الحرارة البشرة من دون أن تؤذيها وتعمل على ثلاثة أهداف تُعنى بإنعاش الجلد: الأوردة الصغيرة، الصبغيات والفيبروبلاست. أي 3 عصافير بحجر واحد!