حقق Christian Dior حلمه الأخير في قلب مدينة Pays de Fayence التي لا تبعد قليلاً عن مدينة Grasse. يُعتبر منزل Le chateau la colle noire هو المكان الأخير الذي شعر فيه بالهدوء والسكينة. ويقع هذا المنزل الفاخر الذي يمتلكه المصمم العاشق للطبيعة Christian Dior في مدينة Provence الخلابة. كان هذا المنزل هو المكان الذي يُحب العودة إليه دائما ليستلهم من طبيعته الساحرة ابتكاراته المميزة، كما جذب أيضاً أصدقائه الفنانين، وتم تخصيص هذا المكان للفنون والذوق السليم. فضلا عن قيامه بتصميم حديقة غنَّاء بنفسه داخل هذا المنزل، حيث كان الهدف منها هو إحياء ذكريات طفولته التي قضاها في منزل العائلة الذي يدعى "Les Rhumbs" ويقع في مدينة Granville. زُرعت هذه الحديقة بآلاف الأشجار وأزهار مايو وأزهار الياسمين وغيرها من الأزهار العطرية التي تُزرع في حدائق منطقة Grasse, إلى أن تجسدت الأميال الخضراء لهذه الحدائق العطرية في شكل عطور راقية ابتكرها مصمم العطور Christian Dior الذي أسس دار Dior في شارع avenue Montaigne الشهير. ويرجع الفضل لحديقة المصمم العبقري الذي كان يحلم بأن تفوح العطور من النساء كالأزهار، في إلهامه لابتكار العديد من العطور التي استمرت على مر السنين.

 

اليوم قررت دار Dior للعطور استعادت هذا المكان الشهير وتُزينه بالشكل الذي تمناه Christian .Dior وازدهرت أزهار الحديقة من جديد كما استعادت القلعة مكانتها بديكورها الرائع، وعادت الحياة وروح الإبداع لـ Château de La Colle Noire مرة ثانية تحت سماء مدينة Provence، وتحقق حلم Christian Dior.

 

تاريخ Château de La Colle Noire

تطل Château de La Colle Noire على سهل Montaurouxوتقع في مدخل مدينة Pays de Fayence التي تبعد 40 كم عن مدينة Cannes وتبعد عن مدينة Grasse بمقدار 18 كم.

في عام 1951 وعلى حدود جبال الألب البحرية ومنطقة Varامتلك Christian Dior هذا المنزل الريفي بمدينة Provence، والمُحاط بالأراضي الموجود عليها كنيسة Saint Anne Chapel التي يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر.

في عام 1858, قرر Henri Emmanuel Poulle المحامي ونائب رئيس مدينة Var أن يبني منزل كبير في هذه المنطقة، واستمر البناء لمدة ثلاث سنوات. وبني Maître Poulle كنيسة في نفس المكان وأطلق عليها اسم Saint Anne المأخوذ من اسم ابنته Anne-Victoire وتولى مهام خدمة هذه الكنيسة أحد القساوسة. وبعد وفاة Maître Poulle في عام 1877 ورثته ابنته Anne-Victoire (1827 – 1894) ثم ابنه Paul-Félix Honoré Reibaud الذي اهتم بأملاك العائلة في مسقط رأسه بمدينة Var. وأُهمِلت Château de La Colle Noire وتم بيعها إلى رجل أعمال يُدعى Fayolle، وبعد وفاته تنازلت أرملته عن ملكيتها إلى Pierre Gosselin في عام 1921، وبقى هذا الأخير مالكها حتى عام 1950.

 

في عام 1952 اشترى Christian Dior "Château de La Colle Noire"، حيث كان يعيش مع والده وأخته Catherine بالقرب منها في Callian أثناء الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من أن هذه القلعة تقع في مكان فسيح إلا أنها تعرضت للإهمال كثيراً، لكن البقعة التي عليها هذه القلعة أسرت خيال المصمم Christian Dior بسبب إطلالتها على سهل Montauroux الخلاب، المُستوحى من Mons Auros والذي يعني (المكان ذو الهواء العليل أو الجبل الذهبي). ومن أحد الأعمال الرمزية التي قام بها Christian Dior هو تعهُده بترميم الكنيسة لمده عامين قبل أن يتبرع بها لقرية Montauroux عام 1953بشرط أن يحافظ عليها سكان القرية. اعتاد سكان القرية على حضور القداس في هذه الكنيسة وقد كان Christian Diorسبباً في مداومة أهل القرية على حضور هذا القداس من خلال قيامه بتجديد الكنيسة والتبرع بها لأهالي القرية, وبذلك ضمن Christian Dior استمرار توافد الناس على هذا المكان وكأنه يطرد الأشباح وينتصر عليها في كل وقت من خلال حرصه على تواجد الناس في هذا المكان.

 

بعد أن قام المهندس المعماري البارع André Svetchine بتجديد Auberge de la Colombe d'Or حظي بإعجاب الكثيرين ومنهم Christian Dior الذي قرر أن يسند إلى هذا المهندس مهمة تجديد منزله. ولأن André Svetchine مهندس بارع في العمارة الحديثة الخاصة بمدينة Provence فقد أعاد إلى أساسيات المكان جمال المعمار الفرنسي الجنوبي، فحول الغرف الغير مناسبة للمعيشة إلى صالونات وأجنحة. وبعد استعادة المنزل مرة أخرى بدأت عملية تجديده لكنها لم تكتمل قبل وفاة Christian Dior.

 

بالرغم من التجديدات التي أجراها Christian Dior في "Château de La Colle Noire" إلا أنه كان يحترم المكان وظل متحفظاً وحريصاً على احترام تقاليد هذه القرية التي تضم أقل من 900 نسمة، فكانوا يقضوا الصيف في لعب الكرة، وفي الغداء يوم الأحد يتناولون صلصة aioli الشعبية. كل صيف كان يشارك Christian Dior بصفة دائمة في حضور قداس يوم Saint Barthélemy الذي تقيمه مدينة Pays de Fayence .

وحتى يومنا هذا لايزال أهل القرية يحضرون هذا القداس كل عام في 24 أغسطس تكريماً لـ Christian Dior, ويحتفلون أيضاً بذكرى وفاته في 23 أكتوبر 1957.

 

تُعتبر "Château de La Colle Noire" أكثر من كونها مكان مناسب لقضاء الصيف، بل تعتبر حقلاُ زراعياً كبيراً أيضاً، حيث يقع هذا المنزل على مساحة أكثر من 50 هكتار واستخدمه المصمم Christian Dior في زراعة الزهور العطرية والعنب والياسمين، وتسلمتها بعد ذلك شقيقته Catherine. في نفس الوقت كان يقع هذا المنزل على مساحة أكثر من 50 هكتار.

"قضيت يومي بين أشجار العنب حتى أرى المحصول الذي سأجنيه في المستقبل." - Christian Dior, 1956

 

ترك Christian Dior أملاكه إلى شقيقته Catherine وأقرب أصدقائه Raymonde Zehnacker. في عام 1968 تم بيع "Dior Château" إلى Laroches, لكنه كان يُقيم في داخل منطقة Var التي تبعد عن جمال منطقة الريفيرا الفرنسية، ونُهبت القلعة وأٌهملت مرة ثانية. وفي عام 1976 تم بيعها واستخدمت لاستضافة السائحين ولإقامة الحفلات. وفي عام 1999 سجلت فيها مجموعة Oasis ألبومها الرابع بعنوان "Standing on the Shoulder of Giants".

في عام 2013 قامت دار Christian Dior للعطور في النهاية بشراء"Château de La Colle Noire" وبدأت فيها أعمال التجديد الأساسية بهدف الإثراء والمحافظة على هذا العنصر الذي يعد ضمن تراث Dior بالإضافة إلى ارتباطها بشكل أصيل بثقافة زهور وعطور مدينة Grasse.

 

مدينة Grasse

"أكتب السطور الأخيرة هذه وأنا في مدينة Montauroux: ساقني القدر إلى هذا المكان الهادئ في ريف Provence ليشهد آخر أعمالي. الليل ينحسر حاملاً معه سلام لا نهاية له." Christian Dior من كتاب Dior by Dior1956

 

عندما امتلك Christian Dior "Château de La Colle Noire" في عام 1951 كانت تصاميمه "تتميز حينئذ بالرقة التي لا تصل إلى حد التكلف وبالبساطة التي لا تصل إلى حد الملل." اتجه في تصميم مجموعاته بشكل كبير إلى الإطلالة الطبيعية مع الخصر الرشيق بدون حزام، ويُعبر التطريز المعتدل على الملابس عن تأثير الريف على المُصمم، كما أنه مُبتكر الإطلالة الجديدة التي استمرت حتى زراعة حديقته الشعرية. أشار هذا التحول إلى عودة الطفولة بداخله، فقد ساعده المكان على أن يحقق الصورة المثالية التي يحلم بها وهي أن تصبح النساء كالأزهار ذات العبير الفواح، والآن أصبح الجنوب الفرنسي يٌقدم للنساء العبير الأخاذ.

"أشعر أن هذا المنزل هو منزلي الحقيقي الذي سأتقاعد فيه يوماً ما بإذن الله، وسأعيش في هذا المنزل يوماً ما وسأنسى المصمم Christian Dior وسأكون شخص وحيد يعاني من الإهمال مرة ثانية." Christian Dior

 

عطر الطفولة الذي أُعيد اكتشافه

عندما قرر المصمم أن تكون "Château de La Colle Noire" بيت الاسترخاء والهدوء في مدينة Provence الساحرة، وليُقيم القداس على روح العائلة في جنوب فرنسا. وكان عطر أزهار روزا سينتيفوليا يذكره دائما بورود حديقة فيلا “Les Rhumbs” في Granville حيث قضى فيها طفولته. وبعيداً عن أجواء مدينة Normandy الممطرة كان يذهب المصمم إلى "Château de La Colle Noire" حيث الهدوء والسكينة والإلهام وأصوات أزيز حشرة السيكادا بين حقول الياسمين. بالرغم من أن المهندس Svetchine هو الذي أجرى التجديدات الرئيسية للمنزل إلا أن Christian Dior هو من صمم وابتكر مدخل المنزل بالكامل بنفسه. فقد اختار أن يصمم حديقة منزله على غرار حديقة منزل الطفولة وأقام بها بركة ماء كبيرة مزخرفة يبلغ طولها أكثر من 40 متر.

 

قصة حب

تحمل جميع غرف "Château de La Colle Noire" الطابع الأبيقوري حيث تُغلفها أشعة الشمس باستمرار. ونظراً لحُب Christian Dior لمدينة Provence كان يأخذ دائما سيارته Austin Princess في رحلاته من Comps وحتى Oustau de Baumanière في Les Baux de Provence وهناك كان يستمتع بمأكولات Provence الشهية. ثم يقوم بالرحالات السياحية في أحد قوارب الصيد الخاصة بـ Provence إلى Porquerolles و Saint Tropez حيث كان يعشق يوسفي Senequier المحلى بالسكر.

ظلت مدينة Provence المكان المُحبب لـ Christian Dior فكان يلجأ إليها أثناء الحرب العالمية الثانية وقضى مدة طويلة في منزل Nayssées الذي اشتراه والده قبل الحرب.

 

"عندما أنهي هذا الكتاب سأكون على وشك إنهاء تزيين بيتي في مدينة Provence, في Montauroux بالقرب من Callian. لا أستطيع وصف البيت بالكامل لأن التجديدات لم تنتهي بعد. كل ما يُمكنني قوله عن المنزل أنه بسيط وقديم وفخم وأتمنى أن تتناسب فخامته مع الفترة القادمة من حياتي." - Christian Dior, 1956

 

شغف الفن

لماذا اختار Christian Dior جنوب فرنسا بالتحديد؟ حسناً، من الجدير بالذكر أن Jean Arp و Sophie Taueber هما رسامان "ضمن رسامي مدينة "Grasse ويُعدا من بين الفنانين الذين قدمهم Christian Dior للجمهور خلال حياته العملية باعتباره صاحب معرض للوحات في الفترة من عام 1929 إلى عام 1934, وقد فرا من المنطقة المحتلة إلى الجنوب مثل Christian Dior. لكن قد يكون سبب لجوئه إلى الجنوب لأنه يشبه الفنانين الذين يأسرهم سحر البحر المتوسط والطبيعة الساحرة لسماء مدينة Granville الزرقاء مع السماء الزرقاء لمدينة Provence فكان ذلك سبباً في أن يكون هذا المكان مقربا إليه.

توفى Christian Dior قبل أن يشهد إنهاء التجديدات في Château de La Colle Noire، لكنه عاش فيها إلى أن كتب سيرته الذاتية التي تحمل عنوان "Dior by Dior"

"أعيش وحدي في منزل كبير بارد بعض الشيء، وسائل التدفئة لم تعمل بعد وسيستغرق توصيل الكهرباء وقتاً طويلاً. غرفتان فقط يصلحان للسكن بما فيهما الغرفة التي اجلس فيها. يحترق الخشب في الموقد وضوء الشمعة الضعيف يزعج الظلال الراقصة على السقف." - Christian Dior

 

بداية من 6 أغسطس 1956 وحتى 28 أغسطس 1957 يضم كتاب زوار Château de La Colle Noire خمسة عشر صفحة تحمل العديد من توقيعات ورسومات ضيوف Christian Dior, وهم مجموعة من الفنانين والشخصيات النسائية البارزة وزملائه المقربين على رأسهم Raymonde Zehnacker الذي كان يدير المكان. وكان من بين الزوار فنانين مثل Maurice Van Moppès و Bernard Buffet – الذي يمتلك Château l'Arc بالقرب من Aix en Provence عام 1956- و Marc Chagall الذي عاش في Vence منذ عام 1949 وأيضاً Marguerite Maeght زوجة Aimé Maeght.

استقبلت Château de La Colle Noire زيارات أصدقاء Christian Dior"الودية" بداية من Marie Laure de Noailles ملكة جمعية Félibrige الثقافية, وكان لها فيلا قريبة من Hyères صممها لها Robert Mallet-Stevens على الطراز التكعيبي.

وكان يتناول المُصمم الغداء تحت الأرجولة مع Marie Blanche de Polignac (ابنة Jeanne Lanvin) ومع ممول وراعي الفنون Paul Louis Weiler وElisabeth Chavchavadze.

ريف Provence هو مصدر إلهام Christian Dior الذي قدم إليه فكرة الحلم الذي تشارك فيه مع Jean Cocteau مؤلف كتاب " الأمير العابث" لساحل أزور.

"أخرج قليلاً للأسف تاركاً أسطورتي المزدوجة لكنها تخرج وتُكمل الطريق بدلاً مني. أستطيع التحدث فقط عن الشاطئ حيث العطر الأسطوري للبحر المتوسط الذي يفوح منه مزيج من الكسل والعمل." - Jean Cocteau

 

تزيين على طراز Provence الحديث

تتميز روح منزل Château de La Colle Noireبطراز Provence الحديث حيث يضم المنزل كراسي جندول bergère وأواني الأزهار الفخارية المزينة على طراز Wedgwood. وهنا كشف Christian Dior عن ذوقه الانتقائي بدءً اختيار الأثاث الذي يرجع إلى القرن الثامن عشر وحتى التصميمات الداخلية التي تحمل الطابع الرومانسي مع زيادة الأثاث وأواني الأزهار.

 

يجمع صالون Christian Dior الرئيسي بين الطراز الحديث للويس السادس عشر الذي رأيناه بالفعل في شارع avenue Montaigne والذي صممه Victor Grandpierre "بومبادور رمادي" وأيضاً طراز الخمسينيات الكلاسيكي الحديث الغني بالألوان المائية للمصمم Christian Bérard. علاوة على ذلك فإن أواني الأزهار والنباتات والمزهريات الممتلئة بالزهور التي تملأ غرف النوم تشير إلى حس الضيافة لدى Christian Dior.

 

طاولة الرجل النبيل

يستقبل Christian Dior أصدقائه في Château de La Colle Noire, وتحتوي غرفة أدوات المائدة على شِوك صدفية وأوعيه من الكريستال لحفظ الطعام وفناجين للقهوة وصحون مُزينة بالأزهار فضلا عن الأطباق ذات اليد الذهبية والحوامل الفضية المطبوع عليها Christian Dior بجانب كؤوس الشامبانيا وأكواب الكونياك وكؤوس النبيذ البورغوندي الذي يعود إلى القرن الثامن عشر.

يمكن أن تشعر بروح السيد Dior من خلال أسلوبه – الذي يجمع بين الريف والتطور- الذي يلعب على المزيج الانتقائي. كان يؤمن بنوع خاص من الفنون وهو فن حب الحياة الذي يجمع بين الطراز الإنجليزي للقرن الثامن عشر والتقاليد الفرنسية مع العنصر العصري لمنزل Provence الحديث.

"ظهرت النجوم الأولى في السماء وانعكس ضوئها في المسبح المقابل لنافذة غرفتي." - Christian Dior, 1956

 

عام 2016 على خطى تحقيق حلم Christian Dior

عادت Château de La Colle Noire إلى ملكية Dior منذ عام 2013. شهد عام 2015 بداية أعمال الترميم الأساسية في هذا المنزل بدءً من الأرضيات إلى البركة المُزينة ومن غرفة الضيوف إلى غرف الاستقبال، وعادت Château de La Colle Noire إلى الحياة من جديد وعمت أشعة الشمس أرجاء المكان لتُحي ذكريات Christian Dior.

عاد صالون Provence وبهو المدخل ومكتب السيد Diorبالإضافة إلى الغرفة المصرية إلى حالتهم الأصلية, بينما قام مصمم الديكور Yves de Marseille بإنشاء أجنحة جديدة تحمل اسم Chagall و Bernardو Picasso و Daliكروح من التجاذب الاختياري وتقديرا لهؤلاء الفانين.

تحولت غرفة Bishop إلى غرفة استقبال، فلم يكن لدى Christian Dior الوقت الكافي لتزيينها، كما تم تصميمها بالشكل الذي كان يتمناه، كما قال "أرغب في أن أزين هذه الحجرة بمنضدتين مزخرفتين وبهما مرآتين مطليتين بالذهب من طراز Louis Seize".

أُعيد بناء سلم المنزل الرئيسي بالكامل، كما تم إضافة اتليه العطور إلى القلعة امتداداً لطراز Provence في القرن الثامن عشر.

 

تراث حديقة Château de La Colle Noire

Philippe Deliau هو صاحب (Atelier Lieux et Paysage) الذي تم تأسيسه في عام 2002. تخرج في "هندسة المناظر الطبيعية" École Nationale des Ingénieurs des Techniques Horticoles et du Paysage (ENITHP). " المدرسة الوطنية لهندسة التقنيات البستانية والمناظر الطبيعية"

كما عمل في العديد من المواقع الطبيعية والتاريخية، وتُعد Château de La Colle Noire هي مشروعه الثاني مع مؤسسة LVMH بعد تجديد حديقة Jardin d'Acclimatation بالتعاون مع مؤسسة Louis Vuitton و Frank Gehry.

 

كيف تصف حديقة Christian Dior في منزل Château de La Colle Noire؟

إنها في الأساس حديقة زراعية. إلا أن Christian Dior كان يُعبر دائما عن مدى ارتباطه وانتمائه الشديد لجذور المكان، من خلال تحويل هذه الحديقة إلى جنة خضراء تبعث عليه السعادة والنشاط بطبيعتها الساحرة وبوجودها داخل مدينة Provence بالإضافة إلى روحها المُبهجة وأريجها الفواح. ويتميز Christian Dior بالتواضع مع الجميع, فكان يتعامل كالأب مع العاملين في الحديقة ويساعدهم في العمل مثلما يفعل مع خياطات دار Dior في شارع avenue Montaigne. بعد امتلاكه لهذه الأرض الزراعية الريفية الرائعة، وضع في Château de La Colle Noire أحواض الزينة المستلهمة من طراز القرن الثامن عشر وأحاطها بصناديق الأشجار، كما زرع أيضاً شجيرات الورد وأزهار السوسن والبنفسج والياسمين. ومن المعروف عن Christian Dior ان كل ما زرعه من نباتات أو صممه من جمادات لابد وأن يكون متعلق بالضوء والظل (قام برسم نافورة من الأحجار تُزينها حوريات البحر) حتى يشعر بالراحة والاسترخاء، بدون أن يُغير مطلقاً في الشكل الأصلي للمكان. وتًعد هذه الحديقة رمزاً حياً على تراثها البستاني والزراعي.

 

ما هي التخطيطات التي وضعتها حتى تُعيد هذا المكان إلى الحياة من جديد؟ 

في البداية عملنا بعناية وقمنا بتحديد المهام المتراكمة لمدة 40 عاماً لكي نُعيد الخطط الأصلية لتجديد المكان. لم أحاول أن أعيد بناء أي شيء، فالأشجار كانت مزروعة بالفعل بدءً من شجر السرو الذي يبلغ طوله الأن أكثر من 15 متر. ولكنني حاولت أن أعيد تنسيق منظر الحديقة الطبيعي – من ناحية أردت أن أُقلم الأشجار حتى يتَكشّف المنظر العام للحديقة، ومن ناحية أخرى أردت أن أعيد تنسيق المكان المحيط بأشجار الزيتون لكي يظهر جمال المنظر الخلفي لهذه الأشجار. كما أعدنا زراعة الأشجار التي سنستفيد منها مثل عشرات الآلاف من شُجيرات زهرة مايو وأشجار العنب وأشجار الزيتون وأشجار اللوز التي كان يحبها السيد Dior, وأعدنا تنسيق الممر المُزين بخشب البلوط وحديقة الأزهار والشرفة الجميلة أسفل الكنيسة حتى نكشف المنظر العام للمكان مرة ثانية.

 

هل تعتقد من وجهة نظرك أنكم أعدتم اكتشاف شيء مثالي؟  

هذه الحديقة ليست حديقة للاحتفالات، بل هي حديقة مثالية تضم بداخلها عناصر مُبهجة يشع منها الفن الراقي وحب الحياة. وستشعر بذلك فور دخولك الحديقة من خلال الطريقة الذكية التي جمع بها السيد Dior بين الأزهار وأشجار العنب والزيتون، بالإضافة إلى رغبته في التجديد وأن الحياة لا يوجد فيها شيء يستمر للأبد. وتنعكس فكرة التطور المستمر للحياة على الأعمال التي يقدمها المُصمم للنساء كل موسم حتى يظهرن بشكل أكثر جمالاً.

 

عطور Christian Dior وأرض مدينة Grasse

"وُلد عطر Miss Dior من ليالي مدينة Provence الساحرة، حيث تعزف أزهار الياسمين أجمل ألحان الليل والأرض." - Christian Dior, 1956.

زهرة مايو وزهرة الياسمين وزهرة الميموزا وزهرة مسك الروم وزهرة النارنج: كلها أسماء لأزهار Grasse التي صنعت باقات من الورود العطرة أسرت بها أحاسيس الجميع. لأكثر من ثلاث مائة عام تنعم هذه الأرض الرومانية القديمة بالماء وبالأزهار الاستثنائية التي امتدت جذورها عميقاً بين جبال الألب والبحر الأبيض المتوسط تحت شمس غرب Provence. وبالرغم من التطور الذي شهدته صناعة دباغة الجلود في مدينة Grasse في القرن الرابع عشر، إلا أن ثقافة زراعة النباتات العطرية بدأت في الانتشار في القرن السابع عشر مع انتشار صيحة القفازات المُعطرة، ثم انتشرت هذه الثقافة بشكل أكبر في القرن التالي.

 

تتميز هذه الأرض التي باركها الله بقدرتها على إنتاج أزهار تُعطي جودة عطرية عالية. وتلعب التربة الجيرية الطينية مع الشتاء المُعتدل والصيف الحار الرطب دوراً هاما في الحصول على هذه الجودة التي لا مثيل لها. لكن يبقى سر هذه النباتات الراقية كامناً داخل قطعة الأرض التي توصف بأنها "منطقة متطرفة" تقتصر مساحتها على مئات الهكتارات حتى حدود المناطق التي لا تُزهر فيها الزهور.

 

على الرغم من أن مدينة Grasse كانت تُنتج 5000 طن من الأزهار كل عام حتى أربعينات القرن الماضي إلا أن إنتاجها السنوي اقتصر على بضعة مئات الأطنان منذ عام 2000. ومع ذلك فإن أرض هذه المنطقة تُعد الوحيدة من نوعها في العالم التي لاتزال مزدهرة بفضل حماس المزارعون الذين مازالوا محتفظين بأسرار الأجيال القديمة في الزراعة.

 

تحت السماء الزرقاء والتلال المتداخلة مع بعضها البعض، ومنحدراتها المُحاطة بأشجار الزيتون ذات الأوراق الفضية اللون وأشجار الصبار والنخيل، يظهر على مسافة بعيدة شاطئ البحر الأزرق، توجد حقول "Domaine de Manon" و "Clos de Callian"وهم الشركاء الحصريين لدار Dior والذين أثبتوا خبرتهم العالية في مجال زراعة الزهور.

وتقول Carole Biancalana التي تُدير أعمال العائلة (الجيل الرابع) في حقل "Domaine de Manon" أن عملية زراعة الأزهار تخضع لمعايير صارمة، بداية من الدورة المحصولية للأزهار، وتبوير الأرض لمدة عامين، وحتى قطف المحصول يدوياً.  

في عام 2006 خلال لقاء مع François Demachy الذي قال إنه أحيا هذا التراث من جديد، والذي تسعى إليه دار Diorلتدعمه ثقافياً وروحياً.

 

أكدت Armelle Janody المسؤولة عن حقل "Clos de Callian" قائلةً "اخترت زراعة الأزهار الاستثنائية حتى أتحكم في ما نزرعه." Armelle Janody هي عالمة بيئية بارعة تكرس جهودها لإدارة مشروع زراعة 20.000 شُجيرة من زهرة مايو, وهي زهرة ضعيفة للغاية وإذا لم يتم قطفها في اليوم الذي تُزهر فيه تصبح غير صالحة للاستخدام.

اختارت Armelle Janodyأن تزرع نبات البرسيم حتى يٌخصب التربة خلال فصل الشتاء. وتقوم حالياً باختبار الحصائر المصنوعة من القنب والخيش لحماية أشجار الأزهار والحفاظ على الكائنات الدقيقة والحشرات التي تساهم في التنوع البيولوجي. ومن ضمن خطط عملها أيضاً زراعة زهرة مسك الروم. ويتم حجز محاصيل حقل "Domaine de Manon" و "Clos de Callian"من أزهار روزا سينتيفوليا (في شهر مايو) وأزهار الياسمين (من شهر يوليو إلى شهر أكتوبر) لدار Dior. عندما تُقطف الأزهار يدوياً تُرسل على الفور حتى يتم استخلاص الزيت العطري منها ثم تُحول إلى عطر صلب.

 

Fontaines Parfumées مكان جديد في مدينة Grasse لابتكار عطور Dior

حالياً يتم ابتكار عطور Dior حصرياً في Fontaines Parfuméesالذي يقع في قلب مدينة Grasse. كما أنشأ François Demachy مُبتكر عطور Dior وأحد أبناء مدينة Grasse, مختبره في وسط المدينة حتى يعود إلى مسقط رأسه هنا في أرض الأزهار الاستثنائية.

 

يحظى Fontaines Parfuméesبمكانه عالية في ذاكرة مدينة Grasse. وإدراكاً من دار Christian Dior للعطور للقيمة التراثية لهذا المكان الخصب الذي يقع في وسط المدينة قررت الدار أن تؤسس مختبرها الإبداعي هناك. ومن الآن وصاعداً سيتم ابتكار عطور Dior المستوحاة من أجمل الأزهار في قلب مدينة Grasse.

 

"المنزل الذي أقامه Christian Dior كان في غاية الروعة!! لكن الشيء الوحيد الذي كان يريده هو الأزهار العطرية."

 

قالت Lucienne Rostagno أحد العاملين في حدائق Château de La Colle Noire في عهد Christian Dior "المكان كان مُزدهراً: وكنا سعداء بتواجد Christian Dior معنا لأنه كان عطوفاً ويُحب هذه الأرض ويحب الناس أيضاً."

المزيد
back to top button