في خطوة لافتة وانطلاقًا من تقدير مجلة Elle عربيّة للفنون عامة وللأعمال التي حددت ملامح حركة ما بعد الانطباعية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بشكل خاص، والتي جسّدها معرض "ما بعد الانطباعية: رؤية أعمق" بشكل خاص، الذي أقيم في متحف اللوفر في أبو ظبي ويستمر حتى 9 فبراير 2025.
هذا التعاون الإستثنائي إرتكز على موضوعات رئيسية تتمحور حول دمج الفنون بالموضة من خلال مزج التجريب والرمزية والعاطفة، وترجم في حدث لافت قدّم للجمهور تجربة بصرية معاصرة ربطت بين مفاهيم "ما بعد الانطباعية" وإبداعات تصاميم الأزياء بأسلوب ملموس وتفاعلي.
أما اللوحات التي لامست المئة 100 قطعة فنية بما في ذلك وأعمال فنية على ورق، ومنسوجات مُعارة إلى المتحف من تسعة متاحف ومؤسسات ثقافية، من مجموعات مقتنيات متحف أورسيه، ومتحف اللوفر أبوظبي، ومؤسسات فرنسية أخرى. تعتبر روائع من إبداع مجموعة من أشهر الفنانين مثل فنسنت فان غوخ، وبول سيزان، وجورج سورا، وهنري إدموند كروس، وإميل برنارد، وبول سيروزييه، وبول غوغان، وهنري دو تولوز لوتريك، والتي حددت ملامح حركة ما بعد الانطباعية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وانطلاقًا من وحي هذه الأعمال الفنية أتت هذه التصاميم التي تعكس جوهر اللوحات والأعمال الفنية المعروضة، والعلاقة بين التعابير الفنية للتصاميم وما توحي به من مشاعر من خلال عناصر الحركة والألوان والملمس التي جسدت روائع حركة "ما بعد الانطباعية" وقدرتها العابرة للزمن في التواصل مع الإبداعات المعاصرة. هذا وتسهم في إعادة تفسير جوهر الأعمال الفنية لهذه المرحلة، ما مكّن من تقديم مادة فنية بصرية جذابة وسهلة الإستيعاب.
يأتي هذا المعرض استكمالاً للمعرض الاستثنائي والمُميَّز الذي جمع بين متحف اللوفر ابو ظبي ومتحف أورسيه "الانطباعية: على درب الحداثة". فمن خلال هذا المعرض تتجلى أجمل الأعمال الفنية لأاشهر الفنانين التي تتميّز في ألوانها المبهجة. حيث سيتمكن الزوار من استكشاف وإعادة استكشاف فترة كانت أبرز سماتها الابتكار، والسعي إلى الانفتاح، وهي سمات تتوافق مع القطاع الفني المزدهر في المنطقة. ويبقى الأهم أن كل قطعة تحكي قصة، وتجذب المشاهدين إلى عالم ما بعد الانطباعية وتستدعيهم للتواصل مع الفن على المستوى الشخصي.
إذًا، فنانو حركة "ما بعد الانطباعية" أعادوا تعريف القواعد الفنية التقليدية، ليعيد هذا التعاون تصور تلك التحف الفنية بطريقة تتوافق مع مفاهيم جمهور اليوم. فقد أسهم إعادة تجسيد عناصر الملمس والضوء والنمط في تسليط الضوء على التأثير الدائم لهذه الحركة الفنية على التعبير الفني الإبداعي.
ومن أهم هذه اللوحات التي قدّمت من روائع حركة "ما بعد الانطباعية" أساسًا مثاليًا لتصاميم الأزياء المعاصرة، حيث جمعت بين الألوان النابضة بالحياة والأنسجة المعقدة، نذكر:
- لوحة "أرياريا" (1892) لبول غوغان التي تعكس المناظر الطبيعية البولينيزية الهادئة والألوان الجريئة على الخطوط المتدفقة النابضة بالحياة في تصاميم الأزياء.
- لوحة "نساء بريتون مع المظلات" (1892) لإميل برنارد، وهي تعكس الصور الظلية النمطية والألوان الخافتة، الأناقة التقليدية للحياة البريتونية.
- لوحة "مهرج تشا-يو-كاو" (1895) لهنري دي تولوز لوتريك وهي تسجل الذوق الدرامي للحياة الليلية للفنان الاستعراضي من خلال عناصر تعكس تصميم الأزياء المسرحية الجريئة.
- لوحة مادلين في غابة الحب (1888) لإميل برنارد، والتي تستلهم من طبقات النسيج والتداخل التفاعلي للضوء في التفاصيل الراقية وطبقات النسيج المعاصر.
ومن هذه الأعمال الرائعة، عكست التصاميم العمق العاطفي والطبيعة الرمزية لأعمال ما بعد الانطباعية، ومن بينها المناظر الطبيعية البولينيزية الهادئة لغوغان ومشاهد الحياة الليلية المسرحية لتولوز لوتريك. إضافة الى جرأة وملامح شخصية فناني ما بعد الانطباعية، واستوحت تفاصيلها من الإبداعات والأسلوب المبتكر الذي تميز به فنانو هذه الفترة في استخدام الألوان والضوء والشكل في سياق الفنون القابلة للارتداء
ليشكل التعاون بين اللوفر أبوظبي ومجلة Elle Arabia تجسيدًا حيًّا للجمع بين الأعمال الفنية والأزياء المستوحاة منها، ليشكل هذا الحدث حوارًا بصريًا، وربطا بين الإبداع الجريء لرواد حركة "ما بعد الانطباعية" وأناقة التصاميم الحديثة.
إشارة الى أنه تم عرض كل واحدة من قطع الأزياء بعناية إلى جانب العمل الفني مصدر الإلهام، ما أتاح للجمهور فرصة التأمل عن قرب وربط التصاميم بقصص وموضوعات اللوحات الفنية المعروضة في المساحات الملهمة في اللوفر أبوظبي، والتي شكلت خلفية مثالية للاحتفاء بحركة "ما بعد الانطباعية".
وفي وقت وجّه اللوفر أبوظبي دعوته للجمهور للتأمل في هذه التحف الفنية بعدسة معاصرة، أصبح بإمكان الزوار التقرب اليوم من هذه الحركة الفنية التحويلية فيما يستكشفون انعكاساتها على الأزياء وتصاميمها المعاصرة، التي أحيت جانب من المعاني الكامنة في هذه الأعمال الفنية، وأظهرت أهميتها اليوم بإثارة الفضول حول استكشاف كل ما يقدمه المعرض بأسلوب جاذب بين القديم والمعاصر، والاحتفاء بقوة الإبداع في الربط بين الماضي والحاضر.
إشارة الى أنه المعرض الذي يتميز بالألوان الزاهية يضمّ تسعة أقسام، يسلط كل منها الضوء على الرحلات المميزة التي انطلق فيها فنانو ما بعد الانطباعية، وتُوَجَّه الدعوة إلى الزوار من خلال هذا المعرض لاستكشاف مسار الانطباعية الجديدة، ومسار كبار الفنانين المبدعين، والحركات الجديدة بداية من حركة ما بعد الانطباعية وصولاً إلى الحركة الطلائعية في القرن العشرين. هذا ويطلق المتحف برنامج ثقافي وتعليمي ثري يتضمن مجموعة من الفعاليات، تزامنا مع أعمال المعرض، وتضم هذه الفعاليات أيضاً تجمّعات عشاء مميزة، وعرض لفيلم " في حب فنسنت"، وستتوفر أيضاً على هامش هذه الفعاليات مجموعة من الأنشطة التعليمية للكبار، والعائلات، والشباب
لمزيد من المعلومات بشأن المعرض وحجز التذاكر، يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني، مع الإشارة الى أن الدخول مجاني عن طريق تذاكر دخول المتحف.