الأكل العاطفي.. أسبابه وكيفية السيطرة عليه

قد لا يكون الجوع دائماً السبب وراء رغبتنا في تناول الطعام. في كثير من الأحيان، يكون الدافع عاطفياً بحتاً، نبحث من خلاله عن راحة مؤقتة بعد يومٍ صعب، أو نحاول تهدئة القلق والتوتر عبر النكهات والوجبات التي تمنحنا شعوراً سريعاً بالسكينة. هذه الظاهرة تُعرف بـ"الأكل العاطفي"، وهي أكثر شيوعاً مما يظنّ الكثيرون، إذ يجد فيها البعض وسيلة للهروب من المشاعر المزعجة أو ملء فراغ نفسي لا علاقة له بالحاجة الجسدية للطعام.

 

الطعام وسيلة لتهدئة المشاعر

يحدث الأكل العاطفي عندما تتحوّل العاطفة إلى المحرّك الأساسي لتناول الطعام، لا الإحساس الحقيقي بالجوع. فعوضاً عن مواجهة الحزن أو القلق أو الوحدة، يميل البعض إلى تناول أطعمة غنيّة بالسكّر أو الدهون، ما يثير مراكز المتعة في الدماغ ويحفّز إفراز هرمونات مثل الدوبامين، التي تمنح إحساساً مؤقتاً بالراحة. غير أن هذه الراحة تكون قصيرة الأمد، إذ تتبعها مشاعر بالندم أو الذنب، فتتكرّر الدورة ذاتها مراراً في محاولة لتهدئة التوتر من جديد.

 

الأسباب الخفية وراء الأكل العاطفي

تتداخل العوامل النفسية والاجتماعية في تفسير هذا السلوك. فالضغوط اليومية، وصعوبات العلاقات، والقلق المالي أو العائلي، يمكن أن تكون جميعها محفّزات مباشرة للأكل دون جوع. كما أن بعض الأشخاص يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم أو حتى في التعرّف إليها، فيلجأون إلى الطعام كآلية دفاعية للتنفيس عن الانفعالات المكبوتة. كذلك يساهم تاريخ الحميات القاسية أو الحرمان الغذائي في زيادة احتمالية اللجوء إلى الأكل العاطفي، لأن الجسم والعقل يفسّران التقييد المفرط كحالة نقص تستدعي التعويض.

 

كيف تميّز بين الجوع العاطفي والجوع البدني

يظهر الجوع البدني تدريجياً ويستجيب لأي نوع من الطعام، أما الجوع العاطفي فيأتي فجأة ويرتبط برغبة قوية في نوع محدّد من الأطعمة التي تمنح راحة نفسية سريعة. الجوع البدني يُشبع بعد تناول كمية مناسبة، بينما لا يختفي الجوع العاطفي بسهولة لأنه لا يرتبط بحاجة جسدية حقيقية، بل بمحاولة لملء فراغ نفسي أو تغيير حالة مزاجية.

 

كيفية السيطرة على الأكل العاطفي

الخطوة الأولى هي الوعي بالسلوك، أي ملاحظة اللحظات التي يدفع فيها التوتر أو الحزن إلى تناول الطعام. يمكن كتابة المواقف والمشاعر التي تسبق الأكل في مفكرة يومية للمساعدة على تحديد المحفّزات. كما يُنصح بالبحث عن بدائل صحّية لتفريغ الضغط مثل المشي، التأمل، التنفّس العميق، أو التحدث مع صديق مقرّب.
يساعد أيضاً تطبيق مفهوم الأكل الواعي على استعادة العلاقة السليمة مع الطعام، من خلال التركيز على الحواس أثناء الأكل والانتباه لإشارات الجوع والشبع. وينبغي الحرص على تناول وجبات منتظمة ومتوازنة لتجنّب الشعور الشديد بالجوع الذي يزيد من احتمالية الأكل العاطفي.

المزيد
back to top button