أسرع، أعلى، أقوى!

في دورة الألعاب الأولمبية لعام ٢٠٢٠ في طوكيو، قدّم الرياضيون العرب العديد من اللحظات التي لا تُنسى، بدءاً من العرض الشهير للروح الرياضية السمحاء الذي قدّمه معتز برشم إلى فوز أحمد حفناوي بالميدالية الذهبية المفاجئة في السباحة وصولاً إلى فوز لاعب رفع الأثقال السوري معن أسعد بأول ميدالية لبلاده منذ ١٧ عاماً. وقد سار هؤلاء الرياضيون بنجاحٍ على خطى الروّاد التاريخيين، بما فيهم العداء السعودي هادي الصوميلي (فضية، سيدني ٢٠٠٠)، والرامي الإماراتي الشيخ أحمد آل مكتوم (ذهبية، أثينا ٢٠٠٤)، وعدّاء المسافات المتوسّطة المغربي هشام الكروج (ذهبية، ١٥٠٠ متر و٥٠٠ متر، أثينا ٢٠٠٤).

مع اقتراب موعد إقامة دورة باريس ٢٠٢٤ بعد أشهر فقط، هناك الكثير من الرياضيين العرب الموهوبين الذين يتطلّعون إلى الميداليات الأولمبية ويجعلونها محطّ أنظارهم وأهدافهم. هنا، تقدّم ELLE Man لمحة عن خمسة أشخاص يهدفون إلى إبهار العاصمة الفرنسيّة هذا الصيف ببراعتهم الرياضية.

 

أحمد حفناوي 

السباحة، تونس

كان الشاب التونسي أحمد حفناوي هو أبطأ المتأهّلين لنهائي سباق ٤٠٠ متر سباحة حرّة في طوكيو، لكن سباحته المذهلة جعلته يقلّص ما يقارب من خمس ثوانٍ من أفضل ما لديه ليحصل على ميدالية ذهبية غير متوقّعة على الإطلاق. وقد نال أداؤه إعجاب الجميع من كلّ أنحاء العالم، بحيث وصفه السبّاح الأميركي الأسطوري Michael Phelps ـ أكثر الرياضيين الأولمبيين تتويجاً على الإطلاق برصيد ٢٨ ميدالية ـ بأنّه "لا يُصدّق". وقد أصيب الشاب البالغ من العمر ١٨ عاماً، والذي يمكن القول إنّه النجم الصاعد في أولمبياد طوكيو، بالصدمة بشكلٍ واضح في أعقاب ذلك مباشرة. وقال حفناوي لمحاوره بعد السباق: "لا أستطيع أن أصدّق ذلك، إنّه لأمرٌ مذهل. أنا البطل الأولمبي الآن. أنا فقط وضعت رأسي في الماء. لا أستطيع أن أصدّق ما حصل. إنّه حلم اصبح حقيقة".

تمّ تسجيل حفناوي لأول مرّة في البرنامج الوطني التونسي للسباحة عندما كان عمره ١٢ عاماً من قبل والده محمد، لاعب كرة السلة المحترف السابق الذي لعب دوراً رئيسيّاً في تطوّر ابنه. إلّا أنّه، وبسبب قيود كوفيدـ١٩، لم يُسمح له ولا لأفراد عائلة حفناوي الآخرين، بالتواجد حول حوض السباحة في طوكيو، إلّا أنّهم سيقدّمون له الدعم شخصيّاً هذه المرّة في باريس. والأهم من ذلك، هو أنّ الألعاب الأولمبية لم تكن مجرّد انتصار عابر لحفناوي، الذي نشأ وهو يعشق مواطنه أسامة الملولي ـ بطل السباحة لمسافات طويلة والحاصل على الميدالية الذهبية لتونس في بكين ٢٠٠٨ ولندن ٢٠١٢. بعد أن أصبح رمزاً فوريّاً في وطنه ما بعد طوكيو، لم يقف حفناوي مستمتعاً بالإطراء والإعجاب، بل عاد إلى العمل.

وفي بطولة العالم للألعاب المائية ٢٠٢٣ في فوكوكا، أثبت حفناوي صعوده من موهبة مبكرة واعدة إلى نجم "سوبر ستار" السباحة، حيث فاز بذهبية ٨٠٠ متر و١٥٠٠ متر حرّة وفاز بفارق ضئيل بالميدالية الفضية في سباق ٤٠٠ متر. فعلاً، لقد وصل عن حقّ وحقيقة. لكن الطريق إلى باريس ٢٠٢٤ لم يكن سهلاً هذا العام. وشارك حفناوي في بطولة العالم للألعاب المائية التي أقيمت في الدوحة في فبراير/شباط الماضي، وكان من بين المرشّحين للفوز بالعديد من الميداليات، لكنّه فشل بشكلٍ ذريع. فاحتلّ التونسي المركز ١٧ في سباق ٤٠٠ متر حرّة والمركز ١٨ في سباق ٨٠٠ متر. وفي السباق الأخير، كان على بعد ١٥ ثانية من وقت حصوله على الميدالية الذهبية عن العام الماضي.

الاختبار الحقيقي للأبطال هو كيفية تعافيهم من الشدائد، وأمام حفناوي الوقت لرسم طريق إنقاذي هذا الصيف. وسيكون هناك الكثير من المنافسين الذين يأملون في استمرار تراجعه خلال الأشهر القليلة المقبلة، بما فيهم الأميريكي Robert Finke، والأسترالي Sam Short والإيرلندي Daniel Wiffen بطل العالم مرّتين مؤخراً. لكن التونسي الموهوب، الذي لا يزال في العشرين من عمره فقط، يظلّ مقتنعاً بقدراته. قال في فبراير: "أعتقد أنّني حصلت على أسرع إنهاء في الخمسين متر الأخيرة. لقد عملت طوال حياتي على آخر ٥٠ متر مثل العديد من السبّاحين. وأعتقد أنّني أسرع من الآخرين". ستكون الطريقة التي سيؤدي بها حفناوي دفاعاً عن تاجه الأولمبي في باريس إحدى أروع القصص التي سيتمّ الكشف عنها في ألعاب ٢٠٢٤.

 

عبدالله الشربتلي

الفروسية، المملكة العربية السعودية

على الجانب الآخر من طيف تجربة حفناوي، هناك لاعب قفْز الحواجز، السعودي عبدالله الشربتلي البالغ من العمر 41 عاماً. بدأت رحلته عندما كان في العاشرة من عمره حين شاهد الفروسية لأول مرّة على شاشة التلفزيون، وتعهّد لأصدقائه بطموح أنّه سيكون يوماً ما من بين أفضل الفرسان في العالم. وقد وفى بكلمته، وفاز الشربتلي بالميدالية الفضية في بطولة العالم ٢٠١٠ والبرونزية في منافسات الفرق في أولمبياد لندن ٢٠١٢.وفي حين أنّ الميداليّة الذهبيّة العالميّة بقيت مستعصية عليه حتى الآن، إلا أنّ الشربتلي كان أكثر لاعبي قفز الحواجز هيمنة في آسيا على مدى أكثر من عقدٍ من الزمن. وهو الحائز على العدد الأكبر من الميداليات الذهبية والأكثر غزارة في تاريخ الألعاب الآسيوية، وقد أضاف لقبيه الخامس والسادس في النسخة الأخيرة من المسابقة في هانغتشو في أكتوبر الماضي بفضل الانتصارات في كلّ من الفئتين الفردية والجماعية. وقال الشربتلي بعد حصوله على الميدالية الذهبية الفردية مرّة أخرى في الصين: "لقد كان انتصاراً عظيماً". "كان من المهمّ الفوز لملكي وبلدي، وبالنسبة لي شخصيّاً أيضاً لأنّني فزت بلقب الفردي آخر مرّة عام ٢٠١٤. أردت حقّاً الفوز به مرّة أخرى. لقد كان شعوراً رائعاً أن أحقّق ذلك".

على الرغم من أنّ الشربتلي هو من اللاعبين المخضرمين وأكبر سنّاً مقارنة بالعديد من الرياضيين الأولمبيين، إلا أنّه يتنافس في رياضة تمتاز ـ على نحوٍ غير معتاد إلى حدّ ما ـ بأنّك كلّما تقدّمت في السنّ، بدا أداؤك أفضل. يبلغ متوسط ​​عمر الفائزين الأربعة السابقين بميداليات ذهبية أولمبية فردية في قفز الحواجز ٤٢ عاماً. ومع الخبرة يأتي فهم أكبر لكيفية تدريب الخيول وبناء العلاقات والتعامل مع المواقف المختلفة في المنافسة. تهيمن دول أوروبا وأميركا الشمالية تقليديّاً على رياضة الفروسية، بالإضافة إلى أستراليا ونيوزيلندا. المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي حصلت على ميدالية في هذه الرياضة في الألعاب الأولمبية، وقد أعرب الشربتلي سابقاً عن مخاوفه بشأن الطريقة التي يعامل بها الرياضيون من خلفيات الفروسية غير التقليدية مع منافسيهم، مما يشير إلى أنّ كسب الاحترام كان أكثر صعوبة بالنسبة لهم.

ولدى بطل قفز الحواجز المخضرم، الذي وُلد في لندن ولكنّه الآن يقسّم وقته بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، فرصة أخرى لإثبات خطأ هؤلاء المشكّكين في باريس. يتنافس الشربتلي كفرد وأيضاً في فئة الفرق إلى جانب رمزي الدهامي وعبد الرحمن الراجحي وخالد المبطي، ويأمل الشربتلي في تحقيق شيءٍ لم يتمكّن أي رياضي سعودي في أيّ رياضة من تحقيقه على الإطلاق: الميدالية الذهبية الأولمبية. وقال الشربتلي: " أذكر أنّني لطالما كنت أفكّر في الميدالية الذهبية، والآن هدفي هو الفوز بالأولمبياد". "إنّه هدفٌ واضح بالنسبة لي. أنا في حالة ممتازة ولدي ثقة كبيرة. أعتقد أنّني قادر على الفوز بميداليات على المستويين الفردي والجماعي، وهذا هو الهدف".

 

معتز برشم

الوثب العالي، قطر

هو المعني بإحدى أكثر اللحظات شهرة في تاريخ الألعاب الأولمبية في المرّة الأخيرة التي أُقيمت في طوكيو، وضع معتز برشم معايير الروح الرياضية عندما قرّر هو والإيطالي Gianmarco Tamberi تقاسم الميدالية الذهبية في الوثب العالي. وقد انتشر العناق المؤثّر بين المتنافسَيْن في جميع أنحاء العالم حيث احتفل كلا الرياضيين بأول ميدالية ذهبية أولمبية لهما. وقال برشم في وقتٍ لاحق عن أول ميدالية ذهبية أولمبية مشتركة في ألعاب القوى منذ ١١٣ عاماً: "لقد بدا الأمر لي على أنّه هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به". كان ذلك بمثابة رسالة تتجاوز الرياضة والأداء. بالطبع، كلّ منّا متبارٍ ومنافس على مستوى النخبة، لكن الروح الرياضية يجب أن تكون دائماً في قلب المنافسة.

بالنسبة لبرشم، كان ذلك ذروة مسيرته المهنية المليئة بالإنجازات العديدة. وحصل على الميدالية الفضية في مشاركتيه الأوليمبيتين السابقتين في لندن ٢٠١٢ وريو ٢٠١٦، كما حاز على ثلاث ميداليات ذهبية في دورة الألعاب الآسيوية وبطولة العالم لألعاب القوى، وآخرها الفوز بالتاج العالمي عام ٢٠٢٢. الجائزة الكبرى الوحيدة التي استعصت على برشم هي الرقم القياسي العالمي في الوثب العالي، والذي احتفظ به الكوبي خافيير سوتومايور على مدى ٣١ عاماً. أفضل رقم شخصي لبرشم يبلغ ٢٫٤٣ متراً لا يفصله سوى سنتيمتران عن سوتومايور، وفي وقتٍ من الأوقات، كان النجم القطري يطارد معياره بقلقٍ شديد.

كاد أن يكلّفه ذلك مسيرته المهنية عام ٢٠١٨ عندما تسبّبت محاولته تحطيم الرقم القياسي في تعرّض برشم لإصابة مروّعة في الكاحل، وأصبح تركيزه منذ ذلك الحين على المنافسة على الميداليات بدلاً من تجاوز سوتومايور. واعترف القطري في مقابلة أجريت معه مؤخّراً بأنّه لا يزال يطمح إلى تحطيم الرقم القياسي، لكنّه شدّد أيضاً على أهمية الحفاظ على لياقته قبيل أولمبياد باريس.

وقال برشم: "كلّ شيء على المحكّ وأريد أن أفعل أقصى ما أستطيع خلال مسيرتي". "إنّها السنة الأولمبية ٢٠٢٤ وبالطبع لا تريد أن تفعل شيئاً غبيّاً". بالنسبة لبرشم البالغ من العمر ٣٣ عاماً، من المؤكّد أنّ باريس تمثّل الميل الأخير لبرشم نحو المجد الأولمبي. ويهدف النجم القطري، وهو بالفعل أنجح لاعب أولمبي في الوثب العالي على الإطلاق بفضل ميدالياته الثلاث، إلى أن يصبح أول رجل يفوز بميداليتين ذهبيتين على الإطلاق. سيقف في طريقه فريقٌ موهوب، حيث يحتلّ برشم حاليّاً المركز الثاني في التصنيف العالمي للوثب العالي، خلف الأميركي جوفون هاريسون ومتقدّماً على زميله الحاصل على الميدالية الذهبية في طوكيو تامبيري ـ وكلاهما أنهى السباق متقدّماً على برشم الحائز على الميدالية البرونزية في بطولة العالم الأخيرة.

سواء حصل على الميدالية الذهبية أم لا، أصبح برشم بلا شكّ نجماً يتجاوز رياضته، مع قبعته المميّزة المقلوبة إلى الخلف والتي تحوّلت إلى ماركته الخاصة MB التي تحمل اسمه، في حين أنّ لديه أيضاً إتفاقات وصفقات رعاية رفيعة المستوى مع Red Bull ،Nike ،Richard Mille ،Chevrolet، وOakley. ومع ذلك، لا تزال ألعاب القوى هي أولوية برشم، حيث قال القطري لبودكاست Uncut الخاص بشركة Red Bull نفس الشيء في العام الماضي. "عندما أكون سعيداً أكون في المضمار، وعندما أكون غاضباً أكون في المضمار؛ عندما أكون في أفضل حالاتي وأدنى مستوياتي، فأنا في المضمار".

 

سفيان البقالي

سباق الموانع، المغرب

في الألعاب الأولمبية في طوكيو، حفر سفيان البقالي اسمه في سجلات تاريخ ألعاب القوى، ليصبح أول لاعب غير كيني يفوز بلقب سباق ٣٠٠٠ متر موانع منذ عام ١٩٨٠. وفي عرض مثير للعزيمة، تغلّب على حامل الرقم القياسي العالمي Lamecha Girma في آخر ٢٠٠ متر ليحقّق المجد الأولمبي. تعتبر رياضة الموانع إحدى أكثر الرياضات الأولمبية قسوة، فهي لا تتطلّب السرعة والقدرة على التحمّل فحسب، بل تتطلّب أيضاً خفّة الحركة والتركيز. بالإضافة إلى قطع مسافة ٣٠٠٠ متر، فإنّ الرياضيين كذلك يواجهون سلسلة من العقبات والقفزات المائية التي تعطّل إيقاع السباق وتؤثّر سلباً على العضلات المتعبة.

انتصار البقالي في طوكيو جعله يفوز بأول ميدالية ذهبية أولمبية للمغرب منذ ١٧ عاماً، ويحاكي البطولات السابقة لسعيد عويطة (٥٠٠٠ م، ١٩٨٤)، إبراهيم بوطيب (١٠٫٠٠٠م، ١٩٨٨)، خالد سكاح (١٠٫٠٠٠م، ١٩٩٢)، نوال المتوكل (٤٠٠م حواجز، ١٩٨٤) وهشام الكروج (١٥٠٠م و٥٠٠٠م، ٢٠٠٤).

وقال البقالي بعد حصوله على الميدالية الذهبية: "أنا معتاد على رؤية الكينيين يفوزون، إنّه إنجازٌ كبير بالنسبة لي. لقد كنت أهدف إلى تحقيق ذلك منذ سنوات وكانت هذه فرصتي لإظهار أنّ المغرب قادر على الفوز بهذه الجائزة أمام الكينيين. وكنت أفكّر في أن أكون أكثر ثقة، وأعمل على ثقتي بنفسي وعلى الإيمان في قدرتي على الفوز". لم تكن الميدالية الذهبية الأولمبية مصادفة بالنسبة للبقالي، الذي ظلّ قوّة لا يمكن إيقافها في سباق الموانع في السنوات الثلاث التي تلت ذلك، مفتخراً بسجلٍّ خالٍ من الهزائم يواصل تحدّي الوضع الراهن في كينيا الذي ميّز هذه الرياضة منذ فترة طويلة. فاز اللاعب البالغ من العمر ٢٨ عاماً ببطولة العالم لألعاب القوى عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣، بالإضافة إلى فوزه بمجموعة من أحداث الدوري الماسي المميّزة.

في ديسمبر ٢٠٢٢، فاز البقالي بالميدالية الذهبية في لقاء الدوري الماسي في الرباط، وكانت عودة مؤثّرة دعمت فيها الجماهير الحزبية بقوّة أحد مواطنيها في طريقه للفوز في نهائيات تلك الليلة. وقال البقالي عن فوزه في العاصمة المغربية: "كانت مثل مباراة كرة قدم. كانت هذه هي المرّة الأولى التي أتنافس فيها على أرض الوطن منذ فوزي بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية. نزل الناس إلى المضمار بعد ذلك واحتفلوا معي. لقد كانت لحظة خاصة". وهذا الدعم يحظى بالاعتراف والتقدير العميق من قبل البقالي، المغربي الوطني، الذي لا يتزعزع والذي أصبح بشكلٍ مثيرٍ للإعجاب وجه حملة وطنيّة للتبّرع بالدم بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب عدّة مناطق من البلاد في سبتمبر الماضي.

مع دخوله هذا العام الأولمبي، كان البقالي في أفضل حالاته. لقد فاز بجميع الأحداث الخمسة الكبرى عام ٢٠٢٣، بما في ذلك فوزه المثير للإعجاب في اللحظة الأخيرة في بطولة العالم في بودابست. كما حطّم المغربي أفضل وقت له على الإطلاق في لقاء الدوري الماسي العام الماضي في الرباط، حيث أنهى السباق أسرع بـ ١٢ ثانية من رقمه الأولمبي. البقالي، الذي ظلّ في المركز الأول عالميّاً لمدّة ٢٥٥ أسبوعاً مذهلاً، لديه الآن هدفان رئيسيّان في مرمى فريقه: تحطيم الرقم القياسي العالمي وأن يصبح أول رجل يدافع بنجاح عن لقبه الأولمبي منذ الفنلندي Volmari Iso-Hollo عام ١٩٣٦. وقال البقالي مؤخّراً: "كان العام الماضي مميّزاً بالنسبة لي. لقد أعطاني المزيد من الحوافز للألعاب الأولمبية هذا الصيف. الآن يتعلّق الأمر بالتحضير بأفضل طريقة ممكنة بينما أسعى لتحقيق هذا الهدف".

 

أحمد أبو السعود 

الجمباز، الأردن

عندما كان أحمد أبو السعود طفلاً، كان يحبّ الجمباز كثيراً لدرجة أنّه كان يبكي إن فاتته حصّة أو صفّ. وفي الآونة الأخيرة، كانت دموع الأردني دموع فرح، حيث دفعت به سلسلة من النتائج المهمة نحو تحقيق حلم حياته وهو المنافسة في الأولمبياد. عام ٢٠٢٢، دخل السعود التاريخ كأول لاعب جمباز عربي يفوز بميدالية بطولة العالم عندما حصل على الميدالية الفضية في Pommel Horse في المسابقة التي أقيمت في ليفربول. وبعد مرور عامٍ، كرّر صعوده إلى منصّة التتويج بميداليّة برونزية في أنتويرب. وفي البطولات الآسيوية، فاز بميداليتين ذهبيتين وواحدة فضية في مشاركاته الثلاث الماضية.

يعتبر السعود رائداً، حيث أظهر الشجاعة والمهارة لدفع نفسه في رياضة لم يكن لها تقليدياً أي تمثيل إقليمي. لم تكن رحلة سهلة.

الجمباز هي رياضة يهيمن عليها الرياضيون الشباب، حيث فازت الشخصية الأكثر شهرة فيها Simone Biles بأول ميدالية ذهبية لها في بطولة العالم وهي في السادسة عشرة من عمرها. ومع ذلك، كان الطريق نحو المستويات العليا في الجمباز أكثر صعوبة بالنسبة للسعود البالغ من العمر ٢٨ عاماً، تتخلّلها لحظات متعدّدة من الشكّ بالذات. وأوضح في مقابلة عام ٢٠٢٣: "تخيّل أن تظل في الجمباز لمدة ١٥ عاماً دون ميداليات، كان من الصعب جدّاً البقاء". "لكن مع الانضباط، حصلت على أوّل ميدالية ذهبية في بطولة آسيا في منغوليا عام ٢٠١٩ وكان هذا هو المفتاح الكبير لبدء رحلتي".

السعود، الذي بدأ رياضة الجمباز في سنّ الرابعة، يقف حاليّاً على حافة التأهّل للأولمبياد ـ حيث بدأ موسمه في ٢٠٢٤ بميدالية ذهبية في سلسلة كأس العالم في القاهرة وفضية في كوتبوس. ويبدو الآن أنّه متّجه إلى باريس، ولكن حتى لو فشل السعود في الوصول إلى الألعاب الأولمبية، فقد ترك بالفعل بصمة لا تمحى على رياضة الجمباز. وفي مسابقة عام ٢٠١٩ في سلوفينيا، أجرى حركة على حصان الحلق لم يسبق لها مثيل من قبل. قام الاتحاد الدولي للجمباز لاحقاً بإدراج هذا الإجراء في كتاب القواعد الرسمي الخاص به وأطلق عليه اسم "السعود"، ووصفت صاحبة السمو الملكي الأميرة رحمة بنت الحسن من الأردن الإنجاز بأنّه "رائع ومتميّز".

وفي حين ينبغي الاحتفال بهذه الخطوة التي تحمل اسمه، فإنّ المنافسة في الألعاب الأولمبية هي بلا شكّ طموح السعود النهائي. وفي حال حصوله على الميدالية، سينضمّ لاعب الجمباز إلى لاعبي التايكوندو أحمد أبو غوش وصالح الشربتلي، وكذلك لاعب الكاراتيه عبد الرحمن المصاتفة كأردنيين، ليتركوا بصمتهم على أكبر مسرح رياضي في العالم. وقال السعود في مقابلة أجريت معه مؤخراً: "إنّ الألعاب الأولمبية هي حلم أي رياضي، وهي أعلى مستوى يمكن أن يصل إليه الرياضي. وأعتقد أنّ أكبر إنجاز في مسيرتي سيكون التأهّل للأولمبياد لأول مرّة".

المزيد
back to top button