توفي كينزو تاكادا في 4 أكتوبر 2020. كان الخبر مباغت، مفاجىء وغير متوقّع. وعلى الفور اجتاحت كلمات التعازي والتكريمات والرسائل مواقع الانترنت مع صور ومقاطع فيديو عن كنزو Kenzo وأعماله وحياته. مع ان معرفتي به كانت سطحية، ولكني شعرت أنني فقدت شخصًا قريبًا مني. في صباح الاثنين، عدت إلى العمل، وانا لا أزال مصدوما من الخبر. لقد حان الوقت للبدء بالعمل على المجموعة الجديدة. من أين أبدا؟ كيف يمكنني ان أحول هذا الحزن إلى شيء إيجابي، مبهج وحرّ؟ كنت متأكد من شيء واحد فقط. لم أكن أرغب في أن يكون تكريمًا فحسب، بل احتفالًا. أردت ان نحتفل بالرجل الاستثنائي، بأعماله وبرؤيته الخالدة. ولن نستطع ابتكار شيء جديد من مجرد نظرة احترام وتقدير الى تاريخ وإرث كنزو العظيم. يجب ان نفسح المجال لحدسنا وغريزتنا والمفاجآت والحوادث. لن نستطع ابتكار أي جديد من دونها.
لذلك، بدأت بمشاهدة كل مقاطع الفيديو (التي تم تجديدها مؤخرًا) لعروض كنزو منذ العام 1978 وحتى العام 1985. وعلى الرغم انني كنت ضليع بكل الملابس والمجموعات من الأرشيفات والصور والرسومات والمجلات….اكتشفت ان مشاهدة كل تلك الأزياء تتمايل مع حركة العارضات فتحت أمامي منظورًا جديدًا لعالم تصاميم كنزو. فجأة تحولّت مفرداته الى لوحة ألوان جديدة كليّا. فهنا، رأيت العارضات تتمشّين وتتمايلن بفرح واناقة ودلع خدّاع. كان كل شيء يبدو طبيعيا وبلا مجهود، حسي ومرهف. وهو عكس ما أصبحت عليه الموضة اليوم: متكلفة، ساكنة ومتوقّعة. اخترنا بعض القطع من أرشيف كنزو ومن أرشيفي الخاص. ومن ثم بدأت رحلة تجربة الملابس وتصويرها ودراسة حركتها. جمّع، قصّ، ألصق، امحي، ارسم، اقلب واثني في كل الاتجاهات، ثم مزّق، افصلها عن بعضها، ومن بعدها جمّعها مرة أخرى.
امتلأت دفاتر المخطوطات بالرسومات والصور وبكل الاحتمالات. احتمالات قصّة جديدة، مجموعة جديدة، ملابس جديدة، صورة ظلية جديدة، وظائف جديدة ، مشاعر جديدة. احتمالات لولادة عالم جديد. عالم بلا حدود، بلا تحيّز، بلا تعصّب ونمطية. لطالما نادى كنزو بالحرية، بالفرح، بالتنوع، بحب الطبيعة وخلق الالفة من التناقضات. لذلك أردت أن أعبر عن كل هذا بالألوان والطباعة. عرض لكنزو يلخص كل ما آمن واعتزّ به. المناظر الطبيعية، البساتين، الطيور، السلاسل، الورود، الخطوط، زهرة الثالوث، التوليب، وكؤوس الكوكتيل ... كلها معًا في لوحة ملونة خيالية. وعلى الرغم اننا في الحجر في باريس، بين المنزل والعمل، ولكننا سافرنا في خيالنا، فكان الإبداع خلاصنا. الابتكار هو اكسيرنا الجديد. زيارة أماكن جديدة دائما. فسحر وجمال السفر هو تكريم للرحالة وللعقول. للشجعان والمتفائلين والمستقلين الذين يجوبون العالم. يركضون ويرقصون ويحتفلون بدروعهم النسيجية الفاخرة. فرحة وحماس الوصول إلى مكان جديد وغير متوقع لم يكتشفه أحد من قبل. توق عميق للحياة. توق عميق للحرية.