في كلّ زمانٍ ومكان، يُعدّ الحبّ قدراً لا مجال لتفاديه. إنّه إحساس غريب يربط الشخص الذي يحبّ مع كلّ ما يحيط به، مع الولد الذي يربّيه أو الشخص الذي يرافقه في مرحلة معيّنة من حياته... فهل يسعنا الهرب من هذا الشعور الرائع؟ إنّ الأمر صعب حسب قواعد الحياة، ومستحيل حسب العلم الذي يميل إلى وصفه كدواء يمنح المرء رفاهيّته المطلقة. وقد وصلت أهمّية الحب لدرجة أن فتحت مدرسة للحبّ أبوابها في إسبانيا!
تنبيه لكلّ العازبين وكلّ من يرغب في تعلّم المزيد عن العشق والهيام: صار هناك مدرسة علمية للحب فتحت أبوابها في إسبانيا.
هل يمكن تعليم الحب؟ نعم، حسب هذا المركز الإيبيري الجدّي المخصّص لعازبين يشعرون باليأس من البحث عن توأم روحهم. لكن حذارِ، هنا لا تحدث العجائب بل تقوم المسألة على تفسيرات علمية تهدف إلى إيجاد الحب الكبير. في الواقع، تقوم مدرسة "الحب في علم الأعصاب"على اكتشافات هيلين فيشر، خبيرة كندية في علم الإنسان وكاتبة Why We Love. في كتابها، تفصّل المسارات الكيميائيّة المرتبطة بإحساس الحب والتعلّق.
القاعدة الثلاثيّة
ترى هيلين فيشر أنّ الإنسانية قد أحلّت ثلاثة أنظمة دماغية لتسهيل عمليّتَي التزاوج والإنجاب: الرغبة (الجانب الجنسي)، الانجذاب الاختياري (أو الحب الرومنسي) والتعلّق (الإحساس بالاتّحاد جرّاء ما يمكن عيشه مع الآخر). "أظنّ أنّ الحبّ يتطوّر ليسمح لنا بتوجيه رغبتنا في التزاوج نحو شخص واحد، بغية تعزيز الرغبة والفترات المناسبة للإنجاب. كذلك أظنّ أنّ التعلّق تطوّر ليسمح لنا بتحمّل ذاك الشخص لفترة طويلة من أجل تربية ولد معاً"، كما قالت في أحد مؤتمراتها وهي تشرح أنّ هذه المسارات العقلية الثلاثة: رغبة، حبّ، تعلّق، ليست مرتبطة بعضها ببعض. "يمكن أن نشعر بتعلّق شديد حيال شريك على المدى الطويل، وأن نشعر بحبّ قوي تجاه شخص آخر في الوقت عينه، وأن نحسّ بانجذاب جنسي لأشخاص آخرين. باختصار، نحن قادرون على أن نحبّ أكثر من شخص واحد في الوقت نفسه".
طبيعة وكيمياء
يعمل المعلّمون في هذه المدرسة غير الاعتيادية تحت إدارة ميغيل إغليسياس. خلال love synapsis، يشرح المدرّسون بالتفنيد طريقة الآليّة العاملة في ذهن أشخاص مغرمين. هنا، لا نتحدّث عن عجيبة بل عن كيمياء، لذا... "يمكن لعلم الأعصاب أن يعطينا أجوبة عن حقيقة وقوعنا في غرام أشخاص محدّدين. من خلال الرنين المغناطيسي وإجراء الدراسات على أشخاص في ثلاث مراحل من الحب، يمكن أن نعرف أيّ منطقة في الدماغ تعمل"، حسب رأي ميغيل إغليسياس الوارد في SModa، وهو ملحق نسائي لصحيفة الباييس. بالتالي، يرتبط الحب بالعديد من العوامل البيولوجيّة، فعلى سبيل المثال تتبدّل مستويات الدوبامين والتيستوستيرون والأستروجين والسيروتونين وتحدّد ما إن كان يتمّ الترابط بين شخصين أو لا، حسب ميغيل إغليسياس.
يحظى الطلاّب في هذه المدرسة بتدريس متطور جداً لعلم الأعصاب وعلم الهورمونات، فيغادرون بعد فكّ رموز الحب ومعهم رزمة من الوسائل المفيدة التي تساعدهم على اصطياد أشخاص مفصّلين على قياسهم. فهل ينجح الأمر؟ من المبكر أن نجزم! لكن يمكن أن نتساءل مع بول مولغا في Les Échos لنعرف هل صار الحبّ كيمياء لها قواعد نتعلّمها، بدلاً من أن يكون كما عرفناه دوماً قائماً على الخيمياء والألغاز؟