أتذكّر جيّداً كم كانَت جميلة وهي نائمة بقربي وكيف في تلك الفترة لم أشعر بالذنب، لأنني كنتُ ما زلتُ مراهقة وفي هكذا عمر لا يستطيع المرء رؤية الصورة بأكملها.
حدثَ ذلك صدفة، فلم تخطط أيّ منّا على المضيّ بعلاقة "شاذّة". كانت نورهان زميلتي في المدرسة وصديقتي المقرّبة وكنّا نقول لبعضنا كل شيء. كنّا ننظر إلى الشبّان بإعجاب وننتظر منهم بسمة أو كلمة تدلّ على إهتمامهم بنا. جسمي كان يطالب بمن يلمسه وعقلي كان يقول لي أنّ ذلك محرّم وأنّ عليّ إنتظار العريس، لكي ألبّي حاجاتي. كنتُ أسمع أخي يفتخر بتجاربه مع الفتيات أمام الجميع، أمّا أنا لم يكن مسموحاً لي سوى أن أتخيّل في سريري مغامرات مع هذا أو ذاك وأوبّخ نفسي لمجرد التفكير فيها.
أخبرَتني نورهان أنّها هي أيضاً تشعر بتلك الأحاسيس وأصبحَ هذا الموضوع حاضراً بمعظم أحاديثنا. كان مِن المفروض أن تبقى الأمور هكذا أيّ مجرد كلام لولا ذلك المساء، حين جاءَت لِتقضي الليل عندي بِهدف الدرس للإمتحان الرسميّ. وبعد أن أنهينا المراجعة، ذهبنا للنوم وهناك بدأ كل شيء. كنّا قد أطفأنا الأضواء وتمنّينا لبعضنا نوماً هنيئاً حين شعرتُ بألم في رقبتي سببه الجلوس مطوّلاً فوق كتبي، فأصدرتُ أنيناً خافتاً وسألَتني صديقتي إن كنتُ بخير. أجبتُها أنني لا أستطيع تحريك رأسي، فعرضَت عليّ تدليكي وقبلتُ. ولكن عندما لمسَتني شعرتُ وكأنّ تياراً كهربائيّاً مرّ عبر كامل جسمي وأعترفُ أنني أحببتُ هذا الشعور. هي أيضاً أحسَّت بشيء لأنّها أخذَت تدلّك كتفيّ وذراعيّ. وعندها إستدرتُ وقبّلتُها بشغف على فمها. قضينا الليل هكذا حتى أن تعِبنا وأخذَنا النوم. وفي اليوم التالي، عمِلنا وكأن شيئاً لم يكن لأنّنا لم نفهم كليّاً ما حدَث وكيف نتصرّف بخصوصه. لم أسأل نفسي إن كنتُ مثليّة أم لا لِكثرة إثارتي ولكن كان لنورهان تجارب سابقة روَتها لي لاحقاً. وأصبحنا نتلاقى كلّما أتاحَت لنا الفرصة وفي أماكن عديدة لنختلي ببعضنا ونتبادل القبل واللمسات. كنتُ سعيدة وظننتُ أنّ الأمور ستستمرّ على هذا النحو. ما كان يضحكني الأكثر كان أهلي عندما يتكلّمون عنّي أمام الناس ويقولون:
- إبنتنا عاقلة ورصينة... ليست كباقي الفتيات تواعد الشبّان... همّها الوحيد هو درسها ورفيقتها نورهان... فتاة حسنة السلوك أيضاً...
وفي تلك الفترة، كنتُ قد نسيتُ إعجابي بالجنس الآخر، أوّلاً لأنّه كان محرّماً عليّ وثانياً لأنّني كنتُ مكتفية بما أفعله مع نورهان ولم يقل لي أحد أنّه لا يجب عليّ معاشرة الفتيات. كل ما كنتُ قد سمعتُه من تنبيهات منذ طفولتي، كان متعلّق بالشبان وكيف عليّ المحافظة على عذريّتي وسمعتي. والذي كنتُ أفعله، لم يكن يشكّل خطراً على أيّ منهما. وقرأتُ لاحقاً في أحد التقارير الإجتماعيّة على الإنترنيت أنّ لعدد كبير من الفتيات الشرقيّة تجارب جنسيّة مثليّة بسبب ظروفهنّ العائليّة والتقاليد الصارمة القائمة في بلادهنّ. فأنا لم أكن سوى ضحيّة مجتمع ذكوريّ، يسمح لنفسه كل شيء ويحرّم على الفتاة كل شيء. وكنتُ وكأنّني أنتقم من كل المحرّمات بسبل ملتوية: "لاتريدوني أن أمارس الجنس مع رجل؟ فليكن! سأفعل هذا مع فتاة وأحصل على البسط دون المسّ بعذريّتي أو سمعتي!"
وإستمرّت علاقتي بنورهان، حتى أن إلتقيتُ بأحمد. كان قد جاء إلى بيتنا لمرافقة خالته التي كانت صديقة أمّي قبل أن تسافر إلى الولايات المتحدّة. عندما رأيتُه، بدأ قلبي يدقّ ورغم محاولاتي العديدة لعدم النظر إليه، لم أستطع منع نفسي من التحديق. هو أيضاً أُعجِبَ بي، لأنّه إبتسمَ لي عدّة مرّات وأخذَ يسألني عن نفسي. وبعد أن رحلَ وأخذَ خالته، جاءَت أمّي إلى غرفتي وقالَت لي:
- أليس وسيماً؟ رأيتكِ كم كنتِ سعيدة بالتكلّم معه... سأكون صريحة معكِ... زيارته لم تكن مجرّد إجتماعيّات، بل جاءَ ليراكِ بعد أن أخبرته خالته عنكِ مطوّلاً... نعم دبّرنا الأمر سويّاً وأرى أنّنا لم نخطئ بترجيحاتنا... لِنرى إن كان هو أيضاً مهتمّاً بكِ.
وبعد أقّل من شهر، أقمنا حفلة الخطوبة وبدأنا نتواعد وكان أحمد مهذّباً جداً معي أيّ أنّه لم يحاول حتى تقبيلي كما قد يفعل أي عاشق. كان بِودّي أن أشعر به وبحنانه ولكنّني لم أستطع القيام بالخطوة الأولى خوفاً ممّا قد يقوله عنّي. فقلتُ لنفسي أنّنا سنتزوّج وسيتسنّى لنا أن نعبّر مليّاً عن شعورنا تجاه بعضنا ووعدتُ نفسي أن أفعل ما بوسعي لإسعاده، لأنّني كنتُ متأكدّة أنّه إنسان رقيق مليء بالمشاعر الجميلة. كنتُ أنتظر بفارغ الصبر أن أبدأ حياتي معه ونؤسّس سويّاً عائلة يربطها الحب. وبعد ستّة أشهر تزوّجنا. لم تحزن نورهان عندما أخبرتُها عن أحمد، لأنّها كانت تعلم أنّ ما بيننا جسديّ فقط وكان يحدث بسبب عدم إيجاد منفس آخر. وأنا من جهّتي إعتبرتُ أن علاقتي بصديقتي مرحلة عابرة سبقَت زواجي وأنّ حياتي الجنسيّة الحقيقيّة ستبدأ مع أحمد. وكنتُ أنتظر بفارغ الصبر أن أتعرّف على المتعة الحقيقيّة ولكنّ ليلة زفافي لم تكن بالمستوى المطلوب، فلم أشعر بالحنان والرقّة بل وكأنّني جائزة حصلَ عليها زوجي ليستمتع بها لوحده. ورغم خيبتي، قلتُ لنفسي أنّه مع الوقت سيتعلّم كيف يبحث عن متعتي وأنّ ما حصلَ كان بسبب حماسه لي. ولكنّ الأمور بقيَت على حالها وأصبحَت أوقاتنا الحميمة بمثابة واجب أقوم به لإرضاءه وأتمنّى أن تنتهي بسرعة، لكي أتفضّى لأشياء أخرى. من ناحيته كان يبدو أحمد سعيداً وممنوناً من نفسه وكأنّه كان يقوم بإنجاز عظيم كل مرّة، حتى أنّني قررتُ أن أتكلّم معه بالموضوع. ولكنّني تفاجأتُ بردّة فعله:
- وما أدراكِ بالملذّات الجسديّة التي تطالبين بها؟ هل لكِ تجارب سابقة؟ قيل لي أنّكِ فتاة رصينة وعاقلة...
- لا طبعاً! تعلم أنني كنتُ بكامل عذريّتي عندما تزوّجنا ولكن...
- ولكن ماذا؟ أتقولين أنّني فاشل جنسيّاً؟ أنا خبير بالجنس وأتمتّع برجولة خارقة!
- أنا لم أتكلّم عن رجوليتكَ، بل أطالب بحقّي بالإستمتاع أيضاً.
- حقّكِ؟ تتكلّمين وكأنّكِ رجل! لم أخالكِ هكذا! إنزعي تلك الأفكار من ذهنكِ وإلا تسببتِ بالمشاكل بيننا. سأنسى ما قلتِه ولكن عليكِ فعل هذا أيضاً. لن أسمح لكِ بالشكِّ بقدراتي.
من الواضح أنّ زوجي إعتاد على معاشرة اللواتِ تبِعنَ جسدهنّ ولا تطالب بشيء سوى المال، فهو لم يعرف غير ذلك وإعتقدَ أنّ الجنس عمليّة جسديّة هدفها إراحته فقط. وتابعنا حياتنا الزوجيّة ولم يتغيّر شيء، سوى أنّني لم أعد أطالب بحقّي وبقيتُ أتحمّل جسده عليّ كل ليلة. وإشتقتُ لنورهان ولِما كنّا نفعله سويّاً عندما كنّا نبحث عن إرضاء بعضنا. حاولتُ نزع تلك الذكريات من ذهني ولكنني لم أستطع. كانت هي أيضاً قد تزوّجَت وأصبحَ لها ولداً ولم أجرؤ على إثارة الموضوع معها خوفاً من أن نعاود لقاءاتنا السابقة وأن يؤثّر ذلك على زواجنا. كنتُ عالقة بين زوج أنانيّ وجاهل وبين عالم من الرقّة والمتعة بعيد المنال. ففعلتُ ما تفعله معظم النساء، أيّ قررتُ أن أركّز على منزلي وعلى الطفل الذي كان سيولد قريباً ووضعتُ أحاسيسي كإمرأة جانباً. ولكنّني لم أعد أكنّ لأحمد بأيّ شعور، فبتصرّفه قضى على حبّي له وأصبحَ فقط الرجل الذي يأتي بالمال للعائلة. وأنجبتُ بنتاً جميلة وعندما وضعوها على صدري نظرتُ إليها بأسف لأنّها كانت ستمرّ بالذي مررتُ به وستعرف خيباتي وتمنّيتُ لها غد أفضل من حاضري.
حاورتها بولا جهشان