لطالما ارتبط مرض ألزهايمر بفقدان الذاكرة التدريجي وتراجع القدرات الذهنية وصولاً إلى تغيّر الشخصية، في مسار يُعدّ حتى اليوم غير قابل للعكس. لكن أبحاثاً علمية حديثة أعادت طرح سؤال كان يُعتبر مستحيلاً قبل سنوات قليلة: هل يمكن شفاء ألزهايمر فعلاً، وليس فقط إبطاء تطوّره؟
نتائج جديدة نُشرت في دورية علمية مرموقة تشير إلى أن هذا الاحتمال لم يعد مجرد خيال علمي، بل فرضية مدعومة بتجارب مخبرية واعدة.
اختراق علمي يعيد التفكير في مسار المرض
أظهر فريق دولي يضم أكثر من 35 عالماً من جامعات ومراكز أبحاث عالمية أن مرض ألزهايمر المتقدّم قد يكون قابلاً للعكس في النماذج الحيوانية. توصّل الباحثون إلى ما وصفوه بـ"إثبات المبدأ"، أي دليل علمي أولي على أن استعادة الوظائف العصبية ممكنة حتى في المراحل المتأخرة من المرض، وليس فقط الوقاية منه أو إبطاء تقدّمه.

علاج دوائي يُعيد القدرات الإدراكية لدى الفئران
في التجارب المخبرية، خضعت فئران مصابة بألزهايمر المتقدّم لعلاج منتظم بمركّب دوائي تجريبي، أظهر نتائج لافتة. لم تستفد الفئران فقط في مرحلة ما قبل ظهور الأعراض، بل شهدت تحسناً كاملاً في الوظائف الإدراكية حتى بعد تطوّر المرض. اللافت أن هذا التحسّن انعكس على مؤشرات بيولوجية تُظهر تلف الدماغ، إضافة إلى اختبارات سلوكية تقيس الذاكرة والتعلّم والقدرة على الحركة والتنسيق.

اختبارات سلوكية تؤكّد تحسّن الذاكرة والتعلّم
لم تقتصر النتائج على الفحوصات المخبرية، بل شملت اختبارات معروفة لقياس الذاكرة المكانية والتعلّم، حيث أظهرت الفئران المعالجة قدرة متجددة على تذكّر المسارات والتعامل مع المهام المعقّدة بعد أن كانت قد فقدتها. هذه النتائج عزّزت فرضية أن العلاج لا يوقف المرض فحسب، بل قد يعكس الأضرار التي خلّفها.
نماذج حيوانية واعدة ولكن...
رغم أهمية هذه النتائج، يشدّد الخبراء على ضرورة التعامل معها بحذر. تشترك النماذج الحيوانية مع الإنسان في العديد من الآليات البيولوجية، لكنها لا تعكس المرض البشري بشكل كامل. لذلك تبقى التجارب السريرية على البشر خطوة أساسية قبل اعتبار أي علاج حلاً فعلياً وقابلاً للتطبيق.

الوقاية ونمط الحياة جزء من المعادلة
إلى جانب العلاجات الدوائية، تشير تقارير علمية حديثة إلى أن نسبة كبيرة من حالات الخرف قد تكون قابلة للوقاية عبر تعديل نمط الحياة. الإقلاع عن التدخين، معالجة الاكتئاب، ضبط الوزن، والحفاظ على صحة القلب والدماغ قد تلعب دوراً محورياً في تقليل خطر الإصابة، ما يضع الوقاية في صلب استراتيجية مواجهة المرض.