يتمّ تداول مصطلح «الإنتاجية السامة» كثيرًا في الفترة الأخيرة، ذلك لأنّ وقوع الأفراد بها يشهد ارتفاعًا كبيرًا، الأمر الذي يدفع بنشر التوعية أكثر عنها. إن «الإنتاجية السامة» ليست مصطلحًا نفسيًّا معترفًا به رسميًّا، بل تصف بدلاً من ذلك ظاهرة تُلاحَظ بشكل متزايد في مجتمع اليوم الذي يحرّكه الأداء. ويعاني من ذلك، الأشخاص الذين يميلون إلى الإفراط في إجهاد أنفسهم، والذين يتمتّعون بالكمال الشديد، ولديهم اعتقادات داخليّة بأنّهم ليسوا جيّدين بما يكفي أو لا يقومون بما يكفي للنجاح بتحقيق غاياتهم.
ما هي الإنتاجية السامة؟
يُعرَّف عن هذه الحال بأنّها شعور المرء المستمرّ بالحاجة إلى القيام بشيء ما، سواء في المنزل أو في العمل، من دون أخذ فترات للاستراحة، وعندما يفعل ذلك، يشعر وكأنّه كسول وغير منتِجٍ. وبذلك، يعتبر أنّه يسعى نحو تحسين ذاته، وتحقيق طموحه، وهذيْن أمريْن ليسا سيّئيْن، إلّا أنّ تعريض النفس لجهد كبير هو الأمر المضرّ. مَن يعانون من هذه المشكلة، لا يترك أي وقت للراحة حتّى ولو تمّ إلغاء مهمّة كان عليه القيام بها. فمثلًا لا يتمّ استخدام وقت الفراغ غير المتوقَّع، مثل اجتماع تم إلغاؤه، في أخذ قسط من الراحة، بل يتمّ ملؤه على الفور بمهام أخرى يجب القيام بها. ويمكن أن يؤدّي هذا السلوك إلى إهمال الصحّة وعدم أخذ علامات الإرهاق المهمّة على محمل الجدّ.
من هم الأكثر عرضة للإنتاجية السامة؟
إنّ الأفراد الذين لديهم توقّعات عالية لأنفسهم هم الأكثر عرضة للمعاناة من الإنتاجية السامة، وخاصّة عندما يجدون أنفسهم في بيئات تتطلب جهدًا كبيرًا منهم لإثبات أنفسهم. وغالبًا ما يكون لدى هؤلاء الأفراد معايير أداء عالية ويربطون قيمتهم الذاتية ارتباطًا وثيقًا بإنجازاتهم المهنيّة. كذلك، إنّ الأشخاص الذين يتولّون أدوارًا قياديّة ويواجهون ضغوطًا كبيرة لتحقيق النتائج، هم أيضًا أكثر عرضة للوقوع في فخ الإنتاجيّة السامة، كما هو الحال مع المهنيّين الشباب الذين يدخلون سوق العمل للتو، والذين يشعرون بالحاجة إلى إثبات أنفسهم.
تأثير الإنتاجيّة السامّة على الصحّة
تؤدّي الإنتاجيّة السامّة إلى المعاناة من مشاكل صحيّة عدّة، منها تكون على المستوى العقليّ، حيث قد تظهر إشارات التوتّر، مثل الأفكار المتسارعة، والخدر العاطفيّ، والتوتّر، والأرق، ومشاعر الخجل أو الذنب. إضافة إلى ذلك، قد تكون مصحوبة بعوارض جسديّة مثل اضطرابات النوم، أو الألم، أو مشاكل الجهاز الهضمي. كذلك، قد يؤثّر ذلك على حياتك الشخصيّة، إذ غالبًا ما يعاني الأشخاص المعرضون للإنتاجيّة السامة من صراعات شخصيّة، حيث يهملون شركائهم وهواياتهم واتصالاتهم الاجتماعية غالبًا.
كيف تتجنّبين الوقوع في الإنتاجيّة السامّة؟
لتتجنّبي الوقوع في فخّ الإنتاجيّة السامّة، اتّبعي النصائح التالية:
- ضعي تقييمًا لعدد المهام التي يمكن إكمالها في إطار زمنيّ محدّد، مع مراعاة مساحة الاستراحة والتأخيرات الطبيعية في الأداء.
- ضعي فواصل منتظَمة، حتى لو كانت مجرد فترات راحة قصيرة والتي تخصّصينها لعدم القيام بأي شيء، إنّما ربّما التمدّد لفترة وجيزة أو أخذ نفس عميق، أو صنع كوب من الشاي، أو النظر إلى أي منظر يعجبك.
- انخرطي في أنشطة لا تنطوي على إنجاز المهام، مثل ممارسة الهوايات أو المشي لمسافات طويلة، أو تمارين تقنيات اليقظة التي تساعدك بالتعرّف بشكل أفضل على احتياجاتهك الصحية ومعالجتها.