في تحية نابضة لعصر هوليوود الذهبي، يستحضر زهير مراد بريق بطلات الشاشة، ساحرات السينما، ويغزل من وحي الماضي الثلاثينيات والأربعينيات مجموعة أزياء راقية لخريف 2025، تضيف إشراقاً على هيئات باربرا ستانوِك أو ريتا هايورث، وتمنحهن نهاية معادة الصياغة، حيث تصبح الحرية خياراً، والتحول انعتاقاً، والانتصار مصيراً.
منذ لحظة ولادة الصوت في السينما، كانت البطلة تتجلى قوية، حازمة، آسرة. تخطف الأضواء، ويتجلى نفوذها في كل مرة، كما في فساتينها. لكن هذا النفوذ كان يُسلب منها. في فيلم Baby Face الذي عرض عام 1933، تصعد باربرا ستانوِك السلم مستعينة بسحرها، لكن المجتمع الذكوري يعيد إحكام قبضته عليها. وفي Gilda من عام 1946، تؤدي ريتا هايورث دور الفاتنة الأسيرة بحب يستحوذ عليها ولا يهملها. أما في La Dame de Shanghai، فتتألق شخصيتها المترفة والمخادعة إلى أن تنتهي إلى زوال.
في مجموعته الجديدة، يقلب زهير مراد المعادلة، ويعيد رسم معالم الأنوثة الطاغية بمسار تصاعدي، حيث لا تسقط المرأة التي يفتح لها الأفق: بل تشع، تحلق، وتعلو. لوحة الألوان الشتوية آسرة، درجات البني الدافئ، والبيج المخملي، والأسود الساحر، والعاجي المضمخ بالذهب، والوردي المشتعل، ونفحات من الضوء والظل. كل لون يحتضن شعوراً، وكل فستان يؤدي دوراً. إنها مجموعة تنبض بالأناقة والجمال: السترات المطرزة تُرسم بخفة نهائية كأنها دروع احتفالية، بينما تهتدي الفساتين الشفافة المقصوصة على الميالين بنعومة حريرية، وتداعب الرياح. المخمل يواحي التول، الشيفون يهمس للحرير، والشفافية تعانق القناعات. أما فستان السهرة المصنوع من قماش الجورجيت المسند، فينهض بأبهة بدلة التوكسيدو. والفرو؟ أخلاقي، صناعي، فاخر، مطرز كجوهرة تحمل قضية من أجلها تقاتل.
التطريز، قلب دار أزياء زهير مراد النابض، يبلغ ذروة حضوره الطاغي. اللآلئ والأحجار اللامعة تتألق بجرأة، وسلاسل من اللؤلؤ تلتف حول الجسد كأنها كواكب مروضة بسحر المصمم. أما الدانتيل فلم يبقَ منه سوى الزخارف المترجمة بأسلوب نقش دمشقي، تحاكي معالم استوديوهات الهوليوود الباروكية، في تحية وفاء لكبار المصممين، من إديث هيد إلى جان-لويس بيرتو وأدريان غرينبرغ، ولكن برؤية حديثة ومعاصرة.
إنها مجموعة تحاكي الأثر، تلتقط لحظة من الماضي، وتعيد بثها في زمن مختلف. المصمم يعيد صياغة النهاية، ويحولها إلى بداية، قصة لا يحميها شيء، وتنكشف بجمال ما بعد النهاية. إنه عالم من الخداع البصري والثنائيات: بين القوة والرقة، بين الذكورة والأنوثة، وبين شريط سينمائي قديم، وسطر يُكتب للمستقبل. وفي مواجهة السردية الذكورية التي سادت هوليوود القديمة، والتي سعت لتحصين ذاتها من سطوة جمال أيقوناتها بإفنائهن إلى مصائر باهتة، يستعيد زهير مراد لهن مجداً أبدياً، لا جدران له.