تصاميم فساتين الزفاف التي نشهدها مع بداية كل موسم جديد، هي نتاج سنوات من التطوّر والإبداع. ومن المفيد دائماً أن نغوص في تاريخ أي موضة أو صيحة لنتعرّف على بدايات ومراحل تطوّرها، كي نتعمّق أكثر بها ويولد في داخلنا الشغف الذي يحدّد خياراتنا الشخصية.
أصول فستان الزفاف
يعتقد المؤرخون أن فكرة ارتداء زي فريد في حفلات الزفاف تعود إلى أزمنة بعيدة، وبعضهما يقول إنها تعود إلى الفولكلور الصيني. وفقًا للأسطورة، ارتدت أميرة صينية فستاناً يحمل تصميم طائر الفينيق واعتمرت تاجاً معه، مما جلب لها الحظ والقوة في الزواج. وحتى اليوم، تفضل العرائس الصينيات ارتداء فستان أحمر مميز بذيل طائر الفينيق كرمز للحظ السعيد.
أما في كوريا واليابان، فقد استُخدمت أردية الزفاف الحريرية بأنماط مختلفة تعتمد على الحقبة والفصول، لكنها كانت دائمًا غنية بالألوان الزاهية، مما يعكس الطابع الملكي.
بينما تعود فكرة الزواج إلى الحضارات القديمة، فإن فكرة الزفاف كمناسبة رومانسية حديثة نسبياً. وتشير التحليلات التاريخية للقطع الأثرية الآشورية، إلى أن النساء كن يرتدين أثواباً بيضاء أو كريمية بسيطة ويتم بيعهن في سوق شبيه بالمزاد، حيث كانت النساء الأقل جمالًا يُخصّصن للطبقات العامة.
فساتين الزفاف واختلاف الحضارات
في روما القديمة، كانت العرائس يعتمدن تسريحات الشعر المضفرة ويرتدين أغطية رأس بلون أصفر داكن، بينما كانت نساء أثينا يرتدين فساتين بنفسجية أو حمراء ممسوكة بحزام رمزي يقوم العريس بفكّه بعد الزفاف.
أما في بريطانيا، فهناك نظرية شائعة تفيد بأن تقليد ارتداء الفستان الأبيض يأتي من العادة القديمة لأسواق الزواج، لكن من الممكن أيضًا أن شعبيته ازدادت في العصر الفيكتوري، حيث ارتبط بالبراءة والنقاء. كان اللون الأبيض رمزاً للمكانة الاجتماعية في حفلات الزفاف الفاخرة في بريطانيا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، ولكن مع زواج الملكة فيكتوريا عام 1840، أصبح اللون الأبيض هو القاعدة في العالم الغربي.
في عشرينيات القرن الماضي، انتقلت الفساتين إلى أجواء أكثر بساطة وخفّة، مع تأثير حركة حق النساء في التصويت. تبنّت العرائس التصاميم ذات الوزن الخفيف والقصّات القصيرة، وأدخلت المصمّمة الشهيرة كوكو شانيل فكرة الفستان القصير مع ذيل طويل من التول، ما أحدث ثورة في تصميمات فساتين الزفاف.
وخلال الأربعينيات، تأثرت الموضة بالحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى تصاميم بسيطة وإعادة استخدام الملابس. بعد الحرب، ظهر "الأسلوب الجديد" للمصمم كريستيان ديور، الذي أضاف لمسة أنثوية راقية إلى الأزياء، ما جعل فساتين الزفاف أكثر تميزًا. وشهدت الخمسينيات عودة الفساتين ذات التنانير الضخمة، مع استخدام لؤلؤ وكريستال لإضفاء البريق، وظهرت خيارات أكثر جرأة بالألوان الهادئة مثل الباستيل.
العقود الأخيرة من القرن العشرين
في الثمانينيات، أصبحت فساتين الزفاف فخمة، مستوحاة من فستان الأميرة ديانا الأيقوني الذي تميز بتصميم ضخم مع أكمام منتفخة وذيل طويل. بينما ظهرت في التسعينيات أنماط أكثر بساطة وأناقة. ومع بداية العقد الأول من الألفية الجديدة، سيطرت الفساتين بدون أكتاف مع تنانير كاملة وذيول طويلة، مع بروز مصممين أضافوا لمسة عصرية إلى الفساتين التقليدية.