في السنوات الأخيرة، حقّق الذكاء الاصطناعي التوليدي إنجازات كثيرة في الصناعات الإبداعية، من الأعمال الفنية إلى تأليف الموسيقى وحتى تصميم الأزياء. هذا التقدّم التكنولوجي السريع، على رغم إيجابياته، أثار العديد المخاوف والتساؤلات حول إمكانية تهديده للعنصر البشري والحدّ من إبداعاته. ولعلّ أكثر ما يثير التساؤلات هو قدرة هذا النوع من الذكاء الاصطناعي على أن يؤدي دور مصمّمي الأزياء ويحلّ محلّهم!
ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
يشير الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الخوارزميات التي يمكنها إنشاء محتوى، مثل الصور أو التصاميم، بناءً على الأنماط التي تعلمتها من مجموعات بيانات ضخمة. وفي عالم الأزياء، أظهرت الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي إمكانيات مذهلة من خلال توليد تصاميم فريدة، والتنبؤ بالاتجاهات، وحتى مساعدة العلامات التجارية على تطوير منتجات مخصّصة للعملاء.
من جهة أخرى، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي مصممي الأزياء في تسريع العملية الإبداعية من خلال إنتاج مئات التصاميم في دقائق، والتنبؤ بالاتجاهات عبر تحليل كمّيات هائلة من البيانات، ما يفتح آفاقاً جديدة للإبداع. بالإضافة إلى تعزيز الاستدامة إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين عمليات الإنتاج، مما يقلل الهدر ويشجع على الممارسات الصديقة للبيئة.
كل هذه الإمكانيات تجعل من الذكاء الاصطناعي أداة قوية في صناعة الأزياء تدعم الرؤية الإبداعية للمصممين.
لا تهديد لمستقبل المصمّمين
على الرغم من مزاياه، لا يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يحل محل المصممين. فالأزياء ليست مجرّد حياكة واتجاهات، بل هي ممزوجة بتجارب شخصية وقصص مروية وثقافات متجذّرة في داخلنا، وهي معايير لا يمكن أن تتبنّاها أي آلة أو تكنولوجيا. فغالباً ما تشكّل الأزياء تعبيراً عن مشاعر وقصص فريدة من نوعها تتعلق بالتجربة البشرية، كما يحرص المصمّمون على الأخذ في الاعتبار بعض المعايير الثقافية والحضارية قبل تقديم تصاميمهم، وهو ما يعجز عنه الذكاء الاصطناعي. وبالتالي، وعلى الرغم من أنه قادر على إنتاج العديد من التصاميم، يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى أهم معايير الإبداع الفني والتي تتعلّق بالذوق والإحساس.
البديل هو التعاون
هذه المخاوف التي تبدّدت مع إظهار قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في عالم الأزياء من جهة، وعجزه من جهة أخرى، كشفت عن احتمال آخر وهو خلق تعاون بينه وبين المصمّمين يولّد مزيداً من الإبداع والابتكار. إذ يمكن للمصممين استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير عملهم وتوليد أفكار جديدة، مع التركيز على الجوانب الفنية والعاطفية للأزياء.