ميكايلا واتريلوت، القيّمة الفنّية في مؤسّسة بسام فريحة للفنون، تشاركنا أفكارها حول ربط الماضي بالحاضر من خلال الحوار بين الثقافات والتعليم.
إنّ التطلّع إلى الماضي لفهم الحاضر غالباً ما يحمل معه رؤىً عميقة في التقاليد، والتاريخ، والهوية، والتطوّر. فبدون العودة إلى الماضي واستذكاره لا يمكن للمرء أن يتأمّل، وهنا تُركّز ميكايلا واتريلوت رؤيتها. تقول: "التعليم هو جوهر رؤيتي كقيّمة". بخلفيتها الأكاديمية في تاريخ الفنّ من القرنين التاسع عشر والعشرين، تؤمن ميكايلا بأنّ التعليم والحوار يُعزّزان الوعي بين الثقافات. ولتحقيق هذا الهدف، يُصاحب كلّ معرض ورش عمل، وجلسات نقاش، وجولات وحلقات نقاش، وهي تتماشى مع رؤية سعادة السيّد بسام سعيد فريحه. لقد شكّلت رؤيته رسالتنا المتمثّلة في جعل الفنّ تجربةً تعليميةً وتحوّليةً متاحةً للجميع. منذ اللحظة التي افتتحنا فيها أبوابنا في مارس ٢٠٢٤ كأوّل مؤسّسة فنّية خاصة في المنطقة الثقافية في السعديات، كانت رؤيتنا واضحة: جعل المجموعات الفنّية الخاصة متاحة للجمهور، مع خلق منصّةٍ للفنّانين من الإمارات العربية المتحدة والعالم العربي أجمع، وما وراءه.
يُقام المعرض بين ثلاث مساحات: صالة العرض الرئيسية، وصالة العرض الملحقة، وحديقة النحت، ويدعو كلّ معرض عشّاق الفنّ لاكتشاف مجموعات فنّية خاصة، مشجّعاً الحوار والتثقيف لربط الماضي بالحاضر. تقول واتريلوت: "أطلقنا هذا الموسم أيضاً سلسلة "قصة الفنّ"، وهي سلسلة محاضرات مجانية من تسعة أجزاء، تتتبّع الحركات الفنّية من عصر النهضة إلى الفنّ المعاصر، بهدف وضع الإبداع الإقليمي في سياقه ضمن السرديات العالمية".
من أبرز فعاليات هذا الموسم معرضان على مستوى المؤسّسات من مجموعات خاصة، أحدهما من إبداع واتريلوت ومُلكة المهداوي، ابنة الفنّان التونسي نجا المهداوي. توضح واتريلوت: "عندما يلتقي الزوّار بأعمال فنّانين عرب حداثيين مثل نجا المهداوي، إلى جانب مجموعة مختارة من أعمال الخط العربي من جائزة البردة السنوية لوزارة الثقافة، والمعروضة في صالة عرضنا الملحقة، يُمثّل هذا حواراً بين الخط العربي كشكل تجريدي وتقليد لغوي، ويُظهر كيف يتلقّى الفنّانون اليوم الإرث ويُعيدون ابتكاره". تُشكّل هذه المعارض منصّةً للحوار، وتُسهم في فهم تجذّر الفنّ في الثقافة العربية، وفي الوقت نفسه ارتباطه العالمي، مُقدّمةً بذلك تأمّلاً أعمق للزوّار وعشّاق الفنّ على حدّ سواء. bfaf.ae
نجا المهداوي: مصمّم رقصات الحروف
يستمرّ هذا المعرض حتى ٢٥ يناير ٢٠٢٦، وهو أول معرض إماراتي رئيسي يضمّ ما يقارب ٣٠ عملاً من مسيرة الفنّان نجا المهداوي المبكرة وحتى السنوات الأخيرة. ويمثّل هذا المعرض جسراً بين الأصالة والمعاصرة، مستكشفاً الهوية والتراث. تقول واتريلوت: "يُعدّ عمله محورياً لأنّه يُعيد تعريف حدود الخط العربي، ليس كوسيلة للتعبير عن اللغة، بل كشكلٍ بصري للتعبير. فمن خلال تصميمه لحركات الحروف في تراكيب إيقاعية تجريدية، حرّر المهداوي الحرف العربي من معناه الحرفي، سامحاً له بأن يكون شكلاً بصرياً بحتاً، يُعبّر عن الحركة والعاطفة".

بناء الشرق: فُتاتٌ من حلم غربي
يستمرّ هذا المعرض حتى ٣١ مايو ٢٠٢٦ في الصالة الرئيسية، وهو مستمدّ من المجموعة الخاصة لسعادة السيّد بسام سعيد فريحة، ويُعرض جنباً إلى جنب مع أعمال رئيسية تمّت استعارتها من معرض آري جان. يتوزّع المعرض على خمسة أقسام موضوعية، ويضمّ لوحات فنّية رائعة لجان ليون جيروم، أحد أشهر الفنّانين المستشرقين في القرن التاسع عشر. من التصميمات الداخلية المُتخيّلة والأسواق الصاخبة إلى النماذج الأولية للرجال والنساء، تدعو الأعمال المعروضة الجمهور إلى التأمّل في الطريقة التي بُنِيَ فيها "الشرق" بعيون غربية، وكيف لا تزال هذه الصور تُشكّل تصوّرات الناس اليوم.
