بعض الوجهات السياحيّة تتميّز بمناظرها الطبيعيّة، وأخرى تُعرَف بأنّها مثاليّة للتسوّق، وغيرها لممارسات النشاطات المائيّ، إنّما بالنسبة للبعض، الأكثر روعة هي تلك التي تتيح استكشاف تاريخها الذي ما زال حيًّا من خلال عناصر عدّة. ففي حين أنّ الهويّات الثقافيّة لبعض الأماكن تتشوّه بسبب الحداثة، تحافظ أخرى عى تاريخها، إنّما ليس في المتاحف أو من خلال المعالم الأثريّة فيها وحسب، بل أيضًا من أمور حيّة تُشعرك وكأنّك قد عدت حقًّا بالزمن إلى سنوات عديدة قد فاتت. ففي تلك الوجهات، أسلوب الحياة الذي عاشته الشعوب منذ قرون، سوف يمشي بجانبك وأنت تتجوّلين في الشوارع والأزقّة، وتتناولين الطعام، وتلتقين السكّان المحليّين، وتستمعين إلى موسيقاهم، وإلى أحاديثهم، وغير ذلك الكثير التي تُبرز هويتهم التي صمدت لقرون من الزمن. فإن كان ذلك يثير اهتمامك، لا بدّ أن تزوري الوجهات التي سنخبرك عنها في ما يلي.
وادي رم في الأردن
في صحراء وادي رم الموجودة خلف أطلال البتراء، تقطن قبائل ما زالت تقاليدهم البدويّة حاضرة في عصرنا الذي تغزوه الحداثة والتكنولوجيا. فهم يبقونها نابضة بالحياة، من خلال حسن ضيافتهم للزوّار المهتمّين باستكشاف منطقتهم، حيث يستقبلونهم ويرافقونهم متيحين لهم عيش تجربة استثنائيّة ليعرّفونهم على هويتهم التي ما زالت حيّة. فهناك، سيحلو لك الإقامة في مخيّم بدويّ، حيث تجتمعين مع الجميع في الليل لتناول الطعام تحت ضوء النجوم وحول النار، والاستماع إلى الموسيقى التي يؤدّيها المحليّون باستخدام أدوات موسيقيّة بدائيّة، لتتعرّفي أكثر على هويّتهم وأسلوب حياتهم الذي حافظوا عليه لقرون.
القرى النوبية في مصر
تحتضن مصر عددًا من أهمّ المعالم الأثريّة حول العالم، والتي تبذل الجهات المسؤولة فيها قصارى جهودها للحفاظ عليها، ويواظب العلماء من جميع أنحاء العالم بالتعمّق أكثر فيها لفكّ الغموض الذي يلفّها. وفي الكثير من الأماكن، ما زال السكّان يحافظون على هويتهم الأصليّة، ومن بينها، القرى النوبيّة حيث يحافظون على تقاليد تعود إلى العصر الفرعونيّ الذي ستشعرين وكأنّك سافرت بالزمن لاجتشافه فور زيارتها. فالنوبيّون يستقبلونك ليعرّفونك على تاريخهم من خلال رواية القصص الشفهيّة، وتأدية الرقصات والموسيقى، وتقديم الأطباق التقليديّة، وتعريفك على الحرف البدائيّة...
نزوى في سلطنة عمان
تحتوي سلطة عمان الكثير من الوجهات السياحيّة التي لم تقمع هويّتها السياحة المفرطة، ومن بينها، نزوى التي تعدّ واحدة من الأقدم فيها. فيها، ستسافرين عبر الزمن وأنت تتجوّلين في الأسواق العتيقة، وتشاهدين بناة المراكب الشراعيّة أثناء عملهم، وتتعرّفين على تجربة اللبان العريقة التي ربطت تجارتها الدولة ككلّ قديمًا بالعالم. وإضافة إلى ذلك، فيها الكثير من المعالم الأثريّة التي صمدت في وجه الغزوات والتغيّرات المناخيّة، وأشهرها، حصن نزوى الذي بُنيَ في القرن السابع عشر، والذي يحيط به سوق قديم نابض بالحياة، يعرض فيه البتجّار التمور، والمنسوجات الديويّة، والفخاريّات المصنوعة وفقًا لتقنيّات توارثتها الأجيال على مرّ القرون.
فاس في المغرب
تعدّ فاس من الوجهات المثاليّة إن رغبت بالتعرّف على التاريخ العريق للمغرب، وإنّها مُدرَجة على قائمة اليونسكو للتراث العالميّ، ولا تزال مركزًا للحرف التقليديّة العريقة. فهناك، يمكنك مشاهدة الدباغين وهم يعملون في مدابغ الشوارة، والتعرّف أيضًا على التقاليد الصوفيّة المغربيّة في الأحياء القديمة، والغوص أكثر في تاريخ المنطقة من خلال المدارس الدينيّة التاريخيّة.