كيف غيّر جورجيو أرماني عالم الموضة؟

يوم أمس، تمّ الإعلان عن وفاة ، الذي يعدّ واحدًا من أهمّ المصمّمين حول العالم، كونه أوّل مصمم أزياء منذ كوكو شانيل يُحدث تغييرًا جذريًا في طريقة ارتداء الناس للملابس. فهو ولد في حقبة ما قبل الحرب العالميّة الثانية، وهي حقبة عُرِفَت بتقاليدها الصارمة، فعزم على إزالة القيود التي كانت مفروضة على الأنماط الأكثر صرامة التي سبقته، جاعلًا الرجال يشعرون بالرقي، والنساء يشعرن بالتمكين في مكان العمل، فأشادت به الصحف باعتباره «أول مصمم أزياء ما بعد الحداثة».

في عام ١٩٥٦، بدأ أرماني دراسة الطب، لكنه ترك الدراسة بعد ثلاث سنوات والتحق بالجيش، لكنّه سئم الحياة العسكرية سريعًا، وتخلّى عنها ليبدأ بالعمل كمصمم واجهات في متجر «لا ريناسينتي»، وهو متجر متعدد الأقسام في ميلانو، حيث تدرج في الرتب بسرعة. فهناك، أتيحَت له الفرصة للتعلّم في ورشة العمل فورًا، عكس معظم المصمّمين الذين يبدؤون مسيرتهم في المجال كمتدربين أو في مدارس الأزياء. هناك، تعلّم عن الأقمشة التي يفضلها العملاء، وذهب إلى مصانع النسيج لشرائها، أصبح خبيرًا في كيفية صنع القماش، وطوّر مهاراته لإتقان الخياطة.

الصورة من عرض جورجيو أرماني لربيع وصيف 2024

 

بعد فترة وجيزة، عمل أرماني لدى نينو شيروتي، مصمم أزياء راقية مؤثر، وفي غضون أشهر، طلب منه شيروتي إعادة هيكلة نهج الشركة. لم تكن الطبقة المتوسطة في الستينيات قادرة على تحمل تكاليف الأزياء الراقية، لكنها كانت تتوق إلى إطلالة أنيقة ومميزة خاصة بها. وبخبرته في الأقمشة، قدّم أرماني الحل. أتاح تصميمه الفاخر لمجموعة ملابس رجالية بقصات أنيقة ودقيقة، يمكن تصنيعها بكميات كبيرة، وبدأ أسلوبه الإيطالي المميز من ذلك الحين، يؤثر على طريقة ارتداء الأزياء.

في عام ١٩٦٦، التقى أرماني بسيرجيو جاليوتي، وهو مهندس معماري متدرب شاب، والذي سرعان ما تخلى عن مسيرته المهنية وبدأ العمل إلى جانبه، وشجّع أرماني على تأسيس مشروعه الخاص. بدأ الاثنان مشروعًا صغيرًا، حيث كان مكتبهما الأول قاتمًا لدرجة أن أرماني أزال الستائر عن المصابيح ليتمكن من رؤية الأقمشة، لكن عملهما كان بمثابة ثورةٍ في عالم الموضة.

 

كيف أحدث أرماني ثورة في عالم الموضة؟

خفّف أرماني من حدة ملابس الرجال وحسّن من جودة ملابس النساء، إذ جعل بدلات الرجال أكثر نعومةً وجاذبية، ما عكس عكس ذلك تغييرًا في نظرتهم لأنفسهم في الستينيات، لكنه لم يكن قد انعكس بعد في عالم الموضة. ومع دخول المزيد من النساء إلى سوق العمل، وجد أرماني فرصةً سانحة. قال: «أدركتُ أنهن بحاجة إلى أسلوبٍ في ارتداء الملابس يُضاهي أسلوب الرجال. أسلوبٌ يمنحهن كرامةً في حياتهن العملية».

وهكذا، قدّم لهنّ بدلات أنيقة، لتكون بديلاً عن الفساتين الجامدة والخانقة التي كنّ يرتدينها في العمل. وكانت هذه البدلات تعكس الأنوثة، لكنها كانت تجسّد في الوقت نفسه تعبيرًا قويًّا عن المساواة.

 

أرماني في عالم هوليوود

في وقت لاحق، فاز أرماني بعقد لتصميم ملابس ريتشارد جير في فيلم «» الذي عُرضَ في عام 1980، وفي كل مشهد تقريباً منه، يظهر جير وهو متألّقًا بإبداعات أرماني. بعدها، واصل المصمّم الراحل تصميم ملابس النجمات على السجادة الحمراء في ليلة الأوسكار، وأزياء لعشرات الأفلام والبرامج التلفزيونية، أبرزها مسلسل. وفي غضون عقد من الزمن، أصبح المصمم الأوروبي الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة. ونتيجةً لذلك، برزت ميلانو كقوة تجارية وإبداعية فعّالة في عالم الموضة، بعد باريس فقط.

وسعيًا منه لتوسيع علامته التجارية، أطلق كلاً من أرماني جينز وإمبوريو أرماني، وأبرم اتفاقية مع لوريال أضافت العطور إلى مجموعته، ثم واصل تقديم النظارات والملابس الرياضية ومستحضرات التجميل والإكسسوارات. وهكذا، أصبح هناك نمط حياة متكامل، تحت علامة تجارية واحدة، يطمح إليه كل من يعشق الأناقة.

المزيد
back to top button