ولد المصمّم الايطالي جوزيبي زانوتي Giuseppe Zanotti، في عام 1957 في بلدة سان ماورو باسكولي الصغيرة، خارج مدينة ريميني، على ساحل البحر الأدرياتيكي، ونشأ محبّاً للفن والتصميم والموسيقى. ويقول زانوتي: "كانت الموسيقى مهنتي في سن مبكر إذ عملت كدي جي الأمر الذي قادني بعدها إلى عالم الموضة والتصميم".
لقّب جوزيبي زانوتي بملك الأحذية، وذلك بفضل موهبته في تحويل الأحذية الجميلة إلى أحاسيس، سواءً كان الحس بالثقة، الإثارة، الإغراء، أو الشعور بالفردية قبل كل شيء.
وقد اجتاحت أحذية زانوتي السجادة الحمراء، وقد انتعلها العديد من المشاهير بما فيهم مادونا، ليدي غاغا وريهانا.
من أحذية الكعب العالي المرصّعة بالأحجار إلى الأحذية الرياضية الفاخرة، يبقى جوزيبي زانوتي من أفضل صانعي الأحذية في العالم.
وخلال زيارته الأخيرة لمدينة دبي، وبمناسبة افتتاحه متجره الجديد في دبي مول، كان لنا هذا اللقاء الحصري معه.
Elle Arabia: أخبرنا قليلاًً عن خلفيتك، وكيف بدأت علاقتك بتصميم الأحذية؟
Giuseppe Zanotti: إنه حب فطري. اتذكّر أنّي كنت في الثامنة من عمري وكنت أنظر إلى والدتي وهي تنتعل حذاء من جلد العجل الرمادي وبكعب رفيع يعرف بالـ kitten heel. اعتبرته رائعاً! في هذه اللحظة، ادركت فيها أن لدي شغف حقيقي للأحذية النسائية.
Elle Arabia: قبل تأسيس شركتك الخاصة، عملت مع بعض دور الأزياء العالمية مثل Dior و Valentino. ما الذي حفّزك على بدء علامتك الخاصة؟
Giuseppe Zanotti: في بداية مسيرتي، أي منذ 35 سنة، لم أستطع رؤية نفسي كمدير لشركتي الخاصة، حيث كنت أدرك أن شغفي وقوّتي كانا في التصميم وليس في إدارة الأعمال. بدأت مسيرتي المهنية كمصمّم للأحذية النسائية ومستشار أزياء لعدد من دور الأزياء الفاخرة ولكنني سرعان ما أدركت أنني لن أتمكن من التعبير عن إمكانياتي بالكامل، حيث كان لابد من التوفيق بين طبيعتي الفّنية وطلبات مدرائي الذين كانوا يكبتون فنّي الإبداعي عن طريق رفض صنع أحذية معقدة للغاية أو مكلفة للغاية. لذا، انشأت علامتي الخاصة في عام 1994، عندما أتيحت لي فرصة استلام مصنع صغير لصناعة الأحذية. من هنا، بدأت بتصميم أحذية أحلامي.
كنت محظوظاً لأنني نشأت في منطقة في إيطاليا تشتهر بهذه الصناعة، الأمر الذي سهّل خطوة الانتقال من الحلم إلى الحقيقة. لكنني أعتقد بصراحة أن هذه الخطوة كانت حتميّة لأنني كنت أعمل في صناعة الأحذية منذ صغري وكنت دائما مهتماً بجوانبها التقنية والتصميمية. وعندما قرّرت اطلاق مجموعتي الأولى أجبرت على بيع سيارتيّ البورش والفيراري وساعاتي.
ومن مصمم حرّ ، أصبحت رائد أعمال! اتذكّر هذه القصّة المضحكة حين ذهبت إلى المصرف للحصول على قرض مالي، وكان شعري أزرق اللون! كنت مجنوناً قليلاً (يضحك) وكان الجميع يعتقد أنه من الغريب جداً لرجل ذي شعرٍ أزرق أن يطلب قرضاً (يضحك)، وتساءلوا إن كنت سأرجع لهم أموالهم أم لا (يضحك). لذا، لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لي. بدأت العمل في أمريكا، وبعد عامين وثلاثة أشهر، نجحت العلامة التجارية وحصلت على متجري الخاص. والآن نحن شركة تتألّف من 800 موظف، ونملك الكثير من المتاجر من حول العالم.
Elle Arabia: كيف تغيّّرت مقاربتك لتصميم الأحذية منذ بداياتك حتى الآن؟
Giuseppe Zanotti: مقاربتي هي دائماً نفسها. أستلهم من العالم حولي، وعن طريق الإستماع إلى الناس، وتأمّلهم، وتحويل طاقة الشارع إلى تصميم جميل وجذّاب. مع ذلك، لا تخلو تصاميمي من الموسيقى. لطالما كانت الموسيقى جزءاً من حياتي، فالموسيقى تجّسد الطاقة البشريّة.
Elle Arabia: برأيك، ما هو مفتاح النجاح: الحظ أم العمل؟
Giuseppe Zanotti: كلاهما. في الثمانينيات والتسعينيات، لم يكن هناك الكثير من العلامات التجارية المتخصّصة في تصميم وصناعة الأحذية. اليوم، تبحث المرأة عن تصاميم جديدة ومختلفة. فالمنافسة في الوقت الحاضر ضخمة.
إن الطلب اليوم على الأكسسوارات الجلدية والأحذية والحقائب اليدوية أعلى بـ 70٪. ففي هذه الأيام، تبدّل السيدة أحذيتها أكثر من ملابسها، كما أنها تختار حذاءها أوّلاً ومن ثم الملابس. النساء في هذه الأيام واثقات من اختياراتهن الخاصة، وتتمتّعن بشخصية قوية ولا تحتجن لأي نصيحة.
المصمّم الحقيقي اليوم هو النساء نفسهن (يضحك). ولكني عملت وما ازال أعمل كثيراً.
Elle Arabia: كيف بدأت فكرة إضافة تصاميم الأحذية الرجالية؟
Giuseppe Zanotti: لقد تعرضت للضغط من قبل بعض الأصدقاء. كنت أعتقد أن الأحذية الرياضية هي منتج احترافي / تقني يصعب دمجه مع عالم الرفاهية. ولكن، ساعدني كانيي ويست على فتح عيني وتوسيع عقلي وفهم أهمية تصميم الحذاء الرياضي الانيق (وهو الاتجاه السائد اليوم في موضة الأحذية).
رفضت لفترة طويلة جداً تصميم أحذية للرجال، لأنها تصاميم مملة جداً (ضحك). أما اليوم، فقد أصبح الأمر أكثر إثارة، إذ كان من المستحيل في الماضي أن ينتعل الرجل حذاءً لمّاعاً أو مزيّناً بالألماس. كان يعتبر ذلك أمراً غريباً ينقص من رجوليته،لكنه أصبح اليوم أمراً مألوفاً جداً. فساعتي مثلاً مرصّعة بالألماس.
الناس أحرار في الموضة الآن، فالعقلية أصبحت أكثر انفتاحاً، مما سهّل عليّ عملية الإبتكار في تصميم الأحذية. فمنذ حوالي 6 سنوات، بدأت مع أحذية رياضية لكانيي ويست ثم انتقلت إلى تصميم الأحذية الرياضية النسائية.
Elle Arabia: ما هو مصدر إلهامك؟
Giuseppe Zanotti: البيئة المحيطة بي، هي دائماً مصدر إلهامي منذ البداية، إضافةً إلى الذكريات، الأفلام،والموسيقى خاصةً الجاز، الأزياء الراقية من الستينيات والثمانينيات، القصص التاريخية مثل الإمبراطورية الرومانية، المتاحف في مصر، الأحجار الكريمة وغيرها...
Elle Arabia: أخبرنا أكثر عن المجموعة التكريميّة المحدودة الإنتاج لمايكل جاكسون. فالجميع متحمّس للمزاد. كيف بدأت الفكرة؟ هل هي بسبب شغفك للموسيقى؟
Giuseppe Zanotti: إعتدت على العمل مع مايكل جاكسون ومع شقيقته جانيت جاكسون. فقد صممت له حذاء حفله الأخير، وبعد وفاته تشاورت مع جانيت وقرّرنا عرضه للبيع في مزاد علني يعود ريعه للأعمال الخيرية.
كان مايكل حاكسون نجماً عظيماً، فقد بدأ مسيرته منذ سن الـ11، وبدأت أستمع الى موسيقاه وانا في سن الـ 18. إنه أسطورة! موسيقاه خالدة يحبّها الجميع حتى الآن. لذلك، وبمناسبة ذكرى رحيله السادسة، خطرت على بالي فكرة القيام بهذه الإشادة. فلقد صمّمت الأحذية للكثير من النجوم من ضمنهم ريهانا، بيونسي، ليدي غاغا، جينيفر لوبيز...
Elle Arabia: وبالنسبة للتعاون المشترك مع كريستيان كوان Christian Cowan؟
Giuseppe Zanotti: تجمعني مع كريستيان العديد من الشعارات ومن ضمنها "السماح للمرأة أن تشعر انها مذهلة". لقد أردنا من خلال تعاوننا أن نحتفل بجرأة الأسلوب الأنجلو أمريكي والأناقة الإيطالية، وذلك من خلال تصميمات تعزّز قدرة المرأة على التألّق.
كريستيان رجل موهوب ومتفاني! وتعرفت عليه للمرة الأولى عبر الإنستغرام. فرأيت بعض الصور من مدرج NYFW واعجبتني اعماله وذهلت بعدد متابعينه. لذا، تركت له تهنئة كتعليق على صوره.
لقد تأثرت بقوة أفكاره وأزياءه الراقية رغم صغر سنّه. يتمتّّع هذا الشاب بمعرفة كبيرة عن الأزياء الراقية والموضة المراهقة. لذا، عندما طلب مني أن أصمم له بعض الأحذية وافقت فوراً. تبادلنا الأفكار وقررنا وضع الساعات على الأحذية الرياضية، الصنادل والحقائب.
التقيت به عدة مرات في نيويورك، إنه شخص رائع! لقد تعلّم الكثير مني وتعلمت منه الكثير، مثلاً الطريقة الشجاعة التي يستطيع بها قص الفساتين على جسد العارضات وارسالها مباشرة إلى العرض... يا إلهي، إنه مثل السحر! لم أر أحداً بهذه السرعة والجرأة والثقة. انه فنان!
Elle Arabia: هل من تعاونات جديدة؟ فأنت معروف بأنك دائماً تسعى لإكتشاف مواهب جديدة والعمل مع أشخاص جدد.
Giuseppe Zanotti: لقد تعاونت مع علامة تجارية جديدة إسمها "REDEMPTION". فلقد إتصلوا بي لنتعاون، وتناسبت تصاميمهم مع تصاميمي ومبادئي. عدا ذلك، فسأنتظر ما قد يأتي في المستقبل. فهذه ليست مسألة تجارية، بل إنها شغف وحب للتجارب الجديدة التي يمكن للمرء أن يتعلمها.
Elle Arabia: من برأيك هو المصمم الأكثر شهرة؟
Giuseppe Zanotti: تييري موغلر Thierry Mugler هو من المصممين المفضلين لدي! فقد ألهمني كثيراً في بداية مسيرتي.
على سبيل المثال، فلدي هذه الفكرة الجميلة في ذهني عن ثوب الكورسيه القصير من تصميم موغلر في الثمانينات. فلقد نسقناه مع حذاء الكاحل ذي الكعب العالي.
لطالما أحببت قدرته على تحويل أجساد النساء من خلال ملابسه ومنحهن جمالاً غريباً ومميّزاً.
Elle Arabia: ما هو شعارك في الحياة؟
Giuseppe Zanotti: الحياة هي اللحظة التي نعيشها الآن! نحتاج إلى قبول ما يحدث الآن، فلا نوقف حياتنا من أجل المشاريع الطويلة الأمد فقط، أو نوقف حياتنا في التفكير كثيراً في الماضي وما قد حدث، أو حتى الأمل في المستقبل. من الأفضل أن نعيش الحاضر.
في حياتي أهتمّ بحاضري. فسوف نعاني دائماً من حالات "الصعود والنزول" في الحياة، ولا يجب أن تدمّرنا. لكن علينا أن نتعلّم كيفية التعامل معها.
Elle Arabia: اليوم عندما تنظر إلى أعمالك وإلى ما وصلت إليه، هل كنت تطمح أو تتوقّع أنك ستحقّق هذه الشهرة الضخمة؟
Giuseppe Zanotti: بصراحة لم أكن أعتقد أن شهرتي ستصل إلى هذا المستوى. أعرف أنه يتوجّب عليّ أن أحترم عملي. إنه مزيج من العمل الشاق والحظ، ولكنه قبل كل شيء العمل الشاق لأصل إلى هنا. التصميم ليس سهلاً، وإن إنشاء فريقٍ قويٍ ليس سهلاً. فلقد إستغرقني الأمر حوالي الـ4 سنوات لصناعة حذاء مايكل جاكسون!
نعم، ما وصلت إليه اليوم هو حصيلة سنوات طويلة من العمل الجماعي والتفاني والإجتهاد. لكنه أمر جيد لأنني تعلّمت، والتعلّم هو أمر رائع.
Elle Arabia: هل سنرى المزيد من الخطوط المضافة إلى العلامة في المستقبل القريب؟
Giuseppe Zanotti: بالطبع، أنا أحب الأحذية وسوف أستمر في العمل بجدية لإيجاد الحذاء المثالي. إلى جانب ذلك سأكمل تصميم اكسسوارات أخرى لتزيين الجسم، مثل المجوهرات العصرية أو الجواهر الثمينة في المستقبل.
اليوم، كل شيء يبدأ من الإكسسوارات. ففي الماضي كانت ثانوية. لكن من الجميل اليوم أن نرى امرأة تتزين بأكسسوارات جميلة، منسّقة مع سروال جينز، بدلاً من إمرأة ترتدي فستاناً أنيقاً مع حذاء قبيح.
Elle Arabia: أخيراً وليس آخراً، هل لديك بضع كلمات لقرّاء Elle Arabia؟
Giuseppe Zanotti: أود أن أقول أنني معجب بالمرأة الشرقية واهتمامها بجمالها وبشرتها وأزيائها. سأبذل قصارى جهدي لتلبية احتياجاتها من الأحذية. أنا مثل الخادم الشخصي لأقدام النساء وسأبذل قصارى جهدي دائمًا!
حاورته ندى قبّاني