ربيع كيروز في لقاء خاص مع مجلة ELLE

في ربيع 2019، تحوّل ميزون رمزها من الرمّانة الحمراء الشهيرة إلى ثلاثة أحرف من ذهب هي . بعد تتويجه عضواً دائماً في دائرة الهوت كوتور الباريسيّة المغلقة في كانون الأول/ ديسمبر 2019، ها هو يُحِلّ داره – بمحترفاتها ومتجرها الرائع – في مبنى بيروتي من القرن الرابع عشر. وقد سنحت لنا فرصة لقاء معلّم المكان ونحن نشرب قهوة معطّرة بالحماسة وفرحة العيش.

 

كلّ هذه المستجدات هي تطوّر أم ثورة؟

لم أحبّ يوماً الثورات. وإذا رجعت قليلاً إلى الوراء أرى أنّ مسيرتي تتوافق مع إيقاع دوراتٍ تمتدّ على فترة عشر سنوات. بدأت في عام 1998 في بيروت حين أسّست ، وبعد عشر سنوات رغبت في الانتقال إلى مكان آخر من دون أن أنسى بيروت طبعاً. أظنّ أنّني كنت سأحزن كثيراً لو تركت هذه المدينة. إذاً، أقمت استوديو التصميم في باريس على 38 بولفار Raspail وبموازاة ذلك ابتكرت Starch في لبنان لمساعدة المواهب الصاعدة. وهذه طريقة تلقائيّة لزرع بذور من أجل المحافظة على علاقات استرجاع أزليّ مع الوطن. وها أنا اليوم بعد عشر سنوات أعود إلى بيروت محافظاً على محترفي الباريسي. لا مجال للثورة هنا لأنّني أعشق ما أفعله ولا أندم على مسيرتي. في الحقيقة لم تكن عندي يوماً ميول ثوريّة في أيّ مجال. أحبّ أن تتطوّر الأمور، فبهذه الطريقة تتقدّم حياتي وحكايتي وعائلتي وعملي... حين أنظر إلى القطع التي صمّمتها في الماضي أجد أموراً ما زلت أحبّها وأخرى لا. حتّى في كلّ عرض أزياء أقول إنّه كان بإمكاني القيام بأمر مختلف بلا شك. بالنسبة لي، لا تشكّل أيّ مجموعة بلوغاً للهدف بعد ستّة أشهر من العمل ولكنّها تكون بمثابة مرور متعدّد المراحل. إنّ العمل في مجال الموضة أمر رائع، حتّى إنّه أجمل من العمل في الديكور، لأنّ الموضة تسمح بابتكار قطعٍ زائلة. ليست الأخطاء فادحة جداً ففي نهاية المطاف نحن لا نصنع سوى الملابس ولا ننقذ حياة البشر... أقول إنّني سأقوم بالأمور بطريقة مختلفة وهكذا أتطوّر وأكمل الدرب.

 

في الواقع، أجد أنّ كلّ مجموعة هي أجمل من سابقتها.

إنّه واقع ثابت أسمعه عند كلّ مرّة: "هذه المجموعة هي الأفضل على الإطلاق". في البداية كنت أقول: "آه، من الممكن في أنّ تصاميمي كانت قبيحة من قبل. "لكن في الواقع لا لأنّني في تطوّر مستمرّ وهذا إيجابي".

 

في الحقيقة، كل مجموعة تنجح أكثر وأكثر في إبراز قيمة جسد المرأة...

نعم، مع الوقت والخبرة صرت أفهم بشكل أفضل جسم المرأة فقد نضجت رؤيتي. في الحقيقة ليس عندي ملهمة محدّدة لأنّني أحبّ المرأة عموماً وحركاتها وهي تمشي في الشارع وطلّتها وطريقة جلوسها... كلّ ذلك يلهمني ويُغني مسيرتي. يتبدّل الزمان ويصبح الأشخاص أكثر ارتياحاً مع أجسامهم فيرغبون في إظهاره أو إخفائه أو يحبّون لفت الانتباه من دون جرأة فاضحة. أنا أعشق لعبة الملابس وطريقة ارتدائها.

ماذا يعني لربيع كيروز أن يصير عضواً دائماً في الهوت كوتور؟ أهي خطوة إلزاميّة للدار؟

لطالما احترمت الكوتور لأنّها معرفة استثنائيّة. في المقابل، لا تهمّني الأبّهة ولا أجد أنّ نساء اليوم قادرات على ارتداء ملابس الخمسينيّات. مع ذلك حافظ الكثير من المصمّمين على هذا الرقيّ العتيق الطراز. منذ نشأة الألبسة الجاهزة لم تعد الكوتور أسلوب حياة لا بل لم تعد أسلوباً في الأصل. لكي تتطوّر هذه المؤسّسة يجب مثلاً صنع قميص أبيض ومعطف هوت كوتور. لقد قدّمت ملفّاً كاملاً لأنضمّ إلى هذه المؤسّسة بغية الدفاع فيها عن قيمي وأفكاري والمحافظة على نوعٍ من الانتعاش في عالم الهوت كوتور.

 

كيف تبدأ بتصميم مجموعة أو على الأقلّ كيف ينطلق الإلهام؟

سأريكِ كيف أعمل. (أخذ مفكّرة ورسم قامة مع فستان على ورقة بيضاء ثمّ أخذ ورقة أخرى وبسّط القامة وهكذا دواليك من ورقة لأخرى وصولاً إلى رسمة تعبّر عمّا يشبه الإيماء أو ما يشبه الحركة).

في الواقع، غالباً ما ألفّ القماش مباشرةً على عارضة الخياطة لأرى انسداله والنتيجة النهائيّة. أبحث عن الإيماء المثالي الذي لا يحتمل أيّ ثنية مع أقلّ ما يمكن من الدرزات. أريد أن تناسب فساتيني المرأة فتلبسها بطريقة مختلفة على هواها. لهذا السبب على الأرجح لا أنتج حقيبةً ولا حذاءً كي لا أفرض قامة متكاملة. أنا أفضّل السلوك على الأساليب.

 

وكيف يتبع صانعو النماذج تعليماتك؟

في النقابة خانة جديدة لصانعي النماذج وهي ما يُعرف بصانعي النماذج المبدعين. وهنا بالتحديد أوظّف الأشخاص الذين يساعدونني. إنّهم أشخاص يفكّرون بالحجم! في بيروت، يعمل رئيس المحترف معي منذ 15 سنة وهو كذلك صانع نماذج ويفهم عليّ من دون الحاجة لأن أتكلّم. إنّه إنسان رائع إذ يكفي أن أريه الرسمة أو أن أقوم بحركة بيدي حتّى يفهم فوراً ما أريده وينفّذه في وقت قصير وبحركات بسيطة. لقد تعلّم من دون قواعد وهو ليس مبرمجاً بل يترك العنان لمخيّلته ولحسّه الإبداعي.

 

يمكن ملاحظة الحركة في كلّ قصّاتك وفي اختيارك للأقمشة. ببضع كلمات، كيف ترى تطوّرك في المستقبل؟

أريد أن أحافظ على انتعاش المبتدئين، وأن أبقى معاصراً وأتقدّم مع الوقت. بالتأكيد لن يقوم تقدّمي على الاحتفال بالسنوات العشرين الماضية لكنّني أحب عيش المرحلة المقبلة على أنّها بداية حقيقيّة.

 

حاورته ديزيريه صادق

 

المزيد
back to top button