نجحت مواقع التواصل الاجتماعي بوتيرة متسارعة إلى تحويل العالم إلى قرية صغيرة لما تمتلك هذه الوسائل من سرعة الإنتشار والقدرة على خلق رأي عام وتبادل الأفكار والآراء مع الجمهور، إذا اصبحت هذه المواقع هي الإعلام الحديث وأخذت تؤدي دور الصحافة بكل حرفية واتقان، وتظهر سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي على الساحة الاعلامية بشكل واضح حتى أن بعض الصحف الغربية والعربية لجأت إلى تقليص عدد صحفييها وصفحاتها المطبوعة، ومنها من لجأ إلى إغلاق مشروع الصحف الورقية والاكتفاء بالإعلام الاجتماعي الرقمي.
وتوصلت دراسة اجراها معهد رويترز لدراسة الصحافة، شملت 26 بلدًا، الى ان أكثر من 50 في المئة من جميع مستخدمي الانترنت يتوجهون إلى مواقع التواصل الاجتماعي للاطلاع على الأخبار اسبوعيًا، وان اعدادًا متزايدة منهم يقولون ان هذه المواقع هي مصدرهم الرئيس، وفي حين ان الكثير من المؤسسات الاعلامية ارتبطت بـ "فايسبوك" و "غوغل" لتوزيع اخبارها، فان الدراسة تحذر من ان مواقع التواصل الاجتماعي اخذت تصبح وجهات خبرية قائمة بذاتها.
ويتصدر فايسبوك مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار بفارق كبير على المواقع الأخرى، حيث قال 44% ممن شملهم الاستطلاع انهم يستخدمونه للعثور على الأخبار أو قراءتها أو متابعتها أو تشاطرها أو التعليق عليها كل اسبوع. وكما هو متوقع، فإن قراءة الاخبار على الشبكات الاجتماعية واسعة الانتشار بين الشباب، فقد قال 28% منهم انها مصدرهم الرئيس، مقابل 24 في المئة اشاروا الى التلفزيون بوصفه المصدر الرئيس.
وعموما تتراجع أهمية التلفزيون بوصفه مصدرا للأخبار، حيث قال الأشخاص من جميع الفئات العمرية دون سن 45، ان مصادر الانترنت أهم من مصادر قنوات البث.
السرعة وغياب المصداقية
يقول الصحافي محمد الشناوي، " قبل 5 سنوات تقريباً وعندما بدأت السوشيال ميديا الظهور بشكل ملحوظ في الوسط الإعلامي، الكل تفاجئ بهذه القنوات، واعتبرها بأنها وسيلة من المستحيل أن تؤدي دور الصحافة، ولكن سرعان ما بدأت هذه الوسائل بالإنتشار، وبالفعل أخذت مكان الصحافة الورقية والإلكترونية أيضاً، فاليوم لم يعد للصحافة الورقية قيمة بالمقارنة مع السوشيال ميديا التي تعتمد على السرعة في نشر الخبر بالصوت والصورة".
ويضيف الشناوي: " رغم تفوق السوشيال ميديا إلا أن للصحافة الورقية جمهورها وقراءها، الذين يبحثون عن ما وراء الخبر، والحصول على المعلومات الدقيقية والتحليلية، فالسوشيال ميديا هي أقرب لنقل الخبر فور وقوعه، ولكنها في بعض الأحيان تخفق من ناحية مصداقية الخبر وكذلك تزويد المتابع بالتفاصيل الوافيه".
الصحافة للجميع
من جانبه، أكد الصحافي أسامة الرنة، أن مستقبل الصحافة سوف ينحصر على الصحافة الرقمية والسوشيال ميديا وستكون الأخيرة هي المساعد الأول للصحافة الالكترونية، ويقول: " مع تسارع وتيرة التطور الإلكتروني في العام، بدأت الصحافة الورقية في الاندثار، لتحل مكانها الصحافة الالكترونية والسوشال ميديا، فالعالم اليوم في سباق مستمر ويبحث عن المعلومه السريعة والسهلة، وليس هذا فحسب ولكن سوف تتربع السوشيال ميديا على قائمة وسائل الإعلام وسوف تتفوق على التلفزيون وكذلك على الإذاعة المسموعة".
ويشير الرنة إلى التكنولوجيا الحديثة جعلت كل إنسان يستخدم هاتف نقال ذكي هو صحفي ويستطيع أن يؤدي دور المراسل والكاتب ويؤثر على الرأي العام في المجتمع، وهذا يتضح بشكل كبير في "تويتر" التي يسيطر عليها أسماء من الكتاب والمحللين في مختلف المجالات، ولهم متابعين يوفق 100 ألف متابع، يتسطيعون أن يؤثروا على الرأي العام بسهولة، حتى أن بعض من تغريداتهم أصبحت تنشر كأخبار في الصحف المطبوعة.
ويدعو الرنة وسائل الإعلام إلى ضرورة مواكبة ركب التطور التكنولوجي، والعمل على تفعيل قنوات التواصل الاجتماعي، مسايرة التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها لخدمة الصحافة.
من جانبها، أكدت الصحافية رندا جرجس، أن قنوات السوشيال ميديا أصبح لها أهمية وانتشار كبير على الساحة الإعلامية، ولكن تبقى الصحافة الورقية هي الأساس والمرجع الأول، وتقول: " نستطيع القول أن السوشيال ميديا هي أدوات مساعدة للصحافة الورقية والإلكترونية، ولكن من المستحيل أن تحل مكانها، لما تتميز به الصحافة الورقية من قيمة تتمثل في مصداقية المعلومات، والتحليل الخبري للأحداث عدا عن التغطيات الشاملة والحوارات المنوعة وغيرها". وتشير جرجس إلى أن جمهور السوشيال ميديا هم من فئة الشباب والمراهقين، في حين أن الصحافة الورقية مازالت تحتفظ بجمهورها وهم من جميع فئات المجتمع.
تحقيق رنا إبراهيم